صحيح، افتتحت السنة الدراسية بسلاسة وهدوء وسط آمال وتوقعات، وراحة بالٍ وترحيب، فكل شيء اكتسى حلة جديدة وطُلأت الجدران وتزيّنت المدارس بألوان البهجة والسرور، ولا مجال أمام أحد لتعكير الجو. فالجو صافٍ واللباس زاهـٍ والابتسامة استحكمت الافئدة والوجوه.
ووسط هذا الجو الحالم، نسي الكثير منا أن عملية اجرام وقعت بحق تاريخ هذه المدينة وهويتها، جرمٌ سكتت عنه الأقلام والأفواه، ورُفعت المشاهد عن هذه المدرسة التي أضحت في مهب الماضي المنسي، نعم افتتح العام الدراسي دون وجود لمدرسة الزهراء الابتدائية التي يُصادف اليوم مرور عامين على اغلاقها، ولا مجال أمامنا لاخفاء هذه الفاجعة، فهذه المدرسة خدمت أهالي يافا على مدار تاريخ مضى وخرّجت العلماء والمثقفين والكُتاب والمفكرين، لكن بجرة قلم قررت بلدية تل ابيب طمس هذه المدرسة إلى غير رجعة والقضاء على حقبة تاريخية سطعت في سماء الشرق فأنارته بنور خريجيها.
نعم، افتتحت السنة الدراسية وقد حُذفت من قائمة المدارس بيافا مدرستان (الزهراء الابتدائية، مرساة يافا التكنولوجية)، ولم ينزجع لهذه المصيبة أقلام الكتاب وأصوات الخطباء في المساجد، وصمتت كلمات المثقفين، ولم نسمع شجبٍ ولا استنكار لا من قريب ولا من بعيد، بينما طبّل المطبلون لرئيس البلدية وهو ولا أحد غيره كان وراء اغلاق هذه المدرسة.
وتسابقت الأيام، ومرّ عامان وبقيت مدرسة الزهراء الابتدائية مغلقة بحكم قرار رئيس البلدية، وقد تناسى البعض أن المدينة حُرمت من مدرسة كانت تحتضن أبنائها، وحُرم عشرات المعلمين من مكان عملهم وقد عاشوا فيها حيناً من الدهر.
فكيف لمدينة أن تسكت أمام هذه الجريمة النكراء، فالعالم المتحضر يُسارع لافتتاح مزيد من المدارس، أما في مدينتنا فثمّة من يوافق على اغلاقها!، وها قد طُويت الصفحة ووافق الجميع بسكوتهم وصمتهم على هذا القرار المشؤوم. بأي حق يفعل هذا بالمدينة؟ أين صنّاع القرار ؟وماذا يقول الحكماء؟.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]