كما يعلم الجميع فقد أقدمت المؤسسة الإسرائيلية في أواخر عام 2015 على حظر الحركة الإسلامية وعلى حظر كل مؤسساتها، ومنذ ذاك الحظر ما عاد هناك وجود لتلك الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا، ولا لسائر مؤسساتها المحظورة، وأنا شخصيا ما عدت رئيسا لحركة إسلامية محظورة إسرائيليًا، لأنه ما عاد لها وجود أصلا حتى أكون رئيسا لها، والجميع يعرف ذلك، بما في ذلك المؤسسة الإسرائيلية وسائر أذرعها السياسية والأمنية والإعلامية، وقد أكدت في وسائل الإعلام أكثر من مرة أنه ما عاد هناك وجود لهذه الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليًا وما عدت رئيسا لها، ومع ذلك تحاول كثير من أبواق المؤسسة الإسرائيلية المختلفة أن تشيع طوال الوقت أن الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليًا لا تزال قائمة!! رغم أن المؤسسة الإسرائيلية هي التي حظرت هذه الحركة، ثم تحاول هذه الأبواق الإسرائيلية المختلفة أن تشيع طوال الوقت وفق تضليل من طرفها أن هذه الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا هي التي تقف من وراء كثير من الأحداث في الداخل على صعيد الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية، وأن هذه الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا هي التي تقف من وراء حب أهلنا على الصعيد الإسلامي والعروبي والفلسطيني للقدس والمسجد الأقصى المباركين، ومن وراء التفاف هؤلاء الأهل حول القدس والمسجد الأقصى المباركين، ومن وراء قيام كل واحد من أهلنا- رجلا أو امرأة وكبيرا أو صغيرا- بشدّ الرّحال إلى المسجد الأقصى وأداء الصلاة أو تناول الإفطار الرمضاني فيه، وهكذا تخدع المؤسسة الإسرائيلية نفسها، وتخدع جمهورها، وكأنها وجدت أن أسهل شيء لتفسير فشلها في أكثر من موقع وقضية أن تقول: إن من تقف من وراء ذلك هي الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا، وهكذا باتت هذه الأبواق الإسرائيلية المختلفة تتمتع بغباء ما له حدود، أو تتظاهر بهذا الغباء لحاجة في نفسها، وخاصة في قضية القدس والمسجد الأقصى المباركين، حيث أن الذي يقف من وراء حب الأهل للقدس والمسجد الأقصى المباركين والتفافهم حولهما على الصعيد الإسلامي العروبي الفلسطيني هو الثوابت الإسلامية العروبية الفلسطينية وليست الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا التي ما عاد لها وجود أصلا، وتوضيحا لهذا الواضح أؤكد هذه الملاحظات:
1- حب الأهل للقدس والمسجد الأقصى المباركين على الصعيد الإسلامي العروبي الفلسطيني ليس حبا شخصيا قابلا أن يختفي أو يتغير أو أن يضعف في يوم من الأيام، بل هو حب إيماني عقدي أمر به القرآن الكريم والسنة النبوية، وورد في ذلك عشرات الأدلة القرآنية والنبوية، وما أكثرها، وما أشهرها، لدرجة أنها باتت محفوظة عن ظهر قلب لدى الرجال والنساء-كبارا وصغارا-. فالكل من هؤلاء يحفظ قول الله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير)- الإسراء:1- وعلى هذا الأساس فإن الكل من هؤلاء يدرك أن قضية القدس والمسجد الأقصى هي قضية قرآنية، وأن حب هذه القضية هو أمر قرآني، وأن واجب هذا الحب لهذه القضية كواجب الحب للمسجد الحرام ومكة المكرمة، لأن هذه الآية القرآنية ربطت بينهما ربطا متينا محكما أبديا حتى قيام الساعة، وجعلت من مصير القدس والمسجد الأقصى المباركين جزءا من مصير مكة المكرمة والمسجد الحرام. وبات هذا الفهم القرآني مزروعا في عقول وقلوب ومشاعر كل هذا الكل من الأهل على الصعيد الإسلامي العروبي الفلسطيني. ولذلك فإن الذي بات يدفع كل واحد من هذا الكل لشد الرحال حتى لو كان في أقصى الأرض لزيارة مكة المكرمة والمسجد الحرام هو الدافع ذاته الذي بات يدفعه لشد الرحال لزيارة القدس والمسجد الأقصى المباركين. وإن الذي بات يدفع كل واحد من هذا الكل للتعلق الوجداني الحيّ الدائم بمكة المكرمة والمسجد الحرام هو الدافع ذاته الذي بات يدفع كل واحد من هذا الكل للتعلق الوجداني الحيّ الدائم بالقدس والمسجد الأقصى المباركين. وإن الذي بات يدفع كل واحد من هذا الكل للتعبير عن شغفه العاطفي بمكة المكرمة والمسجد الحرام، قائلا: (مكة المكرمة والمسجد الحرام في القلب) أو (مكة المكرمة والمسجد الحرام في العيون)، هو الدافع ذاته الذي بات يدفع كل واحد من هذا الكل أن يقول: (القدس والمسجد الأقصى في القلب) أو (القدس والمسجد الأقصى في العيون). وهذا ما أثبته التاريخ الإسلامي العربي والحضارة الإسلامية العربية، حيث ظلت قضية القدس والمسجد الأقصى المباركين على امتداد هذا التاريخ وهذه الحضارة قضية كل الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني، مما يعني أنها باتت اليوم قضية ملياري مسلم وعربي وفلسطيني الذين باتوا يلتفون اليوم حول هذه القضية. ثمّ كلما زاد هذا العدد مع قادمات الأيام كلما زاد عدد هذا الكل الإسلامي العروبي الفلسطيني المحب لهذه القضية والملتف حولها. وها هي بصمات التاريخ الإسلامي العربي والحضارة الإسلامية العربية تنطق بذلك اليوم في القدس والمسجد الأقصى المباركين. فلو تعرفنا على أنساب أهلنا في القدس المباركة اليوم لوجدنا فيهم ذوي الجذور العربية أو التركية أو الإفريقية أو الأفغانية أو القفقاسية، ولو تعرفنا على ذوي الجذور العربية منهم لوجدنا فيهم الفلسطيني والمغربي واليمني والخليجي والمصري، ولوجدنا أن كل هذه الجذور قد التقت في دائرة مجتمع الأهل المقدسيين الواحد!! فما الذي جمع كل هؤلاء؟! وما الذي دفع أجدادهم منذ القديم إلى ترك مسقط رأسهم في شتى بقاع الأرض وشدّ الرحال إلى القدس والمسجد الأقصى المباركين؟! إنها التوأمة المباركة التي جمع الله تعالى فيها جمعا حيا أبديا- ما دامت هذه الدنيا- بين مكة المكرمة والمسجد الحرام من جهة، وبين القدس والمسجد الأقصى المباركين من جهة أخرى. ومن ينكر ذلك أو يتنكر لذلك فإنما يضحك على نفسه!! ومن يجهل ذلك أو يتجاهل ذلك فإنما يخادع جمهوره!! ثم لو تعرفنا على البصمات الحضارية في عمارة القدس والمسجد الأقصى المباركين لوجدنا أن كل مرحلة من مسيرة الحضارة الإسلامية العربية قد تركت لها بصمات حضارية على المسجد الأقصى المبارك وعلى سائر مساحته التي تبلغ 144 دونما، سواء كانت بصمات حضارية فوق أرضه أو تحتها، وسواء كانت في مصلياته أو بوائكه أو مصاطبه أو مآذنه أو قبابه أو أسواره أو أبوابه، منذ الخلافة الراشدة حتى الخلافة العثمانية!! فما الذي دفع أعمدة الحضارة الإسلامية العربية- خلال سيرها الطويل- على التنافس على عمارة القدس والمسجد الأقصى المباركين!! إنها التوأمة المباركة إياها التي وردت في مطلع سورة الإسراء!! وهي قراءة سريعة لدليل من ضمن آلاف الأدلة التي تحدثنا عن قضية القدس والمسجد الأقصى المباركين!! ولذلك ما أسفه من ما زال يماحك- كائنا من كان- مدّعيا لحاجة في نفسه أن الذي يقف من وراء حب الأهل على الصعيد الإسلامي العروبي الفلسطيني للقدس والمسجد الأقصى المباركين ومن وراء التفافهم حولهما هي الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]