اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

غزة الصابرة مأساة العصر .. الشيخ رائد صلاح

 
هل تعلمون أرضًا زرعوا سماءها طائرات حربية وطائرات مسيرة منذ عام، ولا تزال هذه الطائرات تقصف هذه الأرض على مدار هذا العام بليله ونهاره وصيفه وشتائه بلا توقف؟!، هل تدرون من هي هذه الأرض؟!، إنها غزة الصابرة مأساة العصر.
 
هل تعلمون أرضًا اجتمعت عليها الأسلحة الأمريكية والفرنسية والألمانية والإيطالية والبريطانية والكندية منذ عام، تبغي حرق هذه الأرض حتى تستحيل الحياة فيها، وتصبح عاقرًا، بحيث أنه لا يمكن لنبات أن ينمو فيها على مدار سنوات طويلة قادمة؟!، هل تدرون من هي هذه الأرض؟!، إنها غزة الصابرة مأساة العصر.
 
هل تعلمون أرضًا اجتمعت عليها كل المخابرات الأمريكية والفرنسية والألمانية والإيطالية والبريطانية والكندية ومخابرات أخرى لا نعلمها منذ عام وأجلبت كل هذه المخابرات على هذه الأرض بكل ما تملك من وسائل تجسس حديثة بداية من أجهزة التنصت ووصولًا إلى أقمار التجسس الاصطناعية بهدف مراقبة دبيب النمل وتحليق الطيور وزحف الزواحف وسير الدواب وخطا البشر على هذه الأرض ثم إخضاع كل هذه المخلوقات لحكم إعدامها؟!، هل تدرون من هي هذه الأرض؟!، إنها غزة الصابرة مأساة العصر.
 
هل تعلمون أرضًا أستباحت الأسلحة الأمريكية ومن دار في فلكها تدمير 85% مما أقيم عليها من جامعات ومدارس تدميرًا كليًا أو جزئيًا؟!، هل تدرون من هي هذه الأرض؟!، إنها غزة الصابرة مأساة العصر.
 
هل تعلمون أرضًا أستباحت الأسلحة الأمريكية ومن دار في فلكها منذ عام تدمير (609 مسجد) تدميرًا كليًا، وتدمير (211 مسجد) تدميرًا جزئيًا من ضمن مساجدها التي أقيمت عليها، إلى جانب تدمير ثلاث كنائس تدميرًا كليًا من ضمن كنائسها التي أقيمت عليها؟!، هل تدرون من هي هذه الأرض؟!، إنها غزة مأساة العصر.
 
هل تعلمون أرضًا قتلت الأسلحة الأمريكية ومن دار في فلكها منذ عام أكثر من خمسين ألف من أهلها وجرحت منهم أكثر من مائة ألف، مع لفت الانتباه أن 60% من هؤلاء الضحايا هم من الأطفال والنساء والشيوخ العُجز والعجائز؟!، هل تدرون من هي هذه الأرض؟! إنها غزة مأساة العصر.
 
هل تعلمون أرضًا دمرت الأسلحة الأمريكية ومن دار في فلكها منذ عام بنية مجتمعها المنزرع فيها، ومزّقت نسيج المدن التي قامت عليها، بل ومزقت نسيج الحارات في كل مدينة من هذه المدن، بل ومزّقت نسيج الحمائل والبيوت في كل حارة من هذه الحارات مما أجبر 90% من أهل هذه المدن أن يهجروا حاراتهم وبيوتهم ويعانوا من تفكيك روابطهم الاجتماعية في دائرة الحمولة الواحدة، والجيرة الواحدة والأسرة الواحدة؟!، هل تدرون من هي هذه الأرض؟! إنها غزة الصابرة مأساة العصر.
 
هل تعلمون أرضًا دمرت الأسلحة الأمريكية ومن دار في فلكها مستشفياتها تدميرًا كليًا أو جزئيًا، بل وحوصرت بقايا هذه المستشفيات بلغة القهر المستمدة من هذه الأسلحة، وَمُنع عن بقايا هذه المستشفيات الدواء، وبات مرضى هذه البقايا من هذه المستشفيات يأنّون ألمًا وعيون أطبائهم تنظر إليهم بحسرة، ولا تدري كيف تخفف عنهم آلامهم، بل وبات بعض هؤلاء المرضى يموتون بسبب فقدان الدواء، وباتت الأمراض تطل برأسها ويزداد انتشارها في جيل الطفولة بسبب ندرة الدواء؟!، هل تدرون من هي هذه الأرض؟! إنها غزة مأساة العصر.
 
هل تعلمون أرضًا حورب أهلها المنزرعون فيها بلغة الجوع والعطش فَمُنِع عنهم الغذاء والماء حتى اضطرتهم المسغبة التي حلت عليهم أن يأكلوا مما تُنبت الأرض من نباتاتها البرية كالخُبيزة وأخواتها، وحتى اضطرهم الظمأ الشديد أن يشربوا من ماء البحر الأجاج، وبات بعض هؤلاء المنزرعين في هذه الأرض يتساقطون موتى في خيام التهجير لانعدام أقل القليل من الطعام الذي لو وُجد لحفظ حياتهم، حتى لو ظلوا جلودًا على عظام تجري فيها الروح؟!، هل تدرون من هي هذه الأرض؟!، إنها غزة مأساة العصر.
 
هل تعلمون أرضًا أقيمت عليها عشرات آلاف البيوت ذات الطوابق العالية التي قد تزيد على العشرين ثم دمرت الأسلحة الأمريكية ومن دار في فلكها الكثير من هذه البيوت وأهلها نيام فيها، فأصبح هؤلاء الأهل مدفونين تحت أنقاض هذه البيوت، ولا يزالون في عداد المفقودين منذ قرابة العام، ولا يعرف أحد عددهم الدقيق، وقد يزيد عددهم على العشرين ألف، ولعل أجسادهم قد تحللت ولم يبق منها إلا الجماجم والعظام؟!، هل تدرون من هي هذه الأرض؟!، إنها غزة مأساة العصر.
 
هل تعلمون أرضًا تناثر ضحاياها من الأطفال والنساء والشيوخ والعجائز على حافة الطرقات ولم يستطع أحد أن يقترب منهم ليقوم بإكرامهم بمعنى دفنهم لأن إكرام الميت دفنه، وظلوا على ذاك الحال، وكلما حاول أحدهم أن يقترب منهم كان رصاص الأسلحة الأمريكية ومن دار في فلكها يُرديه قتيلًا، وطال الوقت على تلك الضحايا المتناثرة حتى اعتدت عليها الكلاب الضالة ونهشت بعض أطرافها؟!، هل تدرون من هي هذه الأرض؟!، إنها غزة مأساة العصر.
 
هل تعلمون أرضًا عجزت هيئة الأمم المتحدة بقدها وقديدها أن تمدها بقطرة ماء ولا بكسرة خبز ولا بحبة دواء ولا بكسوة رضيع على مدار عام، وعجزت الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي أن تنزل عليها ساعة طمأنينة منذ عام، وكانت هذه الأرض ولا تزال هي وسائر المنزرعين فيها من رجال ونساء وكبار وصغار يصيحون: أين الضمير الحي؟!، أين الإنسانية؟!، أين العدالة؟!، أين كرامة الإنسان؟!، أين حقوق الإنسان؟!، أين النخوة العروبية؟!، أين الأخوة الإسلامية؟!، ولكن لا مُجيب وكأن الأرض باتت مهجورة لا إنس فيها ولا جان !!، هل تدرون من هي هذه الأرض؟!، إنها غزة مأساة العصر.
 
هل تعلمون أرضًا لا تزال مأساتها الإنسانية تُنقل منذ عام بالبث المباشر عالميًا، ولا تزال ملامح الإبادة الجماعية التي ر بَضت عليها منذ عام تُنقل بالبث المباشر عالميًا، ولا تزال مشاهد الجنائز والصلاة على ضحاياها تتواصل وتُنقل منذ عام بالبث المباشر عالميًا، ولا تزال لعلعة المدافع وانفجارات الصواريخ التي لا تزال تقع عليها كوقع المطر منذ عام، تُنقل بالبث المباشر عالميًا، ولا تزال صورة رضّعها الذين أضناهم الجوع منذ عام حتى أصبحوا كالهياكل العظمية تُنقل بالبث المباشر عالميًا، هل تدرون من هي هذه الأرض؟!، إنها غزة مأساة العصر.
 
هل تدرون أرضًا اجتمعت فيها كل أسباب الموت في اللحظة نفسها، فقد يموت المنزرع بهذه الأرض رميًا بالرصاص، أو قصفًا بالصواريخ والمدافع وقد يموت جوعًا لأنه ما وجد كسرة خبز ولا قطرة ماء، وقد يموت موجوعًا بعد أن أنهكه المرض وأصابته عدوى الجراثيم وَحُمّى النيل والأمراض التي كانت نائمة ثم استيقظت أو بسبب الأطعمة الفاسدة الملغومة التي وصلته على هيئة إغاثة إنسانية تحمل السم الزعاف، وقد يموت كمدًا على مشهد كل أسرته الذين باتوا مفقودين تحت الأنقاض، وما عادت هناك زوج ولا أبناء ولا بنات؟!، هل تدرون من هي هذه الأرض؟!، إنها غزة مأساة العصر.
 
هل تعلمون أرضًا هزّت كل أهل الأرض كأنهم دمية بيدها، وضربت على كل باب في الأرض كأنه دف بيدها، وأخرجت العواتق يولولن على حالها من كل خدور الأرض، وأنطقت كل أهل الأرض بكل لغاتهم راثين جائحتها، ودفعت الناس يسيرون بالملايين في كل قارات الدنيا غاضبين لها، ومع ذلك استفحلت فاجعة هذه الأرض وازدادت يومًا بعد يوم زيادة فلكية، واشتد صراخ أيتامها وأراملها وثكلاها وسائر معذبيها ليلًا بعد ليل، ونهارًا بعد نهار، وصيفًا بعص صيف، وشتاءً بعد شتاء؟!، عل تدرون من هي هذه الأرض؟!، إنها غزة مأساة العصر.
 
هل تعلمون أرضًا أنستنا ويلاتها ويلات حملات الصليبيين، وويلات زحوف التتار، وويلات الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، وويلات حرب فيتنام، وويلات غزو العراق وأفغانستان، وويلات معاناة البوسنة والهرسك، وجمهورية الشيشان وجرح ألبانيا وكارثة كوسوفا والمؤامرة على الربيع العربي؟!، هل تدرون من هي هذه الأرض؟!، إنها غزة مأساة العصر.
 
هل تعلمون أرضًا أنسانا صبرها صبر كل الصابرين، حتى عجز الصبر عن صبرها، وحتى علم الصبر أنها صابرة على ما هو أمر من الصبر؟!، هل تدرون من هي هذه الأرض؟!، إنها غزة مأساة العصر.
 

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

تعليقات Facebook