اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

مقال "شهر التربية" بقلم سعيد سطل "أبو سليمان"

 

 
تعودنا  على الصيام منذ نعومة أظفارنا , مذ كنا أطفالا , وكذلك الصلاة , مروا أولادكم بالصلاة لسبع سنين , لكي يتعود عليها الطفل وتألفها نفسه , كما قال الشاعر : وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه , في مرحلة الطفولة يكفي من الطفل  الشكل دون المضمون , إن أخل الطفل بركن أو شرط من أركان أو شروط العبادة التي يؤديها صلاة كانت أو صياما , لا يوأخذ عليه لأنه ليس مكلف بعد ,  فإذا بلغ الطفل سن الرشد صار موأخذا على الإخلال أو التفريط بالشكل أو المضمون لأي عبادة يؤديها , فصيام العادة يصبح صيام عبادة بحقه وكذلك الصلاة , كثير من المسلمين تطغى عندهم العادة على العبادة , فلا يتجاوز أداء العبادة عندهم الشكل والحركات, دون أن ينتبهوا إلى خطورة الأمر وهو عدم قبولها , فصيام العادة يقبله الله تعالى من الطفل حتى سن التكليف , فإذا بلغ الطفل الحُلُم وجب عليه أداء الصيام عبادة لله وليس عادة , لان عبادة العادة بعد مرحلة الطفولة  مردودة على صاحبها لا يقبلها الله , ما الذي يميّز العبادة عن العادة في الصيام والشكل والأداء واحد. 
 
في كلتا الحالتين إمساك عن الطعام والشراب والجماع ,  كيف لنا أن نميّز بين صيام العادة وصيام العبادة ؟ الأمر في غاية البساطة صيام العادة لا يتعدى الصبر على الجوع والعطش طوال ساعات النهار  أي صيام شكلي فارغ من المضمون والمعنى ,هذا الصيام لا يُحدث تغيرا في العادات والطباع والسلوك , فترى الصائم يخرج من الصيام في نهاية الشهر على الحال الذي دخل فيه  في بدايته , لسان حاله يقول : رمضان ولىّ هاتها يا ساقي       مشتاقةٌ تسعى إلى مشتاقِِ , إن أداء العبادة حركة وشكلا كما هو حال غالبية المسلمين اليوم , يُفقد العبادة معناها وتأثيرها على السلوك, يقول الإمام علي كرم الله وجهه : لا خير في قراءة لا تدبر فيها , ولا خير في عبادة لا فقه فيها , عدم التدبر يفقد القراءة  معناها ونفعها ولذتها , والعبادة التي لا فقه فيها تفقد نفعها وفائدتها وتأثيرها, وفي الحديث من عبد الله على جهالة فكأنما عصاه , ويقول الإمام الشافعي رحمه الله : العبادات معللة بمصالح العباد , أي أن الله تعالى شرعها لمنفعتنا , إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر, والنهي عن الفحشاء والمنكر هو لمنفعة الإنسان. 
 
وفي الحديث من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له , أي صلاته مردودة عليه , وفي الزكاة  خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها , أنت المنتفع  بها وفي الصيام  كُتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون , إذا لم يُنتج الصيام تقوى لدى الصائم فلا جدوى من صيامه , وفي الحديث من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه , فأداء العبادة أداء عادة لا يؤثر ولا يُحدث تغيرا في السلوك , لان عبادة العادة لا تتعدى الحركة والشكل خالية من المعنى والمضمون , فرض الله تعالى علينا الصيام في شهر رمضان ليعيننا على التخلص من  منكرات العادات وسوء الأخلاق , ليعيننا على التغير إلى الأحسن في أمورنا كلها , والتغير يتم من الداخل من القلب  ومن داخل النفس , إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم , العادات والطباع السيئة نحن مطالبون بتغيرها  والله تعالى شرع لنا العبادات لتعيننا على التغير , لتعيننا على تطهير القلب من الكبر والعُجب والحقد والحسد, ولتعيننا على تزكية النفس من الشهوات وإتباع الهوى , وهذا ليس بالأمر السهل هذا يحتاج إلى وقت ومجاهدة , ولعل هذه هي الحكمة من الصيام شهرا كاملا , فمن لم يُحدث الصيام تغيرا في سلوكه وعاداته إلى الأحسن  بعد انقضاء شهر رمضان , فليس له من صيامه إلا الجوع والعطش وليس له من قيامه إلا السهر والتعب.
 
سعيد يطل ابو سليمان   28 / رمضان 1434

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

تعليقات Facebook