قال الناشط عبد أبو شحادة عضو الهيئة الاسلامية في مدينة يافا معقباً على ما يواجهه الأهالي من ظواهر خطيرة كالعنف وجرائم القتل التي راح ضحيتها عدد من الشبان "بينما نظرت إلى وجوه الشباب في جنازة ضحية عنف، فهمت أنني أنظر إلى نفسي، لا أعرف كيف أقول لهم عذرا. للأسف الشديد، على ما يبدو، سيضطر الشبان أيضا المرور بهذه التجربة المرعبة في يافا حيث الواقع العصيب والمستقبل المجهول".
وأضاف "الشرطة تتعامل مع المواطن العربي في المجتمع كعدوٍ وترى فيه مشكلة ديمغرافية. ارتفاع نسبة العنف والجريمة في المجتمع العربي واليافيّ ثمرة سياسة ممنهجة من الدرجة الأولى. قد يكون الواقع أقسى من الوصف، جرائم القتل في المجتمع العربي ليست إلا فصلا من كتاب الموت الذي أصبح صناعة مبرمجة، يضم في طياته حوادث الطرق والعمل، إذ ترفض السلطات وخاصة الشرطة الإسرائيلية، قراءته، فهي تسعى جاهدة بكل الطرق والوسائل لتجنيد المواطنين العرب بهدف انسلاخهم عن الهوية العربية الفلسطينية، وتتقاعس في كل ما يتعلق بكبح جماع العنف والجريمة".
وتابع " ما يحصل في يافا من استشراء العنف وجرائم القتل مؤلم جدا، فنحن نتحدث عن عشرات جرائم القتل التي وقعت منذ عشرة أعوام، ولم يترك هذا الجرح المفتوح عائلة أو مواطنا في يافا إلا ومسّه، وعلت صرخات الأمهات الثكالى اللواتي فقدن أولادهن بلحظة لا تزال تلازمني، فبعضهم أصدقاء مقربون فقدتهم دون أن أعرف سبب قتلهم حتى الآن، كانوا في ريعان شبابهم، وهم مثقفون ومتعلمون".
وعن الجريمة الأخيرة التي وقعت في المدينة وراح ضحيتها الشاب معتز المصري، قال "هذه الصدفة قد تجسد الواقع الأليم الذي تعيشه مدينة يافا، المرحوم معتز كان من خيرة شباب المدينة قبل أن يُقتل أصيب بإطلاق النار في مشهد تمثيلي، حين كان يمثل دور أحد الشباب في فيلم "العجمي" الذي يحاكي الواقع في يافا، ولم يعلم معتز أنه سوف يكون ضحية إطلاق النار في الحقيقة، فتلك الصدفة لربما أكبر شاهد على هذا الواقع.
وعن تقاعس الشرطة قال الناشط أبو شحادة "أتهم الشرطة في كل ما يحصل من تفشي العنف والإجرام في الدرجة الأولى، ولا يمكنني أن أعول عليها، فهي لم ولن تكون صمام الأمان للمجتمع العربي، لأنها تعاملنا كعدو وليس كمواطنين بشكل دائم، وهذا أمر غير منطقي".
وعن دور الأحزاب والحركات السياسية قال أبو شحادة "نسمع الأحزاب تتحدث عن هوية قومية وتحرر قومي وتنظم مظاهرات وما إلى ذلك، لكن ما يرفضون إدراكه بأنهم مع كل التفسير لوضعنا البائس لم يأبهوا بأن يشرحوا لنا، نحن الشباب، ما القصد بكلمة قومية؟ أليس من المفترض أن تعتمد قومية المحتل على أخوة الشعب المحتل؟ هل هدفهم حقا أن يعملوا على خلق هوية مشتركة بيننا يكون فيها كل الشباب العرب بنفس القارب؟ وأن يوضحوا أن المشكلة ليست فينا إنما بمن احتل وهدم هويتنا، هؤلاء الذين جعلونا نعتقد بأننا أعداء؟ أم أن عنفنا قد أصبح موضوعا يتداوله المثقفون والعلمانيون الذين يجلسون في الأكاديمية ويحللون الظواهر. يجب على القياديين أن يبسّطوا خطابهم للناس كي يصل لتلك القلوب البسيطة التي لا تهتم بالتحليلات والنظريات السياسية، وكل همها العيش بكرامة وأمان، يجب أن ننزل إليهم، إلى الشارع، وأن نشعر بما يشعرون، وأن نعيش الواقع ولو للحظة".
وأنهى أبو شحادة حديثه قائلاً "يجب أن نعلم جميعًا وخاصة الشباب أن من يستعمل العنف تجاه الآخر في المجتمع، ليس فقط يعتدي على الضحية، إنما يعتدي على نفسه أولاً ومن ثم على والدته وعائلته وبلده، يجب أن نعي أننا في وضع سياسي عصيب، يشكل خطرا على كياننا ووجودنا، لذا علينا التكاتف والتوحد، فكلنا أبناء جلدة واحدة، همّنا واحد وألمنا واحد وبوصلتنا واحدة وليس لنا إلا وطن واحد، ومن يؤمن أنه صاحب قضية وأنه على حق عليه أن يتصرف بمسؤولية ويرى المصلحة العامة نصب أعينه، وأنه ليس وحده في هذا العالم، إنما هو جزء من مجتمع كامل متكامل".
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]