اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

قبضة النظام السوري تتهاوى: خسائر شمال البلاد ووسطها

 
يتلقى النظام السوري في شمال البلد ووسطها ضربات عسكرية متتالية بدأت تظهر نتائجها بخسارته تلة المسطومة الاستراتيجية في محافظة إدلب، ما يمهد لسقوط معسكر المسطومة بالكامل. أما في مدينة تدمر، فيبدو النظام عاجزاً عن التصدي لهجمات "داعش" المكثفة.
 
وضيق مقاتلو المعارضة السورية الخناق على ما تبقى من مواقع للنظام في محافظة إدلب، بعدما تمكنوا من السيطرة ليل الأحد ــ الاثنين على مناطق جديدة في محيط معسكر المسطومة، الذي يعد من أهم مراكز النظام ويؤمن الدفاع عن مدينة أريحا، آخر المراكز البشرية الهامة التي لا تزال بيد النظام في المحافظة. ففي إطار هجومه المنسق على المعسكر من ثلاثة محاور، سيطر "جيش الفتح" على تلة المسطومة المطلة على المعسكر، والتي تعتبر خط الدفاع الأخير عنه.
 
وقالت مصادر ميدانية لصحيفة " العربي الجديد"، إن مقاتلي المعارضة قتلوا وأصابوا العشرات من قوات النظام خلال سيطرتهم على حاجز مدرسة المسطومة شمال القرية. كما دمروا خمس دبابات قرب المعسكر واستولوا على عربة شيلكا ودبابة.
 
وجاءت هذه التطورات بعد أن اقتحم مقاتل من "جيش الفتح" بعربة "بي أم بي" مفخخة مدرسة المسطومة وتمكن من ركنها قبل الخروج سالماً لتنفجر وتقتل العشرات من قوات النظام عند البوابة، فيما تتواصل المعارك بوتيرة عنيفة في المنطقة.
 
وتصر المعارضة على السيطرة الكاملة على المعسكر الذي يعني سقوطه تداعياً تلقائياً لقوات النظام في أريحا. وقد استهل "جيش الفتح" هجومه الواسع، بعد ظهر الأحد، باتجاه المعسكر، الواقع بين مدينتي إدلب وأريحا، بالاستيلاء على قرية المقبلة، وهي أقرب قرية إلى المعسكر. كما تمكن مقاتلو المعارضة خلال المعارك من قتل ضابط إشارة مع عدد من العناصر، إضافة إلى التصدي لرتل مؤازرة قدم من قرية الفريكة لمساندة قوات النظام في المسطومة.
 
وكان "جيش الفتح"، وبعد أسبوع فقط من سيطرته على إدلب، قد تمكن من السيطرة على أجزاء واسعة من قرية المسطومة القريبة من المعسكر وتقدم نحو الخطوط الأمامية، من دون أن يتمكن من الاستيلاء على التلة الأهم التي تحميه وهي تلة المسطومة غرب المعسكر، قبل أن تسقط أول من أمس.
 
وبسيطرة المعارضة على هذه المناطق، تم تضييق الخناق بشكل كبير على معسكر المسطومة، ولا سيما بعد إحكام القبضة على قرية مصيبين، قبل أيام، حيث لم يعد لجنود النظام المتمركزين داخل المعسكر سوى منفذ واحد هو طريق أريحا.
 
ومعسكر المسطومة، الذي يمتد على مساحة كيلومترين مربعين، هو معسكر تدريب "طلائع البعث" أي الفتية الصغار قبل المرحلة الإعدادية وفق البرامج التي كانت مطبقة في سورية في عهد حزب البعث. وقد احتلته قوات النظام، منذ منتصف عام 2011، وحولته إلى مركز عسكري رئيسي في شمال البلاد ولإدارة العمليات في محافظة إدلب.
 
وعلى إثر اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سورية، استقدم النظام أعداداً كبيرة من قواته إلى المعسكر كونه يقع على طريق إدلب - اللاذقية، ومجهزاً بعشرات الأبنية المحصنة من مهاجع كبيرة، خيم اسمنتية ومسرح كبير، فضلاً عن امتلاكه غطاء نباتيّاً كثيفاً من الأشجار. ويضاف إلى ذلك كونه محاطاً بحاميات عسكرية سابقة عدة، كجبل الأربعين ومعسكر القرميد.
 
وقد اختارت قوات النظام المعسكر ليكون مركزاً لقيادة العمليات في المنطقة، فأصبح يحتوي العتاد العسكري الاحتياطي، ومنه ينطلق الدعم إلى كل نقاط النظام في المحافظة، بما في ذلك العناصر البشرية. وكثيراً ما يستخدم، أيضاً، لقصف المناطق المجاورة بالمدفعية والهاون، ولا سيما بلدات النيرب وسرمين وقميناس. كما أنه يحتوي على 600 جندي، أكثر من 30 دبابة وأسلحة أخرى عديدة.
 
وحتى وقت قريب، ظل المعسكر هو الأكثر أمناً بين نقاط النظام العسكرية في مجمل محافظة إدلب بسبب تحصيناته القوية واتساع مساحته، وتجهيزاته المكتملة. ويحتفظ أهالي إدلب بسجل أسود للمعسكر خلال الثورة، حيث ارتكبت قوات النظام أمام بوابته الرئيسية أول مجازرها في المحافظة بتاريخ 20/5/2011 خلال توجه عشرات الآلاف من أبناء جبل الزاوية، في تظاهرة سلمية سيراً على الأقدام حاملين أغصان الزيتون إلى مدينة إدلب. وبعد توقفهم أمام المعسكر، فتح جنوده نيران أسلحتهم على المواطنين، ما أدى إلى مقتل أكثر من خمسين منهم وجرح المئات.
 
ومع السقوط المتوقع للمعسكر خلال الفترة القريبة المقبلة، من المرجح أن تسقط، أيضاً، مدينة أريحا التي كانت تحتمي بالمعسكر ولتكون هذه المنطقة خالية تماماً من قوات النظام الذي بات وجوده في محافظة إدلب يقتصر، اليوم، على مطار أبو الظهور العسكري وتجمع المعصرة في محمبل، إضافة إلى بلدتي كفريا والفوعا.
 
صورة تقهقر قوات النظام في إدلب، تتكرر، أيضاً، في مدينة تدمر التي تتوسط البلاد، وتعد صلة الوصل بين العاصمة دمشق والمناطق الشرقية، إذ يشن تنظيم "الدولة الإسلامية" هجوماً واسعاً على المدينة منذ أيام عدة، تمكن خلاله من الاستيلاء على العديد من مواقع النظام، وقتل المئات من جنوده. وقالت مصادر ميدانية، إن التنظيم بات على بعد مئات الأمتار فقط من المعالم الأثرية في المدينة التي أبدت جهات عدة مخاوف من تعرضها للتدمير في حال صول التنظيم إليها.
 
وقد تمكنت قوات النظام من استعادة بعض الأبنية في الأحياء الشمالية للمدينة، والتي كان مقاتلو التنظيم سيطروا عليها في وقت سابق، إلا أن مقاتلي التنظيم سرعان ما استعادوا هذه الأبنية وتمكنوا، ليلة الأحد، من قتل ثلاثة ضباط من قوات النظام، بينهم قائد العمليات في تدمر وريفها اللواء الركن، حيـدر علي أسعـد، بعد اشتباكات عنيفة في محيط فرع أمن الدولة والقلعة الأثرية في المدينة. ويعد أسعد أعلى رتبة عسكرية تم تأكيد مقتلها منذ بدء معارك تدمر الأخيرة. كما قتل، أيضاً، العقيد معتز ديب، والعقيد محمد مخلوف، وهما من القرداحة مسقط رأس الرئيس السوري بشار الأسد.
 
كما تمكن مقاتلو تنظيم "داعش" من استعادة السيطرة على حاجز بخيتان عند مدخل الفيلات في مدينة تدمر بعد استعادة قوات النظام السيطرة عليه أول من أمس. وأوصل التقدم المتسارع لعناصر التنظيم في الأحياء الشمالية للمدينة إلى دوار مبنى المالية والفرن الآلي، قبل أن يتجهوا إلى مركز المدينة، حيث باتوا يحاصرون عناصر النظام في المركز الثقافي وسط المدينة، وفق الناشطين.
 
ووفقاً لشهادات الناشطين، فإنه على الرغم من التعزيزات والأرتال العسكرية المتوالية التي أرسلها النظام إلى محيط المدينة، فإن عناصر التنظيم اقتربوا من مبنى البلدية ومتحف المدينة، وسط حالة نزوح واسعة تشهدها المدينة، وسقوط قذائف مجهولة المصدر قتلت وأصابت عدداً من المدنيين.
وتوقع الناشط محمد التدمري أن يسيطر "داعش" على كامل المدينة خلال أيام عدة، بما في ذلك المطار العسكري المجاور وسجن تدمر الواقع في أقصى الجهة الشمالية من المدينة.
 
وقد طلبت تنسيقية الثورة في تدمر من المواطنين توخي الحذر في تنقلاتهم داخل المدينة، إذ يطلق قناصة النظام النار على أي شيء يتحرك في الشوارع العامة وضمن الشوارع الفرعية التي تطل عليها محارس فرع الأمن العسكري وسجن تدمر. 
 
وطالبت التنسيقية المواطنين بالابتعاد عن الغرف الخارجية المطلة على الشوارع والنزول إلى الطوابق السفلى أو الأقبية خلال قصف النظام للمدينة.
وكان التنظيم قد سيطر على بئر الحفنة وقرية أرك شمال شرق مدينة تدمر بعد معارك عنيفة مع قوات النظام، إضافة إلى القرى المحيطة بشركة "آراك" للغاز، وحاصر قوات النظام الموجودة داخل الشركة.
 
واستهدف التنظيم محطة غاز الفرقلس غرب تدمر بصواريخ (غراد)، والمدفعية الثقيلة، وذلك بعد أن فجر خط الغاز الرئيسي في المحطة بشكل كامل. كما أعلن تنظيم "داعش" سيطرته على حقل الهيل النفطي بشكل كامل.
 
وتعدّ تدمر منجماً للثروات الباطنية الهائلة من غاز طبيعي وفوسفات ونفط، وبالتالي فإن سيطرة التنظيم على تلك الموارد سيمكنه من تحسين وضعه الاقتصادي.
 
وتعتبر منطقة خنيفيس القريبة من تدمر من أهم مناطق الفوسفات في سورية. ويعتقد خبراء أن التنظيم قد يستطيع إدارة هذه الثروة لأن لديه خبراء ومهندسين مختصين، فضلاً عن مئات العاملين، حالياً، في معملي خنيفيس والصوانة الشرقية والذين قد يجبرهم التنظيم على مواصلة العمل كالمعتاد. يُضاف إلى ذلك، فإن سيطرة التنظيم على المدينة الأثرية قد توفر له موارد مالية إضافية.
 
وعلى الرغم من أن التنظيم قد يقوم بتدمير استعراضي لبعض المعالم الأثرية، فإنه قد يعمد، كما فعل سابقاً، إلى بيع القطع الأثرية بأسعار باهظة على الرغم من أن النظام أصدر، قبل أيام، تعليمات عاجلة لمديرية الآثار في تدمر بنقل جميع الموجودات الأثرية بالطائرات من تدمر إلى دمشق، وسط مخاوف، أيضاً، من عمليات سرقة وتهريب قد تتم خلال تلك العملية التي يشرف عليها الأمن العسكري والقصر الجمهوري لدى النظام بدون تدخل من القائمين على متحف تدمر أو مديرية الآثار، كما أفاد ناشطون.
 

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

تعليقات Facebook