اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

"أصناف النفاق" بقلم: سعيد سطل "أبو سليمان"

 
عندما يُذكر النفاق يتبادر للذهن أن المقصود به هو النفاق الذي كان شائعا في المدينة المنورة في صدر الإسلام , بين فئة من أهلها اظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر , وكانوا يتآمرون على الإسلام وأهله ويحاربونه في الخفاء , والقرآن تحدث عن هؤلاء بإسهاب في العديد من السور , ونحن لسنا بصدد الحديث عن هذا الصنف من المنافقين الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر , هؤلاء طويت صفحتهم وباتوا من الماضي لا وجود لهم اليوم بين صفوف المسلمين , نحن بصدد الحديث عن صنف مستحدث من النفاق متفش بين جميع الشعوب والدول بدون استثناء , بين القادة والسياسيين والإعلاميين والأدباء والكتاب والمفكرين , هؤلاء النخب أفكارهم وتوجهاتهم ومعاملاتهم وسلوكهم جميعها مصبوغة بالنفاق.
 
والأدلة والوقائع على الساحة المحلية والإقليمية والعالمية قطعية لا لبس فيها , وقبل أن نسوق بعض الأمثلة والوقائع , لا بد من التنويه على أن مكونات النفاق وعناصره لم تتغير ولم تتبدل , بالرغم من التطور العلمي والحضاري , فمن ابرز عناصر ومكونات النفاق الكذب , والكذب لم يتغير  فالكذب هو الكذب في الماضي والحاضر والمستقبل لم يطرأ عليه تغير , وكذلك الخيانة هي الخيانة , وكذلك الغدر هو الغدر , وإخلاف الوعد هو هو لم يتغير , الذي تغير هو الوسائل والأساليب , وسائل وأساليب الكذب والغدر والخيانة  والخداع والاحتيال  تغيّرت بحكم تطور العصر, هذا التطور حوّل النفاق إلى صناعة  لها رجالها من أهل الخبرة والاحتراف في مجال الاحتيال النفسي , لها رجالها من أهل الاختصاص في صناعة المفردات والشعارات التي تدغدغ مشاعر البسطاء والسُذج من الناس , والتي تنطلي على كثير من العقلاء  فتنقلب عندهم المفاهيم , وتشوش الأفكار وتختلط الأوراق. 
 
فما يجري في سورية من قتل وتدمير وتخريب حسب قناعتهم يعتبر ثورة من اجل الإصلاح , والمرتزقة حسب اعتقادهم  ثوارا , والانتحاريين في عقيدتهم مجاهدين استشهاديين , والعدوان على سيادة الدول والاغتيالات والاختطاف , يطلقون عليه الحرب على الإرهاب , أهل الاختصاص في النفاق المعاصر , يقدمون للمواطن عبر وسائل الإعلام الكذب مغلفا بغلاف مزخرف يسحر العيون ويخدع العقول , النفاق اليوم قوام الإعلام وعموده الفقري , وقلب السياسة وشريان حياتها , فلا قيام للإعلام  بدون  نفاق , ولا حياة للسياسة بلا نفاق , بات النفاق من أهم مرتكزات الإعلام ومن أهم مكونات السياسة. 
 
لم يعد يخفى على احد أن شعار الحرب على الإرهاب الذي تطلقه أمريكا  لتبرر عدوانها على كل من يأبى طاعتها والدوران في فلكها هو نفاق صارخ , ولم يعد يخفى على احد أن الترويج الأمريكي والغربي للديمقراطية والحرية في العالم نفاق سياسي مكشوف , فإن أخوف ما تخافه أمريكا  ومعها أوروبا وإسرائيل هو الديمقراطية الحقيقية في البلدان العربية , لان الديمقراطية الحقيقية ستؤدي حتما إلى صدام مع المصالح الأمريكية والغربية والإسرائيلية القائمة على الخضوع التام للهيمنة الأمريكية والغربية والإسرائيلية, لذلك الترحيب الأمريكي والغربي إسرائيلي بالحراك الشعبي العربي هو ترحيب نفاق لأنه يتعارض مع المصالح الأمريكية والغربية والإسرائيلية , لذلك هم من خطط ودبّر في الخفاء لإفشاله بإطلاق الثورات المضادة وإشعال نار الفتنة ونشر الفوضى الخلاقة , والانقلاب على الشرعية في مصر خير دليل , نكمل الحديث عن النفاق السياسي تحت عنوان التحالف ضد الإرهاب  لاحقاً تابعونا...
 
سعيد سطل ابو سليمان        13 /9 / 2014

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

تعليقات Facebook