مباركٌ هذا الحراك الجماهيري الأسبوعي الذي من خلاله يصرخ أهالي مدينة يافا للمطالبة بحقوقهم بالعيش بكرامة في هذه المدينة، يرفضون من خلاله هذا الظلم الواقع عليهم منذ عشرات السنين، ظلمٌ بدأ منذ عام 1948 وما زال مستمراً بأشكال مختلفة ومتنوّعة ليصل إلى حد مطالبة الأهالي بشراء بيوتهم أو تركها بطريقة إلتفافيّة مقنّنة.
هذه المحاولات من قبل دائرة أراضي اسرائيل وشركة العميدار ليس لها معنى سوى فرض مزيدٍ من التضييق على سكان يافا الأصليين، وأن نكبتنا ما زالت مستمرة حتى عام 2021، لكن ما ينبغي أن يستنهض الضمائر الحيّة في هذه المدينة ويشحذ الهمم، هو استمرار هذه الاحتجاجات وبوتيرة أكبر، لتدوّي أصوات الأهالي على مسامع دائرة أراضي اسرائيل وشركة العميدار في عقر دارهم، لذا يجب أن يستثمر هذا الحراك لتحقيق المكاسب، وأن لا يقتصر هذا الاحتجاج على استمراريته فقط، بل يتوجب علينا الاستفادة من الحراك الشعبي الجبار الذي مارسه سكان يافا خلال مسلسل احتجاجاتهم السابقة في عدّة قضايا.
واذا لم يتم استثمار هذا الالتفاف الجماهيري الكبير ضد شركة عميدار كرافعة لتحقيق مكاسب لصالح قضايا المدينة، فإن هذه الحراكات ستصبح في مهب الريح (صامت الناس وأفطرت على بصلة)، لذا فإن هذه الاحتجاجات يجب أن تستمر وبوتيرة أشمل وأعنف، وضرورة الساعة تقتضي ابتكار وسائل نضالية أخرى، كحراك من نوع آخر يُحقق المكاسب على أرض الواقع.
هذا الالتفاف الجماهيري وهذا الاجماع في ملف السكن لا بد أن يأتي بجديد ليدّب الأمل في نفوس الناس، ويكون وقوداً لمعارك أخرى، بعد أن ينال أهالي مدينة يافا شيئاً ولو يسيراً من حقوقهم في قضاياهم العادلة، والاستفادة من تجارب الماضي القريب، حيث التفت الجماهير اليافية حول قضايا عديدة بجموعها، ولكن على مدار شهور من الاحتجاجات لم يتم استثمار المكاسب التي حققها الحراك الجماهيري في حينه على أرض الواقع، وكأن شيئاً لم يكن، والأمثلة أكثر من أن تُحصر، هو شعور يبعث بالتراخي ويعود بالوبال على أهالي مدينة يافا ويُحطّم الفؤاد ويفتّر العزائم، ويمنح الخصم شهية افتراس الضحية بفرض ملفات ومآسي جديدة سيصعب على الأهالي التصدي لها لكثرتها.
وفي هذه الجولة، لا بد أن يجني أهالي مدينة يافا الثمار، فمن غير المعقول أنه وفي كل جولة احتجاجات لا يُحقق السكان أي نتائج أو مكاسب، وأن هذا الحراك لن يستمر في حال استمرت المدينة بالتعاطي معه بأسلوب روتيني تقليدي.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]