اغلاق
اغلاق
  ارسل خبر

رائد بطولة الملاكمة في فلسطين الراحل البطل اليافي دومًا أديب عبد الرحمن الدسوقي


بطل فلسطين والشرق الاوسط في الملاكمة في منتصف القرن الماضي، وكان له الدور الكبير في نشر لعبة الملاكمة في فلسطين خاصة والوطن العربي عامة ومنها الكويت الاردن وغيرها من الدول العربية، والصورة المرفقة للراحل الدسوقي في العام 1955 وهي مستعارة من موسوعة تاريخ الرياضة المقدسية 1900-2000 التي ستصدر عن شبكة وكالة بال سبورت صيف هذا العام.

اسم لمع في سماء فلسطين وانتشرت شهرته في دول عربية شقيقة حتى أصبح من أعظم الملاكمين العرب، ملاكم ومدرب مخضرم رفع مكانة الملاكمة الفلسطينية عالياً قبل النكبة وبعدها.

ولد أديب عبد الرحمن الدسوقي في مدينة يافا في عام 1914 وكان والده من لاعبي مصارعة (التبان العربي) وهي لعبة كانت شائعة في فلسطين في العهد العثماني. وفي بداية الثلاثينيات ظهر الدسوقي كملاكم تنبأ الكثيرون أنه سوف ينطلق في عالم الملاكمة ليحقق النصر والنجاح ، وقد بدأ مشواره الرياضي في النادي الرياضي الإسلامي في يافا (الذي تأسس في عام 1926 وأولى اهتماماً بالغاً بالملاكمة) وكان مدربه الدكتور حقي مازين مشرف الملاكمة لهذا النادي (وحكماً وناشطاً في الاتحاد الرياضي الفلسطيني الذي أعيد تأسيسه عام 1944). حصل الدسوقي على بطولة فلسطين في عام 1935. وفي أثناء ثورة 1936 تم اعتقاله هو وأبيه وأخيه في معسكر صرفند قرب يافا.

في أيلول 1937 تبارى مع بطل سوريا ولبنان مصطفى الأرناؤوط على مسرح مدرسة الفرير في مباراة حضرها رئيس بلدية يافا ، وفي كانون الثاني 1938 تبارى معه في بيروت وكانت النتيجة التعادل، وفي نفس العام تقدم الدسوقي للمنافسة على بطولة مصر في الملاكمة في الوزن الثقيل.

ومن خلال صداقته مع الدكتور حقي مازين استطاع كلاهما تأسيس المعهد الأولمبي في نهاية الثلاثين ي ات ، وقد خطى هذا النادي خطى سريعة نحو نشر الملاكمة بين الرياضيين العرب ، وعمل رياضيي هذا النادي (بالتعاون مع الملاكمين الآخرين) بثبات وإصرار على رفع مستوى الرياضة العربية بشكل عام والملاكمة بشكل خاص لكي تصل إلى مستوى رفيع محلياً ودولياً وتضاهي مثيلتها الرياضة اليهودية . وكان الاتحاد الفلسطيني للملاكمين الهواة من أوائل الاتحادات التي أسست قبل إعادة تأسيس الاتحاد الرياضي الفلسطيني العربي في أيلول عام 1944 , وفي عام 1945 أصبحت هناك لجنة فرعية للملاكمة (الهواة) تابعة لهذا الاتحاد. وكما يذكر خير الدين أبو الجبين محرر (زاوية الدفاع الرياضية) من خلال لقائه مع الدسوقي في الكويت أنه كان في فلسطين (في الأربعينيات) اتحاد للملاكمين المحترفين مكوناً من أديب الدسوقي وحسين حسني من يافا ومن القدس ليفون كشيشيان ثم إبراهيم الرملاوي وهو رئيس نادي أنصار الفضيلة في حيفا. وهذا لا يعني أن الدسوقي واتحاد الملاكمين المحترفين كانا بمعزل عن الاتحاد الرياضي الفلسطيني، بل كانت هناك صلات وعلاقات وطيدة وتنسيق بين الدسوقي واتحاده من جهة والاتحاد الرياضي الفلسطيني من جهة أخرى.

تبارى الدسوقي مع أبطال الجيش والبوليس الإنجليزي فخلال الحرب العالمية الثانية تبارى مع البطل البريطاني هارولد انثوني ففاز عليه في معسكر صرفند قرب يافا. كما وتبارى الدسوقي مع ملاكمي "المكابي" و"الهابوعيل" اليهود في فلسطين و الملاكمين المشهورين العرب في فلسطين مثل شوقي أبو حجر ومحمد الريس وسنحاريب صليبا والبطلين ماردو بوكرشيان ونوبار الأرمينيين الفلسطينيين ومع أشهر الملاكمين العرب في مصر وسوريا ولبنان.

في شباط 1942 جرت على مسرح سينما أديسون في القدس حفلة ملاكمة بين البطل الفلسطيني أديب الدسوقي وبطل الشرق الأدنى ماردوس بوكرشيان حضرها جمهور غفير لما للبطلين المتلاكمين من الشهرة والمكانة ، وكما تذكر صحيفة (فلسطين) "كان اللعب حماسياً وأسفر في النهاية عن فوز السيد أديب في الجولة الخامسة عشرة على غريمه ووزنه 99 كيلوغراماً مع أن وزن السيد أديب 77 كيلوغراماً. وماردوس هذا يعتبر من أبطال الملاكمة المعروفين في الشرق وقد تغلب في السابق على الملاكم سنحاريب صليبا الذي تغلب على بطل مصر عبده كبريت وعلى شادي بطل النمسا وبذلك يكون السيد الدسوقي قد فاز ببطولة عالية".

على الصعيد الرياضي لا بد من تذكير القارئ أن فترة نهاية الثلاثينيات وبداية الأربعينيات كانت تتميز بضعف في البنية التنظيمية بسبب توقف نشاط الاتحاد الرياضي الفلسطيني الذي أسس عام 1931 والذي كان قد توقف عن العمل بسبب ثورة 1936 المجيدة. وكان نشاطه مدعوماً من قبل مؤتمر الشباب الذي ساهم مساهمة فعالة في الوقوف بجانب الحركة الرياضية والكشفية في فلسطين ، لذا فإن نشاط الأندية من جهة كان نشاطاً عفوياً غير موجه بالإضافة إلى تعرضه للهيمنة الصهيونية على الحركة الرياضية، ومن جهة أخرى فإن نشوء الأندية ونشاطها حافظ على استمرارية الحركة الرياضية وعلى هويتها. ومما لا شك فيه أن نشوء المعهد الأولمبي ونشاطه في مجال الملاكمة (في الوقت الذي تكاثفت به النشاطات اللقاءات بين الأندية العربية في هذا النوع من الرياضة) ومباريات أعضائه مع الفرق الانجليزية واليهودية في فلسطين كان قد ساهم في تعزيز الحركة الرياضية حتى بغياب الاتحاد الرياضي الفلسطيني وعزز من هويتها العربية.

إن الذي ميز نشاط الملاكمة العربية في فلسطين أيضا هو غزارة اللقاءات مع الفرق العربية من الدول العربية الشقيقة وخاصة المصرية التي كانت قد قطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال. في أيار 1944 تبارى الدسوقي مع أحد ملاكمي نادي مختار الرياضي بالقاهرة وكانت النتيجة التعادل ، في تموز من هذا العام أجري لقاء بين ملاكمي فلسطين ومصر في جمعية الشبان المسلمين بالقاهرة ، وفي آب 1945 حضر إلى فلسطين فريق رياضي مصري مؤلف من أبطال المصارعة ورفع الأثقال وعلى رأسه البطل العالمي مختار حسين حيث تبارى مع الملاكمين الفلسطينيين بينهم أديب الدسوقي وكانت الحفلة تحت رعاية رئيس بلدية يافا يوسف هيكل . وفي ذلك الشهر أيضاً أقيمت مباراة في الملاكمة بين فريق منتخب السكة الحديد في القاهرة الذي زار فلسطين وتبارى مع منتخب ملاكمي حيفا ومع منتخب مدينة يافا من بينهم الدسوقي.

في منتصف أيار 1946 دعت منظمة الإخوان المسلمين في مصر في أديب الدسوقي وزملائه الملاكمين للحضور إلى مصر والتباري مع فرقها في مدن عديدة ولكن الحكومة المصرية لم تسمح إلا لنصف العدد الذي قدم طلب الدخول لمصر . وقد قبل الدسوقي بالتوجه مع أربعة لاعبين فقط مما انعكس على نتائج المباريات وكانت نتيجة اللقاءات تعادل في المنصورة : الفوز في اثنتين والخسارة في اثنتين، خسارة في الإسكندرية : خسر ثلاثة وربح واحد ، خسارة في القاهرة : خسر ثلاثة وربح واحدة ، تعادل في بور سعيد : ربح اثنتين وخسر اثنتين . وبرغم ذلك كانت هذه النتائج مشرفة للفريق الفلسطيني لما كان يملك من إمكانات متواضعة .

في تشرين الثاني نشرت جريدة (الأهرام) المصرية خبر بخصوص بطولة الشرق متهمة الدسوقي بالتهرب من ملاكمة بطل مصر عرفة السيد في شروطه التي عرضها على بطل مصر ومنها الحضور إلى فلسطين لإقامة مباراة بطولة الشرق في يافا. وتحت عنوان (بطولة الشرق في الملاكمة) جاء في صحيفة (فلسطين) نقلاً عن مراسلها في القاهرة في 22 حزيران 1946 "جرت مساء أمس الأول المباراة الكبرى في الملاكمة على حلقة جمعية الشبان المسلمين هنا (القاهرة) لإحراز بطولة الشرق بين عرفة السيد بطل القطر المصري وأديب الدسوقي بطل فلسطين وقد تغلب بطل مصر على السيد أديب بالنقاط، وقد سقط أديب مرتين في الجولة الأخيرة وبذلك يكون عرفة السيد هو بطل الشرق وقد علق رياضي على طريقة أديب الدسوقي في اللعب فوصفها بأنها حسنة إلا أنه يستعمل رأسه كثيراً كما أنه لا يستعمل يده اليسرى بالمرة، فإذا أمكن له معالجة هذه العيوب فإنه يبرز كملاكم له خطره ، أما المباراة فكانت مؤلفة من 12 جولة كل منها ثلاث دقائق ظل فيها أديب صامداً حتى النهاية".

لقد خاض الدسوقي العشرات من اللقاءات في الملاكمة بالإضافة إلى عمله كمدرب وكان من خيرة تلاميذه محمد الريس في وزن الخفيف وشوقي أبو حجر في وزن الذبابة وصبحي رضا في وزن خفيف ثقيل.

تقدم أديب الدسوقي بطلب للهيئة العربية العليا طالباً منها مساعدته في السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لمباراة أبطالها هناك. ولكنه فيما بعد الوقت تلقى خطاباً من المكتب العربي في واشنطن يظهر فيه أسفه لعدم تمكنه من إقامة مباريات للملاكمة بين أديب وأبطال أميركا لأن المسيطرين على هذه الحركة هناك يهود ، غير أن بعض الإخوان الرياضيين هناك تغلبوا على هذه المشكلة واتفقوا على إقامة مباراة بين بطل شيكاغو وأديب وأرسلوا إليه برقية يستدعونه فيها ، غير أنه مع الأسف لم يبت في أمر هذه الدعوة لسبب مالي. وقد أرسل الدسوقي إلى الهيئات السياسية والقومية راجياً مساعدته في السفر ، وتلقى فيما بعد كتابين من المكتب العربي بالقدس وبيت المال العربي ، وكان كتاب المكتب العربي يتضمن الأسف لعدم تمكنه من مساعدته رغم أن المشرفين على بيت المال العربي خصصوا 25 ألف جنيه كإعانة سنوية لمشاريع الشباب كالاتحاد الرياضي الفلسطيني والفرق الكشفية العربية.

أثناء نكبة عام 1948 كان الدسوقي أحد أفراد الكتيبة الفلسطينية التابعة للجيش المصري، وفيما بعد اشترك في عدة مباريات في القاهرة أثناء حصار الفالوجة وخصص دخل تلك المباريات لأسر شهداء الفالوجة. وفي تشرين الثاني من عام 1949 سافر إلى العراق حيث عين مدرساً للتربية البدنية ومدرباً في دار المعلمين ببغداد كما عين مرشداً للملاكمة في وزارة التربية العراقية ومدرباً للملاكمة في النادي الملكي هناك. ساهم الدسوقي في إعداد فريق ملاكمة في العراق تمكن من الفوز على منتخب الجيش البريطاني في معسكر الحبانية والفوز أيضاً على منتخب لبنان. فيما بعد غادر الدسوقي العراق متوجهاً إلى سوريا حيث عمل فيها منذ شهر نيسان عام 1953 وعين هناك في وزارة الدفاع مدرباً للملاكمة والدفاع عن النفس وكان يعمل مدرباً للمغاوير في معسكر قطنة في الصباح بينما يعمل بعد الظهر مدرباً للملاكمة في مدرسة الشرطة تحت قيادة العقيد إبراهيم الحسيني. كما ودرب الدسوقي في سوريا فريقاً للملاكمة تمكن من الفوز على منتخب لبنان وتعادل مع منتخب مصر الدولي عام 1955. غادر الدسوقي بعد ذلك إلى الأردن ، وفي عمان بدأ مشواره الرياضي من جديد وأعاد تشكيل ناديه حيث تتلمذ على يديه عدد من الملاكمين نذكر منهم فهد الطنبور الذي أصبح فيما بعد بطل الأردن في الملاكمة. في عام 1961 أعلن الدسوقي أنه على استعداد للدخول في مباراة في الملاكمة مع الملاكم الأمريكي باترسن للحصول على بطولة العالم في الملاكمة . وفي السبعينات عين الدسوقي مدرباً في الكويت لتدريب الجيش الكويتي واستمر في عمله هذا حتى أوائل الثمانيات وعاد بعدها إلى الأردن.

بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]

أضف تعليق

التعليقات

1
العجمي تقرير فيه مفخرة وعز لهذا البطل وعائلته دسوقي شكر للموقع وشكرا لهذا التقرير المميز والمبدع لقد قلرات التقرير و
محمد - 14/02/2012
رد
2
كبار الجيش الانجليزي تبار مع كبار الجيش الانجليزي وكل التقدير لهذا المجد
مروان - 14/02/2012
رد
3
كلمة التقرير ممتاز وكل التقدير للموقع على مثل هذه اللفتة الرائعة التي تبعث إلى العز والفخر بمجد يافا ،ليس كما جاء في غير هذا الموقع عن رأي مديرة مدرسة عن اللغة العربية .!!! خسارة طاقات تم إهدارها من أجل لا شيء ليس لها قيمة
محمد أبو سيف - 14/02/2012
رد
4
بطل فلسطين نعم هذة يافا اهلهاالطيبين وعى ما ازكر دار ابوه يسكن بجنب المسكوبية بابو كبير
ايوب الكردى - 14/02/2012
رد
5
رائع نعم هذه يافا التي نحب وأهلها الطيبين والمتفوقين. هي رسالة لكل يافاوي مفتاح النجاح امامك وما عليكم إلا الاقدام نحوه فهو بانتظاركم. وها هو بطل فلسطين في الملاكمة احد اعلام مدينة يافا وقد درب بعض ممن يعيشون معنا حتى يومنا هذا مثل ابو احمد مغربي الذي ربطه علاقة صداقة مع الدسوقي وبقى على اتصال معه حتى وفاته في عمان. وابو محمد شلغم وشعبان بلحة وغيرهم من الشباب الذين تلاعلاعوا على حب يافا والوطن هنيئا لأهالي يافا بهذا الموقع والى القائمين عليه نقول الف تحية والى الامام
ابو ايمن - 14/02/2012
رد

تعليقات Facebook