ما زال موقع يافا 48 مستمر معكم في نشر مختارات من أجمل القصائد، مع مقاطع جوية رائعة لمدينة يافا، وهذه المرة نستمع لقصيدة "أَما لِجَميلٍ عِندَكُنَّ ثَوابُ" للشاعر الكبير أبو فراس الحمداني، والتي يقول فيها:
*أمَا لِجَمِيلٍ عِنْدَكُنّ ثَوَابُ
وَلا لِمُسِيء عِنْدَكُنّ مَتَابُ*
*لَقَد ضَلّ مَنْ تَحوِي هوَاهُ خَرِيدة ٌ،
و قدْ ذلَّ منْ تقضي عليهِ كعابُ*
*و لكنني - والحمدُ للهِ - حازمٌ
أعزُّ إذا ذلتْ لهنَّ رقابُ*
*وَلا تَمْلِكُ الحَسْنَاءُ قَلْبيَ كُلّهُ
و إنْ شملتها رقة ٌ وشبابُ*
*وَأجرِي فلا أُعطي الهوَى فضْلَ مقوَدي،
وَأهْفُو وَلا يَخْفَى عَلَيّ صَوَابُ*
*إذا الخِلّ لَمْ يَهْجُرْكَ إلاّ مَلالَة ً،
فليسَ لهُ إلا الفراقَ عتابُ*
*إذَا لَمْ أجِدْ مِنْ خُلّة ٍ ما أُرِيدُهُ
فعندي لأخرى عزمة ٌ وركابُ*
*وَلَيْسَ فرَاقٌ ما استَطَعتُ، فإن يكُن
فراقٌ على حالٍ فليسَ إيابُ*
*صبورٌ ولوْ لمْ تبقَ مني بقية ٌ
قؤولٌ ولوْ أنَّ السيوفَ جوابُ*
*وَقُورٌ وأحْدَاثُ الزّمَانِ تَنُوشُني،
وَفي كُلّ يَوْمٍ لَفْتَة ٌ وَخِطَابُ*
*وَألْحَظُ أحْوَالَ الزّمَانِ بِمُقْلَة ٍ
بها الصدقُ صدقٌ والكذابُ كذابُ*
*بِمَنْ يَثِقُ الإنْسَانُ فِيمَا يَنُوبُهُ
وَمِنْ أينَ للحُرّ الكَرِيمِ صِحَابُ؟*
*وَقَدْ صَارَ هَذَا النّاسُ إلاّ أقَلَّهُمْ
ذئاباً على أجسادهنَّ ثيابُ*
*تغابيتُ عنْ قومي فظنوا غباوة ً
مَفْرِقِ أغْبَانَا حَصى ً وَتُرَابُ*
*وَلَوْ عَرَفُوني حَقّ مَعْرِفَتي بهِم،
إذاً عَلِمُوا أني شَهِدْتُ وَغَابُوا*
*وَمَا كُلّ فَعّالٍ يُجَازَى بِفِعْلِهِ،
و لا كلِّ قوالٍ لديَّ يجابُ*
*وَرُبّ كَلامٍ مَرّ فَوْقَ مَسَامِعي
إلى الله أشْكُو أنّنَا بِمَنَازِلٍ*
*تحكمُ في آسادهنَّ كلابُ
تَمُرّ اللّيَالي لَيْسَ للنّفْعِ مَوْضِعٌ*
*لديَّ ، ولا للمعتفينَ جنابُ
وَلا شُدّ لي سَرْجٌ عَلى ظَهْرِ سَابحٍ،*
*ولا ضُرِبَتْ لي بِالعَرَاءِ قِبَابُ
و لا برقتْ لي في اللقاءِ قواطعٌ*
*وَلا لَمَعَتْ لي في الحُرُوبِ حِرَابُ
ستذكرُ أيامي " نميرٌ" و" عامرٌ"*
*و" كعبٌ " على علاتها و" كلابُ "
أنا الجارُ لا زادي بطيءٌ عليهمُ*
*وَلا دُونَ مَالي لِلْحَوَادِثِ بَابُ
وَلا أطْلُبُ العَوْرَاءَ مِنْهُمْ أُصِيبُهَا،*
*وَلا عَوْرَتي للطّالِبِينَ تُصَابُ
وَأسْطُو وَحُبّي ثَابِتٌ في صُدورِهِمْ*
*وَأحلُمُ عَنْ جُهّالِهِمْ وَأُهَابُ
بَني عَمّنا ما يَصْنعُ السّيفُ في الوَغى*
*إذا فلَّ منهُ مضربٌ وذبابُ ؟
شِدَادٌ عَلى غَيْرِ الهَوَانِ صِلابُ*
*بَني عَمّنَا نَحْنُ السّوَاعِدُ والظُّبَى
ويوشكُ يوماً أنْ يكونَ ضرابُ*
*حَرِيّونَ أنْ يُقْضَى لَهُمْ وَيُهَابُوا
فَعَنْ أيّ عُذْرٍ إنْ دُعُوا وَدُعِيتُمُ*
*أبَيْتُمْ، بَني أعمَامِنا، وأجَابُوا؟
وَمَا أدّعي، ما يَعْلَمُ الله غَيْرَهُ*
*رحابُ " عليٍّ " للعفاة ِ رحابُ
و أفعالهُ للراغبين َ كريمة ٌ*
*و أموالهُ للطالبينَ نهابُ
و لكنْ نبا منهُ بكفي صارمٌ*
*و أظلمُ في عينيَّ منهُ شهابُ
وَأبطَأ عَنّي، وَالمَنَايَا سَرِيعة ٌ،*
*وَلِلْمَوْتِ ظُفْرٌ قَدْ أطَلّ وَنَابُ
و لا نسبٌ بينَ الرجالِ قرابُ*
*فأَحْوَطَ لِلإسْلامِ أنْ لا يُضِيعَني
و لي عنهُ فيهِ حوطة ٌ ومنابُ*
*ولكنني راضٍ على كل حالة ٍ
ليعلمَ أيُّ الحالتينِ سرابُ*
*و ما زلتُ أرضى بالقليلِ محبة ً
لديهِ وما دونَ الكثيرِ حجابُ*
*وَأطلُبُ إبْقَاءً عَلى الوُدّ أرْضَهُ،
و ذكرى منى ً في غيرها وطلابُ*
*كذاكَ الوِدادُ المحضُ لا يُرْتَجى لَهُ
ثوابٌ ولا يخشى عليهِ عقابُ*
*وَقد كنتُ أخشَى الهجرَ والشملُ جامعٌ
و في كلِّ يومٍ لقية ٌ وخطابُ*
*فكيفَ وفيما بيننا ملكُ قيصرٍ
وَللبَحْرِ حَوْلي زَخْرَة ٌ وَعُبَابُ*
*أمنْ بعدِ بذلِ النفسِ فيما تريدهُ
أُثَابُ بِمُرّ العَتْبِ حِينَ أُثَابُ؟*
*فَلَيْتَكَ تَحْلُو، وَالحَيَاة ُ مَرِيرَة ٌ،
وَلَيْتَكَ تَرْضَى وَالأَنَامُ غِضَابُ*
*وَلَيْتَ الّذي بَيْني وَبَيْنَكَ عَامِرٌ
و بيني وبينَ العالمينَ خرابُ*
*إذا نلت منك الزد فالكل هين
زكل الذي فوق التراب تراب*
*فياليت شربي من ودادك صافياً
وشربي من ماء الفرات سراب*
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]