الانقلاب الممنهج الذي قام به الجيش بقيادة عبد الفتاح السيسي والذي أدى إلى سقوط حكم الإخوان , بعد عام واحد من توليهم الحكم , هذا الانقلاب على الشرعية والديمقراطية المزعومة حظي بتأييد محلي وإقليمي وعالمي , على المستوى المحلي الجيش والشرطة وأجهزة الأمن بكل فروعها , والأزهر والكنيسة القبطية , والمعارضة بكل تشكيلاتها وتوجهاتها , وقف الجميع صفا في جبهة واحدة ضد الإخوان , على الصعيد الإقليمي , دول الخليج وعلى رأسهم السعودية ودولة الإمارات العربية , ترحب وتعبر عن فرحتها بسقوط حكم الإخوان , سفير إسرائيل في مصر يقول سقوط مرسي نعمة يجب أن نشكر الله عليها , وعلى الصعيد العالمي لم نفاجأ بسياسة النفاق التي تعتمدها أمريكا والدول الأوروبية , اوباما يذرف دموع التماسيح أمام وسائل الإعلام تأييدا للشرعية وحفاظا على الديمقراطية في مصر , وعلى بعد أمتار منه الكونغرس الأمريكي يطالب مرسي بالاستقالة , ووزير الدفاع الأمريكي هاجل يتابع الأحداث عبر عامله السيسي أول بأول يتلقى منه المعلومات , ويصدر إليه التعليمات والنصائح الملزمة , الرئيس الشرعي محمد مرسي الذي وصل إلى سدة الحكم عن طريق انتخابات ديمقراطية , وجه دعوات عده للحوار فرفض المعارضون الحوار , أعلن عن مشروع للإصلاح فقوبل بالرفض من المعارضين , بل قاموا بعرقلة المشرع وتعويقه.
قام المعارضون بحملات إفشال ممنهجه لسياسة مرسي , صُرف عليها ملايين الدولارات بتمويل خليجي , المعارضة وضعت نصب عينها هدفا واحدا لا ترضى عنه بديلا ولو أدى الأمر إلى تدمير مصر كما تدمّر سورية , وهو إسقاط حكم الإخوان في مصر , وإسقاط حكم الإخوان يعني إسقاط المشروع الإسلامي برمته في العالم كله ,لان الإخوان في مصر هم رأس هرم الجماعات الإسلامية في العالم , فإذا سقط الإخوان في مصر سقط المشروع الإسلامي في العالم كله , وهذا هدف كل القوى المعادية للإسلام السياسي في العالم , وعلى رأسهم دول الخليج والعلمانيين العرب على اختلاف توجهاتهم وتشكيلاتهم.
من الصعب القول أن الرئيس مرسي والمرشد العام للإخوان المسلمين وقيادات الإخوان لم يقرؤا العناوين العريضة التي تطالب برحيلهم , ولم يفطنوا لهذا التربّص بهم , الأمر كان جليا لم يُدبر بليل , وسائل الإعلام المختلفة وعلى رأسها القنوات الفضائية الهدامة والمضللة كانت تعمل ليل نهار وعلى مدار الساعة لتهيئة الأجواء للانقضاض على حكم الإخوان , قيادات الإخوان وعلى رأسهم المرشد العام والرئيس مرسي , تعاملوا مع هذه العناوين باستخفاف واستعلاء , في ظل هذه الأجواء المعادية , والشحن المنقطع النظير بالعداء والكراهية للإخوان , لا يجوز التعامل مع هكذا أمور باستخفاف واستعلاء وعدم مبالاة , لقد اخطأ الإخوان في قراءة الخريطة السياسية , ولم يحسنوا التعامل مع الأحداث , فهكذا أحداث وبهذا الحجم لا تعالج على قاعدة من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر , هناك أمور في السياسة خاصة لا ينفع معها الدفع بالتي هي أحسن , بل يحتاج علاجها إلى شيء من الغلظة والشدة , من اكبر الأخطاء مثلا السكوت عن القنوات الفضائية المسيئة والمفسدة والمضللة والممولة بأموال أجنبية , هذه لعبت دورا أساسيا في إشعال نار الفتنة في الشارع المصري , وبث الحقد والكراهية بين أبناء الشعب الواحد , وهناك العديد من الأخطاء على الصعيد السياسي ارتكبها الرئيس محمد مرسي في فترة رأسته القصيرة أسهمت في تعجيل سقوطه , مثل قطع العلاقات مع سورية وإغلاق السفارة السورية , بدلا من قطع العلاقات مع إسرائيل وإغلاق السفارة الإسرائيلية , وهدم الأنفاق وتضيق الخناق على أهل غزه , وهناك أخطاء على الصعيد الداخلي تتعلق بالدستور والقضاء وأمور أخرى لا داعي إلى ذكرها خلاصة القول إسقاط محمد مرسي لا يحل المشكلة , ولا يخرج مصر من الفوضى الخلاقة التي أدخلتها فيها الولايات المتحدة الأمريكية , بغية تفتيتها وتقسيمها إلى دويلات كما قسّمت العراق والسودان وتحاول تقسيم سورية , مصر اليوم في منعطف تاريخي خطير يأخذ بها إلى المجهول , على الإخوان أن يقوموا بعملية مراجعة ودراسة وإعادة حسابات لاستخلاص الدروس والعبر , للنهوض من جديد وعلى بصيرة , والله غالب على أمره.
سعيد سطل ابو سليمان
6 /7 / 2013
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]