اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

ملاحظات مصيرية حول لجنة المتابعة العليا - للشيخ رائد صلاح

 
لجنة المتابعة العليا كفكرة ومطلب يجب أن نحافظ عليها كمشروع وطني، مهما كانت حالة ضعفها أو قوتها. ولكن هذا لا يلغي ضرورة التعرف عليها اليوم كما هي؛ لأن التعرف عليها كما هي عليه الآن هو المقدمة الأولى نحو تقييمها بحلوها ومرها، ثم إعادة بنائها، على أمل أن نرفع من قدرها ودورها، وأن تتحول إلى مشروع وطني راشد وجاد، وليس مجرد هيئة تنسيقية أو مطلبية، وعلى أمل أن نرد لها الاعتبار، وأن تبدأ برسم إستراتيجيات ومشاريع تعكف على تنفيذها، لتمكين مجتمعنا في الداخل الفلسطيني، كيما لا تبقى مجرد هيئة تتحرك وفق مبدأ رد الفعل ليس إلا، وعلى أمل أن تُنتخب، رئاسة وعضوية، مباشرة من كل جماهيرنا في الداخل الفلسطيني، وفق نظام انتخابي يشعر جماهيرنا في الداخل الفلسطيني أن الجميع منا يشارك في بناء لجنة المتابعة في كل دورة انتخابية تمر عليها، ويشارك في بناء دورها ويتحمل تبعات هذا الدور، وعلى أمل أن تتحول إلى الشخصية الاعتبارية، التي تمثل كل مجتمعنا في الداخل الفلسطيني على صعيد محلي وعالمي.
 
ولكن حتى يتحقق ذلك لا بد لنا أن نعرف ما هي لجنة المتابعة الآن؟ وهل تقوى كما هي عليه الآن أن نبني عليها كل هذه الآمال؟ أم نحن في حاجة إلى إحداث تغيير جذري في بناء هذه اللجنة حتى ننجح بإحداث تغيير جذري في دورها؟
ولذلك رأيت من الواجب والضروري أن أسجل هذه الملاحظات: 
 
1. تضم لجنة المتابعة الآن في مجلسها المركزي ثلاثة وخمسين عضوًا، من ضمنهم أربعة عشر رئيس سلطة محلية عربية، على اعتبار أنهم سكرتارية اللجنة القطرية الذين يمثلونها في لجنة المتابعة، وباقي الأعضاء هم عبارة عن أعضاء ممثلين لهذه القوى السياسية في الداخل الفلسطيني: الحركة الإسلامية بشقيها، والجبهة والحزب الشيوعي، والتجمع والحركة العربية للتغيير والحزب القومي العربي والحزب الديمقراطي العربي وأبناء البلد، بالإضافة إلى أعضاء الكنيست العرب. وهذا المجلس المركزي بهذه المركبات هو المخول بانتخاب رئيس لجنة المتابعة، بشرط أن يحصل الرئيس المنتخب على ثلثي الأعضاء كحد أدنى.
 
2. تحت هذه الصورة الرسمية الظاهرة هناك حقائق لا بد من التذكير بها؛ ومن أهمها أن كل هذه المركبات لا تمثل في أحسن الأحوال إلا 50% من كل مجتمعنا في الداخل الفلسطيني، وهذا يعني أن هناك 50% على الأقل من مجتمعنا في الداخل الفلسطيني غير ممثلين في لجنة المتابعة. لماذا؟! لأن كل القوى السياسية الممثلة في لجنة المتابعة لا يمثل عدد المنتمين إليها في أحسن الأحوال أكثر من 30% من مجتمعنا في الداخل الفلسطيني، فإذا كانت هذه القوى تمثل هذه النسبة (30%) فمن سيمثل نسبة (70%) المتبقية من جماهيرنا بسبب أنها غير منتمية إلى أي من هذه القوى السياسية؟ وواضح جدًا أن هذه النسبة (70%) تضم في داخلها الكثير من الوطنيين الشرفاء ورجال الفكر والأدب والإعلام، فمن يمثل كل هؤلاء؟ ولماذا نحرم من خبراتهم؟ ولماذا لا يكون لهم الصوت المؤثر في بناء لجنة المتابعة؟ ولماذا يظل لديهم شعور دائم بأن لجنة المتابعة فُرضت عليهم، أو أنهم يحرمون من حق التمثيل فيها؟ ولذلك لا بد من انتخاب مباشر لكل لجنة المتابعة برئاستها وأعضائها من قبل جماهيرنا في الداخل الفلسطيني. 
 
3. قد يقول قائل: إن أعضاء الكنيست العرب يمثلون كل جماهيرنا في الداخل الفلسطيني. وجوابي على ذلك أن نسبة من يشاركون من جماهيرنا في انتخابات الكنيست لا تتعدى 60% في أحسن الأحوال، بل إن البعض منا يقول: لا تتعدى 50%، والبعض منا يقول: لا تتعدى 40%، وهذا يعني أن هناك 50% من جماهيرنا في المجمل لا يشاركون في انتخابات الكنيست. وهذا يعني تلقائيًا أن أعضاء الكنيست العرب لا يمثلونهم في الكنيست ولا في لجنة المتابعة، وهذا يعني أنهم ظلوا بلا تمثيل في لجنة المتابعة، لأن القوى السياسية لا تمثلهم في لجنة المتابعة، وكذلك أعضاء الكنيست العرب. ثم إن الذي صَوَّت لعضو الكنيست العربي صَوَّت له لأنه عضو كنيست، وقد لا يُصِّوت له إذا رشح نفسه لعضوية لجنة المتابعة. وهذه النسبة المئوية غير الممثلة في لجنة المتابعة نسبة هائلة، وفيها من الطاقات والتخصصات ما نحن في أمسّ الحاجة إليه!! فلماذا يُحْرَمون من لجنة المتابعة؟ ولماذا تحرم لجنة المتابعة منهم؟! لذلك لا بد من انتخابات مباشرة لكل لجنة المتابعة؛ برئاستها وأعضائها من جماهيرنا في الداخل الفلسطيني.
 
4. قد يقول قائل: إن رؤساء السلطات المحلية العربية هم من يمثل كل جماهيرنا في الداخل الفلسطيني. وجوابي على ذلك أن كل رؤساء السلطات المحلية العربية -مع تمنياتي لهم بالتوفيق والنجاح- لم يفز أحدهم في المجمل بأكثر من 50% من أصوات الناخبين في بلدته، فمن الذي سيمثل نسبة 50% الأخرى من بلدته في لجنة المتابعة؟! ثم إن الذين صوتوا له إنما صوتوا له ليكون رئيس سلطة محلية في بلدتهم، ولو رشح نفسه لعضوية لجنة المتابعة فقد لا يصوتون له، وهذا ما يؤكد ما قلته في الملاحظات السابقة؛ أن هناك 50% في المجمل من جماهيرنا غير ممثلين في لجنة المتابعة؛ بمعنى أن نصف مجتمعنا في المجمل غير ممثل في لجنة المتابعة. ولذلك لا يجوز لنا أن نستغرب عندما تخرج بعض الاستطلاعات بنتائج تؤكد فيها أن 60% أو أكثر من جماهيرنا في الداخل الفلسطيني لا يعرفون أي شيء عن لجنة المتابعة.
 
5. نحن اليوم نتحدث عن مجتمعنا الذي يقارب عدده اليوم مليونا ونصف مليون، ونحن نعتبر أن لجنة المتابعة من المفروض أن تمثل كل هذا العدد، ومن المفروض أن يمثل رئيسها كل هذا العدد. فهل يعقل أن تمثل لجنة المتابعة –إذا ظلت كما هي عليه– كل هذا العدد؟! وهل يعقل أن يمثل رئيسها الذي لو حظي بنسبة ثُلُثَي أعضاء المجلس المركزي، بمعنى أنه حظي بـ35 صوتًا من المؤتمر العام، فهل يُعقل وفق هذه الوضعية أن يمثل كل هذا العدد في الداخل الفلسطيني؟! بمعنى أن 35 عضوًا من المؤتمر العام هم وحدهم سيقررون من هو رئيس لجنة المتابعة لكل مجتمعنا، الذي يربو على المليون ونصف المليون، مدة خمس سنوات!! 
 
6. ولو فرضنا أن البعض من المجلس المركزي قد يتأثر من ضغوط خارجية قد تمارس عليه، وقد تكون من المؤسسة الإسرائيلية، وقد تكون من بعض المتنفذين في السلطة الفلسطينية، وقد تكون من غيرهما بهدف توجيه صوته لانتخاب فلان أو فلان من مرشحي لجنة المتابعة في هذه الانتخابات الآنية، ولأن عدد من سيشاركون في هذه الانتخابات هم أصلًا (53)، فلكم أن تتخيلوا ما هي الآثار المترتبة على لجنة المتابعة بسبب ضغوط هذه الجهة أو تلك، لكل ذلك لا بد مما ليس منه بد؛ لا بد من انتخابات مباشرة للجنة المتابعة. 
 
7. ولذلك فإن مجرد انتخاب رئيس للجنة المتابعة بعد أيام لن يغير من واقع لجنة المتابعة شيئًا، وستظل تعاني من شللها النصفي -على أقل تقدير- إذا لم يدخل تعديل جذري على نظامها الداخلي يكفل المرونة في اتخاذ قراراتها، وإذا لم تُنشَّط لجانها العشر ذات العناوين الكبيرة، وإذا لم يؤسَّس صندوق قومي للجنة المتابعة، ثم إذا لم تُذلل كل العقبات وتُمهَّد الظروف نحو انتخابات مباشرة للجنة المتابعة. 

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

تعليقات Facebook