اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

مقال "أيها الإيرانيون، نحنُ نُحبقُم" - بقلم: شيخة حليوى

 
"إذا المحبّة نادتكم فاتبعوها"...لا أظنُّ أنّ جبران كان سيجدُ ما يُجسّدُ مقولته هذه أفضل من حافلةٍ إسرائيليّة تقطعُ شوارع يافا المكتظّة دوما، يغطي هيكلها المعدنيّ شعارٌ عملاق...
 
أيّها الإيرانيون، نحنُ نحبّكم. ابتسامة بعرض الحافلة، ودعوة معلنةٌ للحبّ.
 
زحمة الشارع والحرّ الشديد، وواجباتٌ منزليّة تنتظرني لا تعفيني منها "قدسيّة العمل التربويّ" ومقارعة مراهقين يعتبرون المتنبّي "فاضي أشغال" وإرثه الأدبيّ " كلام فاضي"، كلّ ذاك غطّى عليه إعلانٌ متحركٌ...دعوة نقّالة للمحبّة. لا شكّ أنّ جبران يتقلّبُ في لحدهِ، تجارةٌ رخيصة هذه المحبّة، رخيصة كثمن تذكرة ركوب الحافلة بين طرفي المدينة، إنّه تصريحٌ صريحٌ بالحبّ، تذكّرتُ شابا مراهقًا صرّح بحبه لحبيبته في يافطة حملتها مروحيّة تجوبُ سماء المكان، ضحكتُ للمفارقة.
 
ليس من عادة إسرائيل أنْ "تعلنَ الحبَّ" على دولة ما أو شعبٍ ما...منذ قامتْ وهي لا تعلنُ سوى الحرب (بفارق حرف تخفيه كإجراء احتياطيّ..) والموت – ليس حبّا كتعبير مجازيّ- فمقبرة يافا ومساجدها وجدران بيوتها تشهد على إعلان الموت حبّا، تحت شعار "الموت للعرب "...هذا الإعلان المشبوه المتنقّل لا ينطلي إلا على...حافلة!
 
كلُ وسائل الإعلام الإسرائيليّة تُغذّي نفسها ليل نهار بالحديث عن الشرّ الإيرانيّ، التخلّف الفارسيّ، آخر التطوّرات في مفاعل قُم، توقيت الضربة العسكريّة، ضرورة الضربة العسكريّة...تصفيات سرّيّة ومعلنة لعلماء إيرانيين...وحافلة تجوبُ يافا تُعلنَ الح(ر)بَّ على الإيرانيين.
 
تذكّرتُ مقالا قرأته قبل يومين في جريدة عبريّة لمفكّر إسرائيليّ – ميرون بنبنيشتي- يقول فيها" نحنُ الإسرائيليين ورثنا عن أجدادنا كراهيّة الغريب، ومزجناها بكراهية الآخر هنا في البلاد. ما يميّزنا كمجموعة هو الكراهيّة العرقيّة، التحقير العرقيّ، التعالي العرقيّ والتوجّس العرقيّ.." وشهدَ شاهدٌ من أهله...
 
زحفت سيّارتي بجانب الحافلة، دقّقتُ النظر في الإعلان بحثا عن حروف محذوفة أو مقلوبة – كالعادة – وقبل أن تسلك الحافلة شارعا فرعيّا بدا العنوان أكثر وضوحا، أيّها الإيرانيون، نحنُ نحبّقُم.
 

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
مقال "أيها الإيرانيون، نحنُ نُحبقُم" - بقلم: شيخة حليوى مقال "أيها الإيرانيون، نحنُ نُحبكم" - بقلم: شيخة حليوى هنالك غلطة املائية
يافية - 01/02/2015
رد
2
توضيح المقال جاء في أعقاب حملة دعائيّة إسرائيليّة بعنوان " أيّها الإيرانيون نحنُ نحبّكم"، وقد استخدمت تلاعبا لفظيا وتحويرا لغويا، قُم - هي مدينة إيرانيّة مشهورة بمفاعلها النووي الذي يتعرّض للتفتيش دائما، فقلت حقيقة الإسرائيليين الذين لا يحبون الإيرانيين بل يحبّون قُم ويرغبون في السيطرة عليه. أرجو أن أكون قد وضّحت المطلوب.
شيخة - 28/06/2013
رد
3
كل الحترم كلام رائئئع و100% اهنئك يا معلمه على الكلام الموزون بارك الله فيك
ايه - 28/06/2013
رد
4
المقاله كتير كتير رائعه...وطبعا معروف "تملق" اسرائيل لهذا وذاك لكن..اريد ان افهم المعنى من نحبقم..جد حدا يشرحلي
ج - 28/06/2013
رد
5
كلمة حق المقالة على قدر ما أعجبني صقلها وكلماتها وفكرتها .... لغتها ،ومستواها التعبيري والعاطفي مزيدا عن هذا المستوى الرفيع وهذه الكتابات العملاقة إلى الامام
فوزي - 28/06/2013
رد

تعليقات Facebook