اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

الرملة : تقرير وصور: الجوهرة المطمورة -منارة المقدسات الأولى

 


الرملة وأهلها .. إكتشاف السنة:

لا بدّ أن أعترف أنني كنت أجهل الرملة ، كنت أجهل حقيقة هذه المدينة وتاريخها الإسلامي العريق ، وإرثها الحضاري الوفير ، من المعالم التاريخية العظمية ( مدينة مسورة بمساحة 2 كم2 ) ، ولقد اكتشفنا الرملة أو جزئاً منها ، لأننا حقيقة لم نقف على كل الحقائق والوقائع ، حيث أن كثيراً منها مطمور تحت التراب ، ظهرت بعض ملامحها يوم معسكر التواصل مع مقدسات الرملة يوم السبت المشهود 16-7-2011م ، إنه إكتشاف الموسم ، الذي حصل نتيجة تكرار زياراتنا الميدانية للرملة ومقدساتها ، في خضّم التحضير لمعسكر التواصل مع مقدسات الرملة ، استوقفني الأخوين عمر العيسوي وأخيه "ابو محمود" ، يوم حدثنى كل منهما على حدة عن ذكريات الطفولة ، يوم كانا يتجولان ويلعبان في أحضان المسجد الأبيض ، أو قل آثار وبقايا المسجد وبجانب ساحاته ومئذنته الجميلة الطويلة ، البيت الذي تربوا فيه ، والذي ما زال موجودا لا يبعد إلاّ أمتاراً عن أعرق وأجمل مسجد في فلسطين ، بعد المسجد الأقصى المبارك ، عندما دخل أخي عمر العيسوي الى مقبرة النبي صالح المجاورة للمسجد ، كانت نظراته حزينة ، متألمة ، ولكنها متحدية ، متحدية للصعاب وللواقع المرّ ، نظرات التصميم على تغيير هذا الواقع بأحسن منه ، لم يمرّ على معرفتي أو تعرفي على الأخ عمر العيسوي " أبو نزار" سوى ساعات ، ولكني شعرت أنني أعرفه ويعرفني منذ زمن بعيد ، تأوه كثيرا ـ وهو يحدثني أو يحدث نفسه عن الذكريات - ، انها عائلة العيسوي التي سكنت قبل النكبة قرية صرفند ، إحدى قرى الرملة – وتحدّث الروايات ان قبر النبي لقمان الحكيم موجود في هذه القرية -  وانتقلت للسكن الى الرملة بعد النكبة ، استوقف نظرنا بعض الفتحات في الفناء الكبير أمام المسجد الأبيض ، فقيل لنا أنها مغارات قديمة ، أو برك مياه قديمة ، حبّ الاستطلاع دفعنا  أن ندخل ونتجوّل في أكثر من موقع تحت الأرض ، ويا لهول وعظم ما رأينا ، انها نفس التسوية أو التسويات ، التي تشبه الى حدّ كبير المصلى المرواني ، نفس الفن والطريق المعمارية ، الأروقة تحت وبجانب المسجد الأبيض هي نفسها في المصلى المرواني ، يحدث التاريخ انها بنيت في نفس وقت بناء المسجد الأبيض ، وفي فترات متتالية ، كطريق تواصل مائي مع غيرها من البرك المائية الإصطناعية  التي حفرت في عدد من المواقع أسفل مدينة الرملة التاريخية ، لكنها أروقة مهملة ، كساها التراب والغبار ، ورائحة غير طيبة منبعثة منها ، لكنها مع ذلك تحوي موروثا تاريخيا حضارياً عجيباً ، ومثلها وأكثر بقايا أو أطلال المسجد الأبيض ، كم تألمت وتألم كل واحد ممن زار الموقع في هذا اليوم أو في الجولات الأخرى ، للواقع الأليم الذي تمرّ بها مدينة الرملة ، مشاهدتي هذه دفعتني أن أبحث أكثر عن تاريخ مدنية الرملة ، التي أعترف اني كنت أجهلها وأجهل حقيقة أهلها المسلمين ، وهم إكتشاف الموسم أيضا ، أي خير هذا ، أي كرم هذا ، أي عطاء هذا ، أي حبّ هذا ، أي تفانٍ هذا ، أي حب للقدس والأقصى هذا ، أي حبّ للمقدسات هذا ، أي إنفاق في سبيل الله هذا ، أي مواصلة للعمل ليل نهار ، لا أريد أن أسمي الأسماء كلها ، لأنها كثيرة ، وهم الذين عملوا لأيام بمساعدة الأخوة من مدنية اللد المجاورة لإنجاح وإنجاز معسكر التواصل مع مقدسات الرملة .

مدينة الرملة : عاصمة جند فسطين منذ الخلافة الأموية ولمدة 400 عام :

بحثت وقرأت كثيرا عن الرملة وتاريخها ، وهذا بعض ما وجدت ..

الموقع والتسمية :

تتمتع الرملة بموقع جغرافي هام، إذ تعتبر موقعاً لعقدة المواصلات في المنطقة، وهي تقع في منتصف السهل الساحلي الفلسطيني عند التقاء دائرة عرض 56 و31 شمالاً وخط طول 52 و34 شرقاً، وهي قريبة من مدينة اللد، وتمر بها الطرق والسكك الحديدية، وقد ساعد موقعها على ربط شمال فلسطين بجنوبها وشرقها بغربها.

إحدى المدن التي أقيمت في العصر الإسلامي -الأموي ، والفضل في إقامتها يعود إلى "سليمان بن عبد الملك " الذي أنشأها عام 715هـ وجعلها مقر خلافته والرملة ذات ميزة تجارية وحربية إذ تعتبر الممر الذي يصل يافا (الساحل) بالقدس (الجبل) وتصل شمال السهل الساحلي بجنوبه ، كان أهل الرملة أول تأسيسها أخلاطا من العرب والعجم والسامرين ثم أخذت القبائل العربية تنزلها وأخذت الرملة تتقدم في مختلف الميادين حتى غدت من مدن الشام الكبرى ومركزاً لمقاطعة فلسطين يوم أعمالها بيت المقدس وبيت جبرين وغزة وعسقلان وأرسوف ويافا وقيسارية ونابلس وأريحا وعمان .

والرملة – كما هو واضح من اسمها- مشتقة من كلمة (رمل) ، وكانت قد بنيت على أرض رملية محاذية لمدينة اللد (ليدا) القديمة ، ومن الأخيرة أخذت الرملةُ سكانها ومواد بنائها. وقد توسعت مدينة الرملة وازدهرت سريعاً لا لتصبح أكبر مدينة بفلسطين فحسب، بل لتصبح عاصمتها ، حيث بلغ عدد سكانها أكثر من 25 ألف نسمة . ولمدة 400 سنة لم تكن الرملة أكبر مدينة بفلسطين فحسب وإنما واحدة من المدن الرئيسية في العالم الإسلامي ، تضاهي مدناً كبغداد ، والقاهرة ، ودمشق . ويرجع ازدهار الرملة وغناها إلى صناعة صباغة الأنسجة والتجارة العالمية  .

مولد الرملة إسلامي :

لما آل أمر ولاية جند فلسطين إلى (سليمان بن عبد الملك) زمن خلافة أخيه (الوليد بن عبد الملك) نزل سليمان مدينة اللد التي كانت قصبة الجند آنذاك، ثم اختط مدينة الرملة لتكون بدلاً من اللد عاصمة لذلك الجند ، ويشير (البلاذري) إلى الهيكل التنظيمي لمدينة الرملة منذ نشأتها فيقول: وكان اول ما بنى سليمان فيها قصره والدار التي تعرف بدار الصباغين، وجعل في الدار صهريجاً متوسطاً لها، ثم اختط للمسجد خطة وبناه، فولي الخلافة قبل استتمامه، ثم بنى فيه بعد خلافته ثم أتمه (عمر بن عبد العزيز). ولما بنى سليمان لنفسه أذن للناس في البناء فبنوا واحتفر لاهل الرملة قناتهم واحتفروا آباراً، اختط سليمان المدينة على ارض مربعة الشكل قسمها شارعين رئيسيين متقاطعين في الوسط إلى أربعة أقسام، ولما استقرت القبائل في المدينة بنيت لهم الدور والحوانيت، ومن أشهر قبائل التي نزلت بها (لخم وكنانة)، ونقل بعض سكان اللد إليها.

استمرت إقامة سليمان في المدينة الجديدة طوال السنوات 715- 717م، وبرزت أهمية الرملة منذ اللحظة الأولى لقيامها، حيث كان سليمان يود ان يتخذها مقراً للخلافة، وأحب سليمان الرملة، وبادله أهلها نفس الشعور، ودرج الخلفاء الأمويون بعد سليمان على الاهتمام بالرملة وشؤونها، مما جعل المدينة تواصل خطوات النمو والازدهار حتى إنها أصبحت في مقدم المدن الفلسطينية، بل عاصمة الإقليم الفلسطيني برمته، وقد حملت الرملة اسم فلسطين وأصبحت كلمة فلسطين في التنظيم الإداري الأموي تعني مدينة الرملة والعكس الصحيح، وأصبح وإلى فلسطين يقيم في المدينة.

محطات في تاريخ المدينة :

أصبحت مدينة الرملة في عهد العباسيين تابعة لولاية الشام وشهدت بعض حوادث التمرد التي لم يكتب لها النجاح ثم حكمت من الطولونيين مدة من الزمن ثم الأخشيديين ثم القرامطة ثم الفاطميين واحتلت من قبل الصليبيين وأصبحت تتأرجح بين المسلمين والصليبيين حسب ظروف ونتائج المعارك التي دارت بينهم زمن الأيوبيين إلى أن احتلها الصليبيون في عام 1099م واستعادها المسلمون في عام 1102م، واحتلت مرة أخرى من قبل الصليبيين ثم استردها صلاح الدين الأيوبي بعد معركة حطين في عام 1187م، ثم عادت لحكم الصليبين في عام 1204م، وظلت حتى حررها الظاهر بيبرس المملوكى في عام 1261م، واستمرت تحت حكم المملوكي حتى دخلت تحت الحكم العثماني في عام 1547م وتعرضت للاحتلال الفرنسي على يد نابليون بونابرت إبان الحملة الفرنسية الشهرية على مصر والشام، ثم الحكم المصري بعد حملة ابراهيم باشا على الشام وفي عام1917 م انتهي الحكم العثماني لتدخل الرملة مع باقي المدن الفلسطينية تحت الإستعمار البريطاني .

وطوال الفترة الماضية تبوأت مدينة الرملة مكانة هامة إذ استمرت كما سلف عاصمة لجند فلسطين طوال 400 عام، ومركز هاماً في المنطقة على الرغم من تعرضها إلى العديد من الزلازل التي أحدثت الكثير من الخراب والدمار في سنوات 1031م، 1070، 1293، 1927 .

مساحة أراضيها 38983 دونماً وقدر عدد سكان الرملة عام 1922 (7312) نسمة وفي عام 1945 (15160) نسمة وفي عام 1948 (17586) نسمة ، والرملة كغيرها من مدن وقرى فلسطين قاومت الاحتلال البريطاني وجاهدت ضد الإنجليز والعصابات الصهيونية .

بعد انسحاب الانجليز في 14 آيار 1948 حاصرت العصابات الصهيونية الرملة لكنهم صدوا عنها وتكبدوا خسائر فادحة . ما كادت مدينة اللد أن سقطت بعد ظهر 11/7/1948 حتى بدأت معركة الرملة ، إذ قام حوالي 500 من مشاة  العصابات الصهيونية  بهجوم على المدينة تؤازرهم المصفحات وقد تمكن الجيش العربي ومن معهم من المجاهدين من صدهم وقتل عدد منهم وحرق 4 من متصفحاتهم . وفي يوم 12/7/1948 احتل العصابات الصهيونية  القرى المحيطة الرملة وبذلك تم تطويق الرملة وانتهى الأمر بسقوط المدينة . وقد تم الاتفاق مع العصابات الصهيونية  عند احتلالهم الرملة بقاء السكان في منازلهم إلا أن الصهاينة عادوا فاعتقلوا حوالي 3000 شاب وأمعنوا في البقية نهبا وسلبا وقتلا ثم أجبروهم على الرحيل في 14/7/1948 ، ولم يبق في الرملة سوى 400 نسمة ، قدر عدد أهالي الرملة المسجلين لدى وكالة الغوث عام 1997(69937) نسمة ، ويقدر عددهم الإجمالي عام 1998 (107994) نسمة . والرملة مثل باقي مدن فلسطين ، أقيمت على أراضيها العديد من المستعمرات .

معالم لها تاريخ :

تحتوي الرملة على العديد من المواقع الأثرية الهامة ، منها :بقايا قصر سليمان بن عبد الملك، والجامع الكبير وبركة العنزة شمال غرب الرملة بحوالي 1كم والجامع الأبيض ومئذنته وقبر الفضل بن العباس ومقام النبي صالح .

ولعل أهم معالم الرملة الاموية مسجدها  الذي شرع (سليمان بن عبد الملك) في بنائه يوم كان والياً على جند فلسطين ، ولما جائته الخلافة وترك فلسطين إلى دمشق ،اوكل إتمامه الى أخيه هشام ، وتوفى سليمان قبل إتمام المسجد ، فأقامه (عمر بن عبد العزيز) بعد أن نقص من خطته الأصلية.

ومنذ إتمامه اعتبر مسجد الرملة من أبهى المساجد في الإسلام، ومنبره من أحسن منابرها، أما محرابه فكان أكبر محاريبها، وقد فرشت ارض الجزء المسقوف منه بالرخام، أما الصحن فقد فرش بالحجارة المنحوتة، كما اقيمت في طرفه مئذنة بديعة، عرف بالجامع الأبيض، لانه بني بحجارة بيضاء، وقد دمره الفرنجة وأعاد بناؤه (صلاح الدين الأيوبي)، واسند هذا الأمر إلى أمهر مهندسية المعماريين (إلياس بن عبد الله) وذلك عام 586هـ، ثم جدده (الظاهر بيببرس) بعد عام 666هـ، وقيل إنه عمر القبة والمحراب والباب المقابل له، واعاد تجديده (محمد بن قلاوون) ، هو والمئذنة المشهورة والتي بقيت صامدة بأغلبها الى اليوم .

أوصاف للمسجد الأبيض :

وأول وصف وصل لنا لهذا المسجد قول المقدسي: (ليس بلاد الإسلام ابهى منه) ، وعد بعضهم الجامع الأبيض من أندر روائع المسلمين في بلاد الشام، وأنه الثالث من بين العمائر الدينية في الشام بعد الأموي في دمشق والأقصى في القدس، وعده البعض إحدى عجائب الدنيا ، أما مئذنته فأول من جاء على ذكرها هو (المقدسي) عند ذكره للجامع الأبيض قال: (وله منارة بهية) إلا أن هذه المئذنة تهدمت من جراء الزلزال الذي حدث عام 425هـ/ 1033م ، أما المئذنة الحاضرة فقد أقيمت على أنقاض منارة ثانية بناها (الظاهر بيبرس) بعد استرداده الرملة ، وقد بناها (المعلم ابن السيوفي) عام 718هـ/ 1318م، وهو رئيس المهندسين في عهد (السلطان محمد بن قلاوون)، وقد وصفها الكتاب والرحالة لأنها إحدى عجائب الدنيا في الهيئة والعلو، وتمتاز عن نظيراتها في العالم، بل لا يوجد مثلها دلالة على إبداع بانيها الفني وفخامتها، وهي اليوم تدعى برج الرملة – والصحيح انها مئذنة المسجد الابيض-  أو برج الاربعين شهيداً، وذلك للاعتقاد السائد بأنها قبة مدفون تحتها أربعين شهيداً من الصحابة ، وقبل انهم مدفونين بجانب او في المغارة- الأروقة اسفل المسجد .

= الجامع الكبير او الجامع العمري .

طول الجامع 14 قدماً وعرضه 72 قدماً .

= بئر العنيزية :

بنى العباسيون صهريجاً في الرملة عام 172هـ/789م، ويمتاز بعمارة تقوم على أكتاف حجرية، وتغطية أقبية طولية تقطعها بوائك عريضة، ويعرف محلياً باسم (بئر العنيزية)، ويقع على بعد نحو نصف ميل جنوب غربي مدينة الرملة على الطريق الموصل ما بين يافا والقدس، ويتكون من بئر محفور تحت الأرض وبه حوائط ساندة قوية.

والبئر مبنية من الحجارة المنتظمة المداميك واللحامات وتغشيها من الداخل طبقة سميكة من الأسمنت، ويعتقد انها تأسست بأمر من السيدة (خيزران)- زوجة الخليفة العباسي المهدي- في زمن ولدها الخليفة (هارون الرشيد)، ويعتبر هذا الصهريج الأثر العباسي الوحيد في فلسطين، كما أنه يعتبر أقدم مثال استعمل فيه العقد المدلل في مشروع لحفظ المياه.

= قصر سليمان بن عبد الملك :

تجمع المصادر التاريخية المتوفرة على أن سليمان عندما بدأ في تنفيذ مخطط الرملة كان أول بناء أنشأه هو قصره (دار الإمارة)، وكان سليمان قد نقل دواوين الإمارة إلى الرملة، وكان يود أن تكون الرملة مقر خلافاته، وقد ذكر (عبد الله مخلص) أن قصر سليمان لم يبق منه إلا بقية طلل كان في المكان الذي جعل داراً للحكومة حتى أيام الحرب؟!، فنقض وقد اقيمت مكانه اليوم حديقة البلدية في الرملة، ولا تزال بعض جدرانه قائمة إلى جانب الحديقة، وقد أكد لنا بعض العارفين أن إحدى غرف هذا القصر التي بقيت حتى العهد الأخير كانت بطور 12 متراً، وعرض 4 أمتار، وعلو جدرانها 20 متراً.

 = ضريح الصحابي الفضل بن العباس :

وقد جزم البخاري أنه استشهد يوم (أجنادين) عام 13هـ في خلفة أبي بكر (رضي الله عنه)، وفي تاريخ (اليعقوبي): أن الفضل بن العباس بن عبد المطلب توفى في فلسطين، وأول من ذكر قبره هو (مجير الدين العليمي) في كتابه (الأنس الجليل)  .

= مقام الأمام الحافظ أبو عبد الرحمن بن شعيب النسائي، يقع بجانب الجامع الأبيض ملاصقاً للحائط الشرقي.

= قبر عاتكة بنت جعفر بن أحمد بن نصر السنداري.

= قبر الشيخ صالح العدوي- وقبر أبو العون وابن رسلان وغيرها.

الوظيفة التجارية :

الرملة مركز تجاري هام منذ صدر الإسلام حتى اليوم، ففي الماضي كانت المدينة تقع على طريق القوافل التجارية بين مصر والشام. وقد استقر في الرملة كثير من التجار لازدهار الحركة التجارية فيها معظم العصور السابقة. وفي عهد الانتداب البريطاني كانت الرملة سوقاً تجارية للقرى التابعة لها، تعرض فيها كثير من المنتجات الزراعية والحيوانية والصناعية.

ذكر المقدسي في كتابه (أحسن التقاسيم) ان إقليم الرملة واسع الفواكه به رساتيق جليلة ومدن ثرية، ولا يوجد ألذ من فواكه، وفيه يكثر التين والنخيل. اما الحموي في (معجم البلدان) فذكر أن الرملة من اكثر البلاد صهاريج مع كثرة الفواكه وصحة الهواء، وأرضها سهلة كثيرة الأشجار والنخل، وحولها كثير من المغارس والمزارع، وبها أنواع كثيرة من الفواكه المعروفة.

وقد مدح ابن بطوطة في مهذب رحلته خيراتها وأسواقها الحسنة، وكانت أشجار الزيتون تنتشر في الإقليم بجانب أشجار البساتين المتنوعة بشكل غابات كثيفة، وكان إقليم الرملة يضم حوالي أربع آلاف قرية كلها تعترف للرملة بالسيادة، وترسل ما تنتجه ليباع في اسواق المدينة ويشتري أهلها ما يلزمهم.

وقد وجد في جهات الرملة عدة صناعات خفيفة بحسب الحاجة، فذكر (ناصر خسرو) في كتابه سفرنامه أنه شاهد عملية تقطيع حجارة الرخام الملون لاستعمالها في البناء، وقد أقيمت منشآت الرملة من هذا الرخام، كما ذكر (المقدسي) أن الرملة كانت تصدر القطين، ولا مثيل له في العالم، ولكثرة الزيتون في إقليم الرملة، فقد اشتهرت باستخراج الزيوت، وصناعة الصابون، وقد مرح البلوى في كتابه (تاج المفرق) صنائع المدينة فقال: وافرة الصنائع سابغة المدارع، فيها جنات من نخيل وأعناب طوبى لمصرها وحسن مآب.

إقليم الرملة بقراه الكثيرة كان يعتمد على المدينة في تزويده بما يلزمه من سلع محلية وخارجية، كما كان يعتمد عليها في تصريف منتجاته. وقد عرفت عدة اسواق مشهورة في مدينة الرملة تحوي المئات من الحوانيت التي تعج بمختلف السلع المحلية والمستوردة. وقد مدح الحميدي في (الروض المعطار) والعليمي في (الأنس الجليل) أسواق الرملة، وعدداً قسماً منها، وكلها تربط بالمسجد- مركز المدينة- حيث يزدهر النشاط التجاري، وتنشط عمليات البيع والشراء. ثم ظهرت الاسواق المتخصصة في الرملة، فكأن لمدينة كانت مقسمة تجارياً حسب المهن، فسوق للأكافين، وسوق للصياقلة، وسوق للخشابين إلى غير ذلك. وذكر (المقدسي) ان الرملة تحوي عدداً من الفنادق والخانات والحمامات النظيفة فقال: والتجارة بها مفيدة، والمعاش حسنة موضوعة بين رساتيق زكية، ومدن محيطة، ورباطات فاضلة ذات فنادق رشيقة، وحمامات أنيقة، وأطعمة نظيفة، ومنازل فسيحة، وقد صدرت الرملة التين المجفف الزيت والقطن والزبيب والخرنوب والصابون والفوط. والرملة ضمن الإقليم الساحلي المشرف على البحر المتوسط، ولكونها ساحلية أو قريبة من الساحل، فقد اتصلت بالخارج عن طريق مينائي يافا وايلة بالبحر الأبيض والأحمر، ومن ثم في الشرق واغرب، لأن المدينتين تعتبران منفذ الرملة إلى البحر، بل هما فرضة فلسطين بكاملها، ولاشك أن الرملة كانت ترسل بسلعها إلى العراق ومصر وباقي إقليم الشام، وربما وصلتها تجارة (جنوة وبيزة) وغيرهما.

وليس لدينا من أدلة على ازدهار الرملة الاقتصادي أبلغ من النقود المستعملة فيها، فقد وجدت حوالي15 مركزاً لضرب النقود في جندي فلسطين والأردن أهمها الرملة، وهذا يظهر لنا مدى أهمية المنطقة التجارة كالرملة في العصر الأموي. وفي العهد العباسي ضربت النقود كثير من المدن الفلسطينية، وفي مقدمتها الرملة. وكذلك كان الحال في العهد الطولوني، وكانت في مقدمة مراكز ضرب النقود في العهد الإخشيدي، ثم في عهد القرامطة حيث حرصوا على ضرب النقود فيها، حتى الدولة البويهية أيضاً حرصت على ضرب النقود فيها، كذلك (سيف الدولة الحمداني). أما النقود الفاطمية التي ضربت بالرملة، فكثرها تدل على المكانة الاقتصادية التي كانت تحظى بها الرملة في عهدهم.

الوظيفية الزراعية :

أثرت نشأة الرملة وسط إقليم وراعي في أهمية الوظيفة الزراعية للمدينة، فكانت نسبة كبيرة من سكانها تعمل في الزراعة، ولا سيما زراعة الزيتون والحمضيات والحبوب والخضر. وقد تحدث الرحالون الذين زاروا المدينة في القرون الماضية عن خصب أرضها، ووفرة مياهها، وتنوع محاصيلها الزراعية كالعنب والرمان والتفاح والبرتقال والبطيخ والتين والنخيل والحبوب والمشمش واللوز والبصل والقطن، وظهر أثر إنتاجها الزراعي الكبير في رواج الحركة التجارية في أسواقها العامرة طوال كل عصورها التاريخية التي طالما تغني الرحالة بعظمتها.

من أوصاف الرملة :

وقد كتب عنها (مجير الدين العليمي) في كتابه: (الأنس الجليل) عام 1496م. أما صفة الرملة قديماً حتى أواخر القرن الخامس الهجري فكان لها سور محيط بها - تقول الروايات ان مساحتها المسورة بلغت 2 كم2 ، أي ضعف البلدة القديمة بالقدس - ، وكان لها قطعة واثنا عشر باباً منها: باب القدس، وباب عسقلان، وباب يافا، وباب يازور، وباب نابلس، ولها اربعة أسواق متصلة من أربعة أبواب إلى وسطها، وهناك مسجد جامعها، من باب يافا يدخل في سوق القماحين، وهو متصل بوق البصالين حتى يتصل بمسجد جامعها، وأسواق كانت حسنة يباع غيها أنواع السلع، ويتصل بباب القدس سوق القطانين إلى سوق المشاطين للكتان إلى سوق العطارين، إلى المسجد الجامع. ويتصل بسوق الحبالين من باب يازور، ثم سوق العطارين، ثم البقالين إلى المسجد الجامع، واما في عصرنا ( أواخر العهد المملوكي) فلم يبق أثر لتلك الأوصاف التي بالرملة، وقد زالت أسوارها وأسواقها القديمة لاستيلاء الفرنجة عليها نحو مائة سنة، ولم يبق من المدينة ثلثها، بل ولا ربعها، وبنى فيها مساجد ومنابر مستجدة من زمن الملك الناصر محمد بن قلاوون وبعده.

والموجود الآن من الأبنية في المدينة معظمه خراب، متهدم. وأما المدينة فقد تقهقرت ونقصت جداً، وقل ساكنها، مع ذلك فهي مقصودة للبيع والشراء، ولا تخلو من بركة معيشتها ببركة ارضها وسكانها من الانبياء والصحابة والعلماء والأولياء.

وقد وصفها بعده بأقل من ثلاثة عقود من الزمن، وفي أوائل العهد العثماني عام1524م الراهب الإيطالي (فرنسيسكو سرياني) بقوله: إنها تبعد عن الشاطئ مسافة 10كم تقريباً، وتتخلل هذه المسافة عدة قرى تتمون بخضارها من الرملة بسبب جفاف أرضها وقلة مياهها، كما تتمون غزة والقدس بالفواكه من الرملة، وصفها بانها مستديرة الشكل، ويبلغ محيطها حوالي 5كم2، ولا توجد لها أسوار، وهي بمعظمها متهدمة وقليلة السكان، وبيوتها بأكثرها مبنية من الطين المقوى بالتبن.

وقد مدح ابن بطوطة في مهذب رحلته خيراتها وأسواقها الحسنة، وكانت أشجار الزيتون تنتشر في الإقليم بجانب أشجار البساتين المتنوعة بشكل غابات كثيفة، وكان إقليم الرملة يضم حوالي أربع آلاف قرية كلها تعترف للرملة بالسيادة، وترسل ما تنتجه ليباع في اسواق المدينة ويشتري أهلها ما يلزمهم.

وصف الرملة أبو اسحق ابراهيم الاصطرخي المتوفى عام 346 هـ 957 م في كتابه "المسالك والممالك " بقوله : فلسطين أزكى بلدان الشام ، ومدينتها العظمة الرملة ، وبيت المقدس يليها في الكبر "

وقد وجد في جهات الرملة عدة صناعات خفيفة بحسب الحاجة، فذكر (ناصر خسرو) في كتابه سفرنامه أنه شاهد عملية تقطيع حجارة الرخام الملون لاستعمالها في البناء، وقد أقيمت منشآت الرملة من هذا الرخام، كما ذكر (المقدسي) أن الرملة كانت تصدر القطين، ولا مثيل له في العالم، ولكثرة الزيتون في إقليم الرملة، فقد اشتهرت باستخراج الزيوت، وصناعة الصابون، وقد مرح البلوى في كتابه (تاج المفرق) صنائع المدينة فقال: وافرة الصنائع سابغة المدارع، فيها جنات من نخيل وأعناب طوبى لمصرها وحسن مآب .

أعلام المدينة :

وقد ظهر من ابناء المدينة على مر تاريخها الكثير من العلماء والمفكرين أمثال :

= ابو زرعة يحيى بن ابي عمرو السيباني ، من اهل الرملة

= ابراهيم بن شمر ، ابي عبلة بن يقظان  راوي الحديث .

= ابو عبد الله ضمرة بن ربيعة الفلسطيني الرملية وهو من المحدثين .

= الحافظ / الإمام شيخ الاسلام ابو عبد الرحمن ، احمد بن علي بن شعيب بن علي النسائي – نسبة الى نسا مدينة بخراسان -

= يزيد بن خالد بن مرشد الرملي .

= ادريس بن حمزة بن علي الرملي .

= قاضي القضاة العلامة كمال الدين محمد .

الحفريات تؤكد إزدهار الرملة :

كانت مدينة الرملة في أوج ازدهارها تغطي مساحة 2 كليومتر مربع ، وهذه حقيقة تؤكدها الحفريات الحديثة التي استطاعت أن تكشف عن المدينة القديمة لمساحة 2 كيلومتر مربع . واستناداً لمؤرخ عربي معاصر ، فإن المدينة احتوت على العديد من الأسواق والمساجد والبيوت كلها بنيت بالحجر الكلسي الأبيض والرخام . وقد بينت الحفريات لأحد أسواق المدينة كيف أن محلاته ودكاكينه بنيت على شكل مستطيلات أمام المسجد الأبيض ، وكشفت أيضاً عن خزانة من العملات الذهبية ترجع إلى القرن العاشر الميلادي وتحمل نقش شجرة النخيل ، رمز سكة الرملة .

وقد كشف الحفريات أيضاً عن خوابي مستطيلة الشكل كبيرة تحتوي على آثار صبغة حمراء اللون كانت تستعمل لصبغ الأقمشة ، والتي كانت مصدر أكثر ثروة المدينة. ودلائل أخرى على النشاطات الصناعية في المدينة وجدت في بقايا أربعة محلات للخزف على الأقل، وتحتوي على قوالب مصابيح، وهروات وصوانٍ تحتوي على طبقة عازلة لامعة وملونة. ويبدو ازدهار المدينة واضح أيضاً من الهندسة المعمارية فيها، حيث تظهر مجموعة من النقوش الهندسية على البيوت.

= لوددت أن أقبل جباهكم واحداً واحداً :

رأيت الدمع في عينيه ، انه اخي عبد المجيد محمد إغبارية – مسؤول ملف المقدسات في "مؤسسة الاقصى" ، يوم كنا نتجول في فناء المسجد الأبيض ، يقول لي انه من خلال مشاريع معسكر التواصل نعيد التاريخ الى 1400 عام ، وخلال اسبوع توج بيوم معسكر التواصل مع مقدسات الرملة ، شارك المئات من ابناء الحركة الإسلامية ومناصريها في تنفيذ المشاريع المخططة ، يتقدمهم قادة ومشايخ الحركة الإسلامية ، الطقس حارّ ، والعمل شاق ، ولكنها المقدسات تنادي بل وتستصرخ ، رأيتهم يجدّون ويجتهدون كهلهم والشاب فيهم والطفل ، يعملون دون كلل او ملل ما طلب منهم ويزيد ، العرق يتصبب من على جباههم الزكية ،ووجوهم الندية ، هممهم عالية ، وعزائمهم قوية ، يتواضعون بأعمالهم فيرفعهم الله بحسن نواياهم ، ولا أدري كم ابتسمت الرملة لقدومهم ، وقد حنّ البشر والحجر العربي الإسلامي لهم ، ووالله لوددت أن أقبّل جباههم واحداً واحداً دون إستثناء ، إنهم درر وجواهر وانهم لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، إنهم رجال المقدسات والأوقاف ، إنهم رجال القدس والأقصى .. إنهم كذلك وكفى ... 

 

 

 

 

 

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

تعليقات Facebook