في زمن الفتن والعجائب ، في السنوات الخَدَّاعَات قال صلى الله عليه وسلم: (سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ ، قِيلَ : وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ ؟ قَالَ : الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ.
)[أخرجه ابن ماجة وأحمد وصححه الألباني].
عَينٌ على سوريا ، والأخرى على مصر ، والعقل متعجب من كل متكبر جبار ، والقلب يخفق ألما وحبا وخوفا على أشقاء لنا امتحنهم الله في دينهم ، وأولادهم ، وأزواجهم ، وأعراضهم ، فصبروا على فقدان فلذات أكبادهم ، وأحبائهم ، وبَتر أعضائهم ، وَحَرق وتشويه أجساد ذويهم ، ولسان حالهم : ما عند الله خير وأبقى ، ما عندكم ينفد وما عند الله باق ، وللآخرة خير لنا من الأولى ...
وَعَلِموا وأيقنوا أن سنن الله وحكمته في الابتلاء ثابتة معلومة لأصحاب الدعوات والرسالات ومن يسير على دربهم ، وأيقنوا ووعوا قوله تعالى :(أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)[سورة العنكبوت،آية:2] واستوعبوا قوله تعالى :(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)[سورة البقرة،آية:155] وأدركوا حكمته تعالى في قوله :(مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)[سورة آل عمران،آية:179] . وسلّموا أن من الحكمة ما استأثر الله تعالى بعِلمه فهو جل جلاله :( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)[سورة الأنبياء،آية:23] ، و قد تكون الحكمة مما أخبر به في كتابه أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، أو اجتهادا واستنباطا لمن وفقه الله لمعرفة ذلك .
ولكن العَجب كُل العجب من بعض الناس ، يجلسون أمام التلفاز ويرددون عبارات تكفيرية محضة ، ولا يُدركون ذلك ، فتارة : "ألا يرى الله ماذا يحصل بالمسلمين" أو : "أن الله يحب الظلمة" أو "أين الله ماذا ينتظر" ... وَيِّحَكُم ألم تسمعوا قوله صلى الله عليه وسلم :(إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ يَنْزِلُ بِهَا فِى النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ)[صحيح أخرجه مسلم] ، ولا والله لا أدري لو أصابنا ما أصابهم ماذا سنصنع وقت ذاك ، هذا كلامنا ونحن آمنون مُطمئنون ، فماذا سنقول ونفعل عند الابتلاء ، فلنتقي الله في أقوالنا ، وأفعالنا ، واتجاهاتنا ، ولنكن بجانب الحق ننصره بشتى الطرق المتاحة لنا ، ولنحذر كل الحذر مما يصدر منا ، ولنعلم جميعا أن التمكين يكون بعد الابتلاء والصبر ، هكذا صُنِعَ بالأنبياء عليهم السلام ، ومن يليهم من أصحاب الدعوات ، فلنسأل الله العافية والثبات والصبر والتمكين ، إنه هو الولي القدير ، ونصر المؤمنين عليه يسر ، والحمد لله رب العالمين .
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]