اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

كلهم في قفص الاتهام - بقلم: الشيخ رائد صلاح

 
إن الذين كان لهم سهم من سهام انقلاب السيسي الدموي على الشرعية المصرية متعددون، فمنهم المصري، ومنهم العربي، ومنهم الفلسطيني. وعلى الصعيد المصري منهم قيادات دينية وسياسية وعسكرية وأمنية وشرَطية وإعلامية وفنية وفكرية وشبابية. وعلى الصعيد العربي منهم حكام وأحزاب وقنوات إعلامية وصحف ومواقع. وعلى الصعيد الفلسطيني منهم أحزاب وقيادات سياسية وصحف ومواقع وقنوات فضائية في الداخل الفلسطيني (48) وفي الضفة الغربية والقدس المباركة. وإلى جانب كل هؤلاء وقف من وراء هذا الانقلاب الدموي التآمر على الشرعية المصرية، الذي جمع بين كيد تل أبيب وواشنطن وكثير من المواقف الرسمية الأوروبية، حيث أن كل هؤلاء كان لهم بصمة أو بصمات في هذا الانقلاب الدموي المشؤوم؛ فمنهم من خطط لهذا الانقلاب، ومنهم من حَرَّض على الشرعية المصرية ودعا إلى هذا الانقلاب، ومنهم من صفق لهذا الانقلاب، ومنهم من رضي بهذا الانقلاب وكال له المديح وصاغ له المسوّغات المصطنعة، ومنهم من بَرَّر جرائم هذا الانقلاب المتواصلة ولا يزال يبررها حتى الآن، ومنهم من أوجد له الفتوى الشرعية الموهومة، أو الفتوى القومية المزيفة، أو الفتوى الوطنية المدبلجة، أو الفتوى الثورية المصطنعة.
 
لكل ذلك لا زلت أقول إن كل هؤلاء الذين ذكرت لهم سهم من سهام هذا الانقلاب، الذي خطط له من خطط؛ ما بين تل أبيب وواشنطن، ونفذه السيسي وبلطجيته في مصر. ومع شديد الأسف فإن كل هؤلاء الذين ذكرت لا أتردد أن أقول: كلهم في قفص الاتهام، لأنهم بعد أن دعموا هذا الانقلاب الإرهابي المتوحش، وبعد أن راح السيسي -مستندًا إلى دعمهم- يقترف جريمة استباحة حرمة الشرعية المصرية وحرمة دماء الشعب المصري، واصل قسم منهم دعمه لسيل هذه الجرائم التي لا يزال يرتكبها السيسي.
 
وأما القسم الآخر منهم الذي دعم هذا الانقلاب ثم صدمه السيسي ببشاعة جرائمه، فلم يجد الشجاعة أن يعترف بخطأه الفاحش عندما دعم هذا الانقلاب. وبطبيعة الحال لم يجد الشجاعة أن يتبرأ من هذا الانقلاب ومن السيسي وجرائمه المشينة!!
 
وهذا يعني أنهم باتوا الآن ما بين مواصل دعمه للسيسي وجرائمه المجنونة، وما بين صامت أخرس عن هذا الوحش الذي اسمه السيسي وعن جرائمه التي كست كل أرض مصر بالدماء، والتي كان آخرها أحكام الإعدام بالجملة والبث المباشر على الرئيس الشرعي د. محمد مرسي ونخبة من الشعب المصري. وهذا يعني أن السيسي - وإن كان هو المجرم الأكبر في هذا الانقلاب وتبعاته- فإن كل هؤلاء باتوا بمثابة مشاركين له بكل ما كانت ولا تزال تقترف يداه، وهذا يجعلهم كلهم في قفص الاتهام، ومن المفروض أن يُحاكموا قانونيًا أو سياسيًا!! وعلى الأقل أن يحاكموا شعبيًا، وعلى هذا الأساس فإن كل بلطجية السيسي وعسكره ومخابراته وشرطته وقضاته وإعلامه وحاشيته من الخفير إلى الوزير؛ كلهم في قفص الاتهام. وإن بقايا الوفديين والناصريين وأدعياء الحداثة والليبرالية والعلمانية والقومية والثورية والوطنية ومن على شاكلتهم، الذين رضوا لأنفسهم أن يكونوا أذنابًا للسيسي؛ فرعون مصر المعاصر، كلهم في قفص الاتهام. وإن مرتزقة الجمعيات المشبوهة الذين أشبعونا أوهامًا عندما واصلوا حديثهم عن إرادة الشعوب في تقرير مصيرها، وعن دعم نهضة الحراكات الشبابية التحررية، وعن حقوق الإنسان وحقوق المرأة؛ إن الكثير من هؤلاء لما جد الجد ووقعت الواقعة انحازوا إلى السيسي وبلطجيته، وداسوا على مبدأ إرادة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها، وداسوا على حقوق الإنسان والمرأة وحق الفرد؛ فكل هؤلاء في قفص الاتهام.
 
وإن الكثير ممن أطلوا علينا عبر الفضائيات بزي باحث أو خبير أو محاضر جامعي أو عامل في مركز دراسات، وكانوا ولا يزالون يصطنعون المسوغات لانقلاب السيسي الدموي ولجرائمه المتواصلة، ولا يزالون يُنَظّرون علينا ويهرطقون، إنهم كلهم في قفص الاتهام. وكذلك الأمر على صعيد العالم العربي. فإن كل الحكام وأعوانهم؛ على اختلاف تخصصاتهم، الذين دعموا السيسي وانقلابه دعمًا ماليًا أو سياسيًا أو إعلاميًا كلهم في قفص الاتهام. وإن الأحزاب التي كانت ولا تزال توجع رؤوسنا بالحديث عن المارد العربي والثائر العربي واليقظة العربية المنشودة، ولكن عند الامتحان انحازوا إلى السيسي وانقلابه المشؤوم نكاية بالمشروع الإسلامي وتزلفًا إلى مصادر دعمهم؛ إنهم كلهم في قفص الاتهام. وكذلك الأمر على الصعيد الفلسطيني في كل مواقعه سواء كان ذلك في الداخل الفلسطيني (48) أو الضفة الغربية أو القدس المباركة، وسواء كان ذلك على صعيد رسمي أو فصائلي أو حزبي أو حركي أو إعلامي أو شعبي، فإن الذين أشبعونا (مراجل) طوال الوقت، وكانوا يفتلون علينا عضلاتهم طوال الوقت، مؤكدين أنهم ضد الإمبريالية الأمريكية وضد المشروع الصهيوني الشوفيني وضد الرجعية العربية، ولكنهم من حيث يقصدون أو لا يقصدون، ومن حيث يدرون أو لا يدرون، التقوا في موقف دعم السيسي وانقلابه اللئيم مع الإمبريالية الأمريكية والمشروع الصهيوني والرجعية العربية.. إن هؤلاء كلهم في قفص الاتهام.
 
وإن الذين صَدَّعوا رؤوسنا بحديثهم الدائم عن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واختيار قيادته الشرعية، ولكنهم تنكروا لحق الشعب المصري في تقرير مصيره واختيار قيادته الشرعية وانحازوا إلى السيسي وانقلابه الأسود؛ إن هؤلاء كلهم في قفص الاتهام.
 
وإن الذين أقضّوا مضاجعنا وهم يدافعون عن حق الفرد المطلق في اختيار نمط حياته، ويعيبون على كل من يغمز بالنمط الذي اختاره هذا الفرد أو ذاك في طعامه وشرابه ولباسه وعلاقاته الاجتماعية، ويواصلون تأكيدهم لقدسية حرية التعبير، ولكن فجأة وإذ بهم يصفقون للسيسي وانقلاب العار الذي نفذه، وبذلك صفقوا من حيث لا يدرون لقتل الشعب المصري على شرف الشرعية والحرية وحرية التعبير وحقه في اختيار نمط حياته؛ إن هؤلاء كلهم في قفص الاتهام. وآن الأوان لكل هؤلاء أن يفيقوا من صدمتهم، وأن يدركوا أن تأييدهم للسيسي وانقلابه المستورد كان مسًا صارخًا بمصير كل الشعب المصري، ولا يمكن أن يكون مجرد نكاية بالمشروع الإسلامي أو مجرد ضريبة كلامية أو مجرد طلة إعلامية. ولذلك هم يتحملون وزر المساهمة في صناعة الحاضنة التي راحت تقول للسيسي (كَمِّل جميلك)، وإذ بالأيام تكشف لنا أن معنى (كمِّل جميلك) أي كمِّل (ذبح الشعب المصري)، وقد يقول قائل: قد تعثر البعض عندما أعلن تأييده للسيسي وزمرة انقلابه، وهذا ليس عيبًا أن يتعثر!! نعم؛ أنا أوافق أن التعثر ليس عيبًا، لذلك المطلوب من هؤلاء المتعثرين النادمين أن يعلنوا البراءة مما صدر عنهم. 

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

تعليقات Facebook