جاء من المجلس الاسلامي للافتاء في الداخل الفلسطيني البيان التالي:
الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد المبعوث رحمةً للعالمين ، وبعد :
توجهت إلينا الهيئة الإسلامية المنتخبة في مدينة يافا بخصوص استصدار فتوى حول قدسية المقبرة وهل تزول هذه القدسية بتقادم الأعوام أم هي باقية على الدّوام ؟ وما هي الحالات التّي يجوز نبش المقبرة فيها ؟
وبناءً عليه نقول ، وبالله التّوفيق :
قدسية المقبرة باقية على التأبيد ولا يجوز لأحد أن ينبشها ولو دُرِسَت المقبرة مع تقادم الأعوام ولم يبق شيء من رفات وعظام الأموات .
وذلك لأنّ الاعتداء على حرمة الميّت كالاعتداء على حرمة الحيّ ، فقد روى الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: (كَسْرُ عَظْمِ المَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا) .
قال الحافظ ابن حجر في شرحه لهذا الحديث: "يستفاد منه أنّ حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته" ، وقال الإمام الطيبي: "إشارة إلى أنّه لا يهان ميتا، كما لا يهان حيّا".
وقال الإمام الباجي المالكيّ : "يريد أنّ له من الحرمة في حال موته مثل ما له منها حال حياته، وأن كسر عظامه في حال موته يحرم كما يحرم كسرها حال حياته".
لذا يحرم نبش المقبرة وتحويلها لأي غرض أو هدف كان ولو كان الغرض أو الهدف يخدم المصالح الإسلامية العامة .
وما يتناقله العوام من جواز نبش المقبرة المندرسة فهو غير صحيح وإنّما قال به بعض أهل العلم في حالة واحدة وهي : إذا لم يوجد مكان لدفن موتى المسلمين وحصل تيقن بعدم بقاء شيء من أجزاء الميّت ولا بدّ أن يأذن بذلك قاضي الجنة ( أي القاضي العدل ) الذّي عيّنه سلطان المسلمين وشريطة أن يستعمل القبر فقط لدفن مسلم آخر مكانه ، وهذا غير متحقق في مسألتنا نهائياً .
لذا فنبش المقبرة يعتبر جريمة شرعية وأخلاقية وإنسانية بغض النّظر عن الهدف الذّي لأجله يبرّر البعض لنفسه هذا الاعتداء ويجب وجوباً شرعياً محتماً على كل مسلم أن يحافظ على قدسية المقبرة من أن يطالها أي اعتداء أو امتهان .
والله تعالى أعلم
د . مشهور فوّاز محاجنه
رئيس المجلس الإسلامي للافتاء في الدّاخل الفلسطيني
الثلاثاء 30 ذو القعدة 1441 ه
21.7.2020 م
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]