انتهت العملية الإنتخابية للدورة الـ16 للهيئة الإسلامية المنتخبة بيافا، معلنةً مرة أخرى منح الثقة لهذه المؤسسة الجماهيرية من قبل أهالي مدينة يافا. وعلى قدر هذه الثقة الممنوحة تكون حجم المسؤولية الملقاة على إدارتها وعلى مرشحيها الـ 14. فالأيام القادمة لا تُبشر بخير، سيما وأننا نعيش أزمات تأخذ مناحٍ خطيرة عنوانها التهجير والنزوح وعدم الاستقرار.
لم نكن نتوقع هذا الإقبال من أهالي مدينة يافا على صندوق الانتخابات، ولعل مخلّفات الماضي هي التي جعلتنا نتوقع الأسوء. وهذا بحد ذاته درسٌ عظيمٌ يحمل في ثناياه جملة من الأفكار ما زالت تعصف في ضميرنا اليقظ. فالمهمة صعبة، والطريق طويل، والأمل بدا يتبدد أمام حجم التحديات الجسام ، ربما لأننا ضحية ظلم رسمي ممنهج أو لأننا فوّتنا على أنفسنا فرصا كبيرة في مفهوم المجتمع الواحد والجسد الواحد.
ومن منطلق حرصنا على سير حركة التغيير والتجديد نحو مواجهة التحديات فليس أمام المجتمع سوى خمسة أمور لعلها تكون زاداً ونبراساً لإدارة الهيئة الإسلامية القادمة. هي مادة للتفكّر والتأمل نُجدد نحن المجتمع تعهدّنا بمؤازرتها ودعمها حتى يقضي الله في أمرنا قريباً.
1. إننا نتطلع أن نكون صادقين مع أنفسنا أولاً، نسعى نحو درء الخلافات الداخلية في الحلقة الضيقة ومن ثم الحلقة الأوسع على طريق الإخاء والتصالح بين كفاءات المدينة وأصحاب القدرات. وهذا لن يكون إلّا اذا توفرت العزائم وتحققت الإرادات الطيبة والسليمة وتخلى البعض منا عن أسلوبه الفظّ في استخدام عباراته البذيئة في المحافل ومواقع التواصل. وابتعدنا عن أصحاب السوء ممنا يعيثون في المدينة فساداً يبطشون ويُفسدون أينما حلّوا.
2. الإنتماء يبني هوية:
نرى ضرورة تعزيز روح الإنتماء لهذه المدينة. الإنتماء الصادق الذي ينبع من الفطرة السليمة والعقل المستنير. وشعور الإنتماء يُعززه انخراط المجتمع بأفراده، وجماعاته، وكفاءاته، في صناعة التغيير المنشود. وعليه فلا مناص من مشاركة كافة أطياف المدينة في التفكير، والتخطيط والتنفيذ، بما في ذلك مشاركة شريحة الشباب. علمتنا الحياة أن الانتماء يُولد الحبَ. والحبُ يدفع الأفراد دفاعاً نحو الحركة والتغيير.
3. التخطيط المهني والمحكم يجلب الخير- يستشرف الغد:
ندعو إلى التدقيق في ملفات المدينة الساخنة بعقلانية وتفكير، وبحثها بصورة مهنية متناهية. تماماً كما جلبت المدينة على نفسها الخير في تأسيس الهيئة الاسلامية وتشكيل لجنة الوقف. لذا فإننا نتطلع إلى أن تُشكل الهيئة الإسلامية القادمة بصفتها الراعية لأهالي المدينة أطقم مهنية (مجموعة من كفاءات المدينة من مختلف التخصصات) تُقدم خطة أو رؤية تكون خارطة طريق في تعاطي المدينة مع ملفات: السكن، والعنف، والتعليم، والتجارة، والوقف الإسلامي.
4. ندعو إلى مأسسة الهيئة الإسلامية وتعزيز فروعها وتوسيع لجانها المتفرعة، وتأهيل منتسبيها، وإعادة هيكلة المؤسسة، والعمل تحت مظلة العمل المؤسساتي المهني بهدف رفع كفاءة الأداء وتحسين فعاليته. تشكيل فرق عمل من مختلفة التخصصات وتستهدف كافة المجالات بما في ذلك العملية، الاجتماعية والدعوية، وتساهم في اتخاذ القرارات السليمة. مما يجعل العمل مؤسساتياً ومهنياً.
5. المراقبة ضمان وتأكيد:
من المعلوم لدى النظام البشري في العالم أنه بالإمكان الإلتفاف عليه أو هنالك إمكانية الوقوع في أخطاء، فعلى طريق العمل تكمن العطبات. ولذلك شرع الله نظام الرقابة على البشر لعلمه بإمكانية أن يخطئ الإنسان فراداً أو جماعات. فلذلك كانت من أسماء الله "الرقيب".
هنالك ضرورة لمراقبة العمل، لتحسين الأداء ورفع جودته، ومتابعة سير العمل، وتعظيما للمسؤولية، وتفادياً من الوقوع بالمفاسد البشرية والمفاسد الإداريّة.
ندعو الله تعالى التوفيق والفلاح للهيئة الإسلامية القادمة وجزى الله أهالي المدينة كل خير لما قدموه من دعم ومؤازرة لهذه المؤسسة المباركة على أمل أن تحقق المدينة رؤيتها نحو النهوض والرقي.
"والله غالب على امره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"...!
الكاتب: محمود عبيد
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]