اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

اصدار رواية "برتقالة جدتي" الحنين الى يافا للروائي وليد عودة

 
«برتقالة جدتي».. تأخذك هذه العبارة.. إلى البعيد زماناً ومكاناً.. هي برتقالة.. هي شجرة تثير في القلب شجونه.. تثير عاطفة حنين نحو فلسطين الحبيبة.. السليبة.. وللمفارقة.. فقد أضحت الأراضي العربية.. دون إستثناء سليبة.. ان لم تكن سليبة الأرض.. فهي مسلوبة القرار.
 
ومن تحت تلك الشجرة الممتدة جذورها في خلايا أرض يافا.. ومن برتقالها يأتي وميض عباراتها... وتداعيات حكايتها.. حكاية أسرة فلسطينية شاءت الظروف أن تكون كندا موطنا بديلا.. موطن أجسادها.. وأرض فلسطين موئل أرواحها.. والتي في أرضها امتدّت جذورها..
 
رب عائلة.. طبيب ماهر.. وزوجة عملها مدرّسة في إحدى جامعات كندا.. وطفلان لانا وهشام.. بداية الحكاية، فكرة برقت في وجدان لانا أن تكون المدينة المقترح زيارتها في عطلتهم.. مدينة يافا.. «عروس فلسطين».. المدينة التي تحتضن أشجار البرتقال.. والتي منها تنحدر عائلة الأب، و«حيفا» هي المدينة التي تنحدر منها عائلة الأم.. عائلتان تمّ تهجيرهما، كما باقي أهالي فلسطين، قسرا عام 1948. مسافات زمان ومكان تفصل الابنة عن فلسطين.. الابنة المقيمة في كندا.. «لكنني لم أستطع يوماً أن أشعر نحوها بالحنين.. لطالما شعرت أن روحي معلّقة بأرض أخرى لا تمتّ إلى مكان ولادتي بصلة.. وكأنني زهرة اجتثت من حقلها لتُزرع في بيئة غريبة..» [...] كانت متعطّشة الى ذلك البلد الذي نجح والداها في ترسيخ حبّه في قلبها فأصبح معلّقاً بكل ما يمتّ بفلسطين بصلة.
 
وتمضي الحكاية التي أضفى الروائي عليها أجواء إثارة وترقّب. حيث عاشت العائلة مغامرة أثارها هشام.. الذي كشف عن تماهيه مع قضية أبناء وطنه فلسطين, تماهيا كشف عن تعلّقه بأرض أجداده وموئل فؤاده.
 
فقد كانت هناك رغبة ملحّة لدى الأب يوسف الباتع في أن يكحّل عيناه بمرأى سرايا بيدس.. سرايا أمه لجدته.. كما وسكناها، وقد أضحت لدى الإسرائيليين معلماً سياحياً جعلوه فندقاً للنزلاء.. ورغم ذلك فقد كانت تفاصيلها مزروعة في وجدان يوسف الباتع.. «كل حجر في تلك السرايا قادر على التعرّف علينا نحن، برتقالة جدتي السامقة زرعها جدي قبل أن تقام تل أبيب.. واسمحوا لي ان أشرد بذهني وأسرح في خيالي وأدخل قصر جدي بروحي ووجداني مثل الفاتحين»
 
تنفتح المشاهد، وبعد وصول العائلة إلى يافا، على سلسلة من الأحداث.. ويبرز المشهد الأهم مع تلك الشجرة التي مثّلت لغزاً وبالتالي شكّلت محور الرواية.. فبعد وصول العائلة إلى تلك السرايا.. قررت لانا الجلوس في ظلّ تلك الشجرة التي تحادثها.. «مرَّت نسمة منعشة داعبت أوراق الشجر فهمست مرحّبة في حبور [..] ليتبدّل حالها ومع تركيزها على أحد أركان الحديقة ومع رؤية جسم غريب بيضاوي.. لتندّ عنها صرخة.. ولتميّز من ثم جسد شاب نحيل رفع رأسه الذي كان يدسّه بين ساقيه وهو يجلس القرفصاء وقد تكوّم على نفسه «انني ميتزينا» نطق الشاب بالعبرية»[..]
 
تنطلق الأحداث مشكّلة مناخات إثارة وترقّب.. مع بروز شخصية هشام الذي رسم خطة مع أصحابه للمضي معهم دون اخبار أحد إلى القدس للمشاركة في الاعتصام والمظاهرة ضد قوات الاحتلال، بالقرب من ساحة المسجد الأقصى. مضى هشام وأصدقاؤه بصمت رغم كل الصعوبات.. لم يخبرنا هشام بخطّته وعزمه على الانضمام الى الحشود التي قَدِمتْ من مختلف المناطق الفلسطينية لنصرة العائلات في حيّ الشيخ الجراح [...] يفاجئ الروائي القارئ بمبادرة «ميتزينا أو شلومو» الذي كان يأوي دائما إلى ظل شجرة البرتقال، محتمياً من غدر قوات الاحتلال.. ورغم انحداره من عائلة يهودية.. إلّا ان الكاتب يصوّر أن انتمائه كان لفلسطين وأهلها.. كيف لا وقد كانت له اليد الطولى في إنقاذ هشام ومساعدة أهله في الوصول إليه.. ويكون ثمن ذلك اختطافه. وهنا لا بد من التوقف ليتابع القارئ سيرورة اختطافه، والأحداث التي رافقته والواقفون وراء ذلك الاختطاف..
 
حبكة روائية ومناخات مثيرة.. والروائي بين هذا وذاك يمضي مع عباراته.. أو هي تمضي به.. مشحونة بالحب حيناً وبالألم أحياناً.. معبّرة عن وجع الفلسطينيين.. وأرضه ما تزال مسلوبة منه.. ولسان حاله يرثي نفسه بعيداً عن أرضه: «يعزّ علينا أن تعود رفوف الطيور ونحن هنا»
 
(الرواية صادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون)
 

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

تعليقات Facebook