اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

مقال بعنوان "كذبة نيسان" - بقلم: الشيخ سليمان سطل


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .

الكذب عمل مرذول وصفة ذميمة، فهو من خصال النفاق ومن شعب الكفر، بل إن الكفر نوع من أنواعه، ، والكذب دليل على ضعة النفس وحقارة الشأن، والكذاب مهين النفس بعيد عن عزتها المحمودة، والكذاب يقلب الحقائق ويقبِّح الحسن ويُحسن القبيح، قال الحبيب المصطفى محذرًا من الكذب: ((وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا)) رواه البخاري ومسلم.

قال الماوردي رحمه الله: "والكذب جماع كل شر وأصل كل ذم؛ لسوء عواقبه وخبث نتائجه؛ لأنه ينتج النميمة، والنميمة تنتج البغضاء، والبغضاء تؤول إلى العداوة، وليس مع العداوة أمن ولا راحة، ولذلك قيل: من قلَّ صدقه قلَّ صديقه". قال مالك بن دينار: "الصدق والكذب يعتركان في القلب حتى يخرج أحدهما صاحبه".

الكذب من قبائح الذنوب وفواحش العيوب، قال الله تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)، وقال سبحانه وتعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا)) متفق عليه، وعن ابن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كان فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)) متفق عليه.
وروى الإمام أحمد قال عليه الصلاة والسلام: ((كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثًا هو لك فيه مصدق وأنت له به كاذب))، وروى الترمذي قال عليه الصلاة والسلام: ((هل يكب الناس في النار على وجههم إلى حصائد ألسنتهم؟!)) فالكذب من أكبر الكبائر وأعظم المحرمات.

ومن مظاهر الكذب الكذب على الله ورسوله ، ولا شك أن من كذب على الله ورسوله أشد وأعظم ذنبًا وأقبح فعلًا ممن كذب على من سوى الله ورسوله، قال تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)، وقال عز وجل: (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ)،  وروى البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار))، فالكذب على الله وعلى رسوله فاحشة عظيمة وموبقة كبيرة، قال تعالى: (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ).

ثانيًا: الكذب في البيع والشراء، روى مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب عظيم)) وذكر منهم: ((المنفِّق سلعته بالحلف الكاذب)).

ثالثا: أخذ مال المسلم عن طريق الحلف الكاذب، وفي هذا يقول صلى الله عليه  وسلم: ((من حلف على يمين بإثم ليقتطع بها مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان)) متفق عليه، وقال عليه الصلاة والسلام : ((من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة وإن كان قضيبًا من أراك)) رواه مسلم.

وهناك أمور يقع فيها الناس ولا يحسبونه كذبا ويتساهلون فيه منها:

أولًا: دعوة الصغير لأخذ شيء وليس مع الداعي شيء، فعن عبد الله بن عامر قال: أتى رسول الله في بيتنا وأنا صبي قال: فذهبت أخرج لألعب، فقالت أمي: يا عبد الله، تعال أعطك، فقال رسول الله: ((وما أردت أن تعطيه؟)) قالت: أعطيه تمرًا، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما إنك لو لم تعطيه شيئًا كُتبت عليك كذبة)). فلينتبه الآباء والأمهات إلى هذا، ولنرب الأبناء على الصدق. وهذا الصحابي الجليل عبد الله بن عامر قد روى لنا بنفسه ما جرى مع أمه حين كان صغيرًا إذ إن الصغير شديد الحفظ لما يسمع والتقليد لما يرى.

ثانيًا: التحدث بالكذب لإضحاك الناس، فعن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ويل للذي يُحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ويل له)).

ثالثًا: التحدث بكل ما يسمع، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع)).

رابعًا: الكذب في المفاخرة لإظهار الفضل، وكذلك الكذب للتخلص من المواقف المحرجة كحال من يكذب على والديه أو مدرسيه أو مسؤوليه خوفًا من العقاب أو العتاب.

خامسا : الكذب في اول نيسان كما يفعل بعض الجهال فكذبة نيسان من العادات القبيحة لها آثار سيئة على صاحبها، فالكذاب معدوم الثقة ودائمًا محل تهمة ومحل شك، وكذلك وقوعه في خصلة من خصال النفاق وقلة الخوف من الله وغير ذلك من الآثار السيئة.

اللهم طهر قلوبنا من النفاق والسنتنا من الكذب واعمالنا من الرياء

واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

تعليقات Facebook