اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

قصّة تُسلط الضوء على العنف الأسرى .. مركز أور-نور هنا لمساعدتكم

 
اسمي نيفين (اسم مستعار). ترعرعت في منطقة المثلث لعائلة كبيرة. رغبت دوما في الالتحاق بالتعليم الجامعيّ، ولذا كنت مصّرة امام والديّ على انهاء تعليمي قبل الزواج. وكنت مستعدة للتعرف على زوج، مع اقتراب نهاية دراستي للقب الأوّل. عمل أبي في مصنع، مع الأخ الأكبر لشاب وسيم من مدينة يافا اسمه ماهر. التقت العائلتان، ونحن كذلك: أنا وماهر. أخبرته حينها أن أكثر ما يهمّني هو أن يتيح لي المجال للعمل في مجال تخصصي بعد الزواج. كان يبدو لي شابا جيّدًا ومستقرّا، وعليه تمّت الخطوبة. 
 
استمرت فترة الخطوبة عدة شهور، كان خلالها مهتمّا بي إلى حدّ بعيد، بالاضافة الى رومانسيته البارزة. كان شابًا ذي آراء ثابتة، وشعرت مدى اهتمامه واحترامه لي. أحببته بسرعة، وأردت أن نبدأ حياتنا كزوجين أسرع ما يمكن. ذات مرة سمعني أضحك وأنا أتحدث مع شاب على الهاتف، بدأت تراوده الشكوك، وكانت نظراته لي مرعبة، لكنّه سرعان ما هدأ وزال غضبه، عندما أخبرته أنّني كنت أتحدث مع أخي الكبير، وتحدّث هو إليه ليتأكّد من الموضوع. حقيقة، بدا لي الأمر غريبا نوعا ما، لكنّه يظلّ هامشيّا في الوقت نفسه، مقارنةً بهذه الفترة المليئة باللحظات والمناسبات الجميلة. 
 
تزّوجنا بعرس فخم وجميل وانتقلنا للعيش معا في شقّته في يافا. كانت الشّقة جديدة، ولم يرغب ماهر أن أخرج للعمل، قبل ترتيب البيت وتنظيفه تماما. بدا لي الأمر منطقيّا، ورغبت أنا بدوري أن أرتب البيت بشكل يتيح المجال لتربية عائلتنا فيه مستقبلا. كان ماهر، في الأيام الأولى بعد الزّواج، يضحك من كلماتي التي أقولها عندما أسأله عن شيء أو أطلب شيئا، ويقول أنّها الكلمات التي تعلمتها من الجامعة، ولا يهتمّ بما أريده بالفعل. ازعجني الأمر قليلا، لكنّه لم يكن فظيعا إلى حدّ كبير، وظننت أنّه يتصرف على هذا النحو بسبب الضغوطات والمسؤوليات الملقاة عليه كرجل متزوّج. 
 
عندما انتهيت من ترتيب البيت قررت أن أبدأ العمل في مجالي. رفض ماهر الأمر دون أن يفسّر سبب رفضه. انا من ناحيتي لم أتنازل، وذكّرته أنّ ذلك كان اتفاقنا منذ البداية، وأنّني لا اقبل ذلك. كانت تلك أول مرة يعتدي عليّ فيها بالضرب، ضربني وقال لي بأنّني لا أساوي شئيا أمامه، وأنّه صاحب القرار في هذا البيت، وأنّه رجل بما يكفي ليعيل هذه العائلة كلّها، ولذا فهو ليس بحاجة لمساعدتي. شعرت باستغراب وبإهانة. لم يكن هذا ما توقعته عندما حلمت بالزواج وإنجاب الأطفال. لم استوعب أنّه هو ماهر نفسه الذي أعرفه منذ سنة تقريبا. أغلقت الغرفة على نفسي وأنا أبكي بحرقة. دخل ماهر الغرفة واعتذر، أخبرني أنّه لا يعلم ما الذي حدث معه، وأنّ ما حصل بسبب ضغط العمل وليس بسبب شخصيته. لاطفني كما لم يفعل من قبل، ورأيت مدى ندمه على ما فعله، وهذا ما هدّأ من غضبي. 
 
كانت الشهور التي تلت تلك الحادثة، هادئة ولطيفة، وحملت خلال هذه الفترة. سمح لي ماهر أن أبحث عن عمل، بشرط ألّا يزيد مكان العمل عن مسافة كيلو متر واحد عن البيت. لم أجد عمل، لكنّني كنت واثقة من أنّني سأنجح. فكرت بما أنّني استطعت تغيير تفكيره وطباعه، وهو يبدو الآن أكثر هدوءا، فلا بدّ أنّ تصبح حياتي أفضل شيئا فشيئا. قرّرت الابتعاد عن صديقاتي، وعدم مشاركتهن هذه المشاكل، لأنّني خجلت ورفضت الاعتراف أنّ هناك مشكلة ما في علاقتنا الزوجيّة. 
 
وجدت عملا على بعد كيلو مترين من البيت، بعد بحث متواصل. أخبرت ماهر أنّني سأباشر العمل هناك. تغّيرت ملامحه وانقلب مزاجه وضربني. كان غاضبا جدا وصرخ فيّ قائلا بأنّني امرأة بلا أخلاق، غير مطيعة ولا تفهم شيئا. بدأت أبكي، وشعرت بذنب إلى حدّ ما، كوني لم أصغ تماما لما طلبه منّي. بدا هادئا في الأيام التي تلت تلك الحادثة، وأخبرني أن أواصل البحث عن عمل قريب من البيت كما اتفقنا. 
 
لم أنجح في الحصول على عمل بعد فترة طويلة من البحث، وبدأت اشعر بالإحباط. تناقشت مع ماهر عدة مرات حول مسألة المسافة، لكنّه أصرّ بأنّي لا أبذل مجهودا كافيا، ولا احترم طلبه. وصلت النقاشات بيننا حدّ الصراخ. لم أكن مستعدة للتنازل، لأنني كنت ارغب بالعمل في المجال الذي احببته وتعلمته. كان ماهر ينهي النقاش، أحيانا، صارخا بأنّه صاحب القرار، ويهدّدني بتصرف آخر إذا لم أتوقف عن النقاش، وأنّه يتمالك نفسه عن ذلك الآن، لكنّه لن يستطيع ذلك لوقت طويل.  
 
سمع الجيران الصراخ بيننا مرة، وقاموا باستدعاء الشرطة. اعتقلوا ماهر واخذوني أنا للتحقيق. ضُغط عليّ كثيرًا من قبل العائلة كي لا أقدم شكوى، واحترت فيما أفعل. لم ارغب أن يُفتح ملف باسمه في قسم الشرطة. وعدني هو والعائلة أنّ الأمر لن يتكرّر مرة ثانية. وعندها لم أقدّم شكوى. 
 
عاد ماهر بعد الاعتقال إلى البيت، وخلافا لتوقعاتي بأن يكون هادئا، كان أكثر غضبا من قبل. بدأت ترادوه الشكوك بأنّني أقمت علاقات مع رجال آخرين خلال فترة اعتقاله. بدأ يراقبني في مواقع التواصل الاجتماعيّ، كان يأخذ منّي الهاتف ويرى مع مَن أتواصل، ويجري معي تحقيقا قبل خروجي من البيت وبعد عودتي. بدأ يشكّ أنّ الولد ليس ابنه عندما كنت في الشهر الخامس للحمل. حاولت بطرق شتى أن أثبت له أن شكوكه غير صحيحة، وأنّني لم أكن مع رجل آخر أبدا. لكنّه واصل شكوكه وغيرته. صار يتصل بي عندما أكون خارج المنزل، ويطلب منّي أن أصوّر نفسي وأنا في الخارج، لأثبت له مكان تواجدي. تعاونت معه لأنّني اعتقدت أنّ ذلك يمكن أن يخفف شكوكه.
اكتشفت مرة أنّه يراقبني، وهو في العمل، من خلال كاميرا موجودة في البيت. غضبت كثيرا، وبدأت الحديث مع عائلتي حول امكانيات الطلاق منه. لم يدعمني والديّ، وقالا إنّه يحقّ للرجل الاهتمام بزوجته، وأنّ ماهر لا بدّ وأن يهدأ ويتغيّر إذا تنازلت أنا وقلّلت من مواجهتي له. بدأ القلق ينتابني حول مصير ابني عندما يكبر.   
 
ضربني ماهر على بطني، خلال واحدة من خلافاتنا. بدأ دمي ينزف. خفت وتوجّهت إلى المستشفى. سألتني العاملة الاجتماعية في المستشفى عمّا حصل، ولم أستطع أن أخفي الموضوع أكثر. أخبرتها عمّا جرى بيننا في البيت. تمّ اعتقال ماهر لفترة طويلة، ووجّهتني العاملة الاجتماعيّة لعلاج في مركز أور – نور. 
 
لم يكن سهلا علي أن اثق بالعاملة الاجتماعيّة في البداية، ولم أكن متأكدة من رغبتي في الحضور، وماذا يعني أصلا العلاج النفسيّ. اعتقدت أنّ مَن يعانون أمراضا نفسية فقط يحتاجون العلاج، وانا امرأة قويّة وخريجة جامعية، لا أحتاج علاجا كهذا بكلّ تأكيد. واصلت الحضور للمركز، لأنّني شعرت أنّ الامر يساعدني في مشاركة ما أمرّ به مع أحد لا يوجّه لي أيّة انتقادات ولا يلومني. بدأت أشعر مع مرور الوقت أنّني قويّة نفسيّا بما يكفي، ولست متأكدة من رغبتي في البقاء مع ماهر، وتربية ابننا سويّة. وكان مجرد التفكير بالانفصال مرعبا بالنسبة لي. لم تقدّم لي العائلة الدعم المطلوب، ولم أدر كيف سأواجه ابني الذي ربما يتهمني بأنّني السبب لكونه بلا أب. لكنّني شعرت مع الوقت أنّني قادرة على مواجهة الأمر. أخبرت ماهر عند خروجه من السجن، أنّني لا أرغب في الاستمرار معه أكثر، إذا بقيت تصرفاته على هذا النحو. أخبرني بدوره أنّه أدرك الأمر، وأنّه يرغب في التغيير، وأنّه لا يريد تربية ابنه كما ربّاه والداه، في بيت يسوده التوتر الدائم والعنف بين الوالدين. باشر هو كذلك بمرحلة علاج في مركز أور – نور برفقة عامل اجتماعيّ، وبناء عليه قرّرنا أن نكون معا وأن نحاول الحفاظ على علاقة زوجية آمنة وقوية من أجلنا ومن اجل ابننا. لا نزال في هذه المرحلة، لكنّني على ثقة أنّ القادم, مهما يكن, سيكون أفضل من الظروف التي عشناها سابقا. 
 
إذا كنت أنت تتعرّضين كذلك للعنف في علاقتك الزوجيّة، أنت مدعوة للاتصال على الرقم 7246565-03. 
 
مركز أور – نور هو مركز للعلاج والدعم في حالات الخلاف بين الأزواج والعنف داخل الأسرة، تمّ تشغيله في المدينة من قبل وزارة الرفاه وبلدية تل أبيب - يافا. يقدّم المركز تشخيصا، وتقييما لاحتمالات الخطورة وعلاجات للنساء، الرجال فوق سن 18 عاما، والأطفال المتعرّضين للعنف من سكان تل أبيب –يافا، الذين يواجهون آثار العنف المختلفة داخل الأسرة. يقدّم المركز علاجات فرديّة و / أو جماعيّة والتي تستمر لمدة تتراوح بين سنة حتى سنتين وفقا للضرورة.
 
يسبب العنف داخل الأسرة أحيانا، وبأي سياق كان (بين الزوجين، بين الأهل والأولاد، بين الأخوة وتجاه المسنين) ندبات نفسية متواصلة، ويخلق حالات تعرّض حقيقيّة للمخاطرة. يمتلك طاقم المركز من المعالجين والمعالجات تأهيلا وتجربة في العلاج العينيّ وآثار العنف المختلفة داخل الأسرة.   
 
رابط لأكثر معلومات عن ظاهرة العنف الأسري ومركز اور- نور وطرق التوجه اليه: 

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
جميل جدا
مش مهم - 22/11/2021
رد
1
المراه المحترمه تعيش مع زوجها اولا ان يكون يحترمها هي لا تريد الغنى والرفاهيه هي تريد زوج محترم يعمل ليعيلها وان لا تحتاج لاحد غيره وان يكون صادق بكل شيء اما ان يكون شكاك ويحرمها من العمل في مجال هي تعلمته في الجامعه ويوصل في النداله انه يراقبها وهي من بيت محترم هدا بنسبه لي حرام تكمل معه لانها ستعيش معه بتعاسه مدى الحياه الشك والغيره الزايده دمار ثم دمار
مش مهم - 23/11/2021

تعليقات Facebook