اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

"أم كلثوم"... في الجولان" بقلم: شيخة حليوى

 

 
لم تثمر رحلة البحث عن "أم كلثوم" في هضبة الجولان وتعرّجاتها سوى الخيبة والغصّة...كنتُ أدندنُ "أمل حياتي" وإذا ب" أروح لمين وأقول يا مين.." تغلب عليها!
 
لم يكن ضباب ذاك اليوم الشتويّ هو السبب، مع أنّه كان كثيفا جدّا، خُيّل إليّ ونحن نتلمّسُ الطريق وسط الضّباب أنّنا وحدنا في المكان، عجبنا لخلو الجولان من الزوّار وهي وجهتهم المفضّلة أيام العطل، ولكن يبدو أنّهم كانوا أكثر حكمة إذ تجنّبوا طقس ذاك اليوم، وحدنا في المكان، لا شيء إلا وجه بغيض للاحتلال...أطلالُ بيت سوريّ كُتبَ على حائطه اليتيم" الجولان ميراث أجدادنا"!
 
آثرتُ الصّمت في السيّارة إلاّ من بعض كلمات وقد ورّطت زوجي في رحلة بحثٍ عبثيّة عن "سبق تاريخيّ" سبقتنا إليه المالكة اليهوديّة التي استأجرنا عندها كوخا ريفيّا في غاية الجمال والروعة. (كيف فاتنا أنّ أم كلثوم غنّت في الجولان!!!؟) لا تنفكّ تثرثر وهي تشرح لنا عن المكان وعن أكواخها الأربعة وعن ابنائها الخمسة، وعن المناظر الطبيعيّة الخلاّبة التي تحتضنُ "أرضها".
 
" أفضّلُ الزوّار من وسطكم، أقصد الوسط العربيّ، إنّهم مؤدّبون ولا يتذمّرون"
"نرضى بالقليل تقصدين؟" قُلتُ
" لا، حاشا لله، أقصد ليسوا بوقاحة اليهود، لا يعجبهم شيء"
(وافقتها الرأي، وقحٌ هو من يسرق بيتا ويكتب عليه هذا ميراثُ جدّي، وقحٌ جدّا!)
 
" أنصحكم بزيارة " أم القُنْتور"
" أُمْ ماذا؟" تساءلتُ وقد بدا لي الاسمُ عربيّا.
" أُم كُلْتوم، مكانٌ رائع لا تُفوّتوهُ" قالت بثقة تامّة.
وفي محاولة للتخلّص من ثرثرتها قال زوجي:" شكرا لك، اتركي لنا الدليل السياحيّ وسنزوره حتما غدا".
 
توقّفنا في جانب الطريق نبحثُ في الدليل السياحيّ عن "موقع أم كلثوم"، وهناك بدت الصّورة أكثر وضوحا، أقلّه أكثر وضوحا من الطريق المتعرّجة الضبابيّة المسلوبة.
 
" أم القناطِر – أم الأقواس هي قرية عربيّة بُنيتْ على أطلالِ قرية يهوديّة يعود عهدها إلى التلمود، (لا اسم لها في ذاك العهد...!)سميّت بهذا الاسم ( العربيّ!) بسبب الأقواس الحجريّة التي شيّدت فوق عين الماء، في المكان أطلالُ كنيسٍ يهوديّ، ننصحكم بزيارته".
 
 بعضُ المعلومات التي يوفّرها الدليل للسائح "الغشيم" تاريخيّا وحضاريّا...ولغويّا!
 
لا أم كلثوم ولا يحزنون! إنّها مجرّد "تطوّر لغويّ" أو "تشوّه لغويّ" لا فرق، ما دامت أم كلثوم لم تطأ أرض الجولان!
 
مررنا بمكانٍ اسمه" تل السّاقي"، آثرنا التّوقف عنده تعويضا عن خيبتنا لنقع في خيبة أكبر! آلاتُ حربٍ إسرائيليّة قديمة وصدئة ونُصب تذكاريّة وأسماء وصور لجنود إسرائيليّين محفورة على ألواحٍ حجريّة، وألواح أخرى تروي قصّة معركة "تل الساقي".
 
" هنا سقطَ شهيدا الجندي..."
 
"...فليكُن ذكره مباركا"
 
" احترس من الألغام"...
 
لا غضاضة لو أنّ "التطوّر اللغويّ" وصل إلى هنا لتصبح "تل الساقي" تل الباكي أو الشاكي مثلا، على تلك التلة الباردة الموحشة، والتي تشرف على مساحات شاسعة تحتها لا أعرف لماذا خطرت ببالي أم آخر خلفاء العرب في الأندلس وهي تقول له:
 
"ابكِ مثل النساء مُلكا مُضاعا        لم تحافظ عليه مثل الرّجالِ".
 
نزلنا عن تل الساقي – الباكي- الشاكي وسارت بنا السّيّارة نحو " مَسعدة"...
 
لم نحتَج دليلا سياحيّا، كانت مَسْعَدة وأخواتها " اليقين المعقول" الوحيد في رحلتنا العبثيّة.

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
אום קולתום בארק אללה פיקי יא אוחתי עלא הלקלאם תעביר חילו , עלא מעלומאת קיימה. אללה יפתחהא עליקי אינשאללה , זידינא תסלמי קתיר
גולינאר - 03/07/2013
رد

تعليقات Facebook