النبي صلى الله عليه وسلم, له وظيفتان:
الوظيفة الأولى: التبليغ, تبليغ الرسالة للناس,يقول تعالى: يا أيها الرسول بلّغ ما انزل إليك من ربك, وان لم تفعل فما بلّغت رسالته.
الوظيفة الثانية: القدوة, يقول الله تعالى: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا.
الأسوة والقدوة معناهما النموذج السلوكي, وهناك قدوةٌ مطلقه, وهناك قدوة نسبيه, الأنبياء جميعاً هم قدوة نسبيه, خلا رسول الله صلى الله عليه وسلم, فانه قدوة مطلقه لأن رسالته عامه, لقوله تعالى: وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون.
ولكون رسالته عامه, فهذا يقتضي أن يكون صاحبها قدوة شامله للناس كافه. لذلك جمع الله تعالى كل صفات الأنبياء في نبيه صلى الله عليه وسلم. فقال له: فبهداهم اقتده.
يقول الإمام الشافعي رحمه الله: ما من خاصيّة أو مزيّة أُعطيها نبيٌّ إلا اجتمعت في النبي صلى الله عليه وسلم على التمام والكمال, من هنا قال له ربه عز وجل: وانك لعلى خلق عظيم. والمتتبع لسيرته صلى الله عليه وسلم, يجده المثل الأعلى في الرحمة, والمثل الأعلى في الصبر,والمثل الأعلى في العفو والتسامح, والمثل الأعلى في العبادات, والمثل الأعلى في المعاملات, كان أبا عطوفاً, وزوجاً ودوداً رحيماً, وصديقاً حميماً, وقريباً كريماً, وجاراً محسناً, وكان قائداً فذاً يضع الخطط ويقود الجيوش, وكان حاكماً عادلاً, وكان داعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً, فكان صلى الله عليه وسلم اكبر وأعظم قدوة للبشرية على مدى التاريخ كله في الماضي والحاضر والمستقبل والى أن يرث الله الأرض ومن عليها, لذلك انتدبنا القرآن الكريم للتأسي والاقتداء به في قوله تعالى: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنةٌ لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً. وأوجب علينا أن نأخذ كل ما امرنا به وان ندع كل ما نهانا عنه, فقال تعالى: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا.
الله عز وجل ختم بنبيه الرسل والرسالات, وجعله نموذجاً سلوكياً للناس كافه, بأحواله وأقواله وأفعاله, في سيرته وأخلاقه ومعاملاته, يقول ملك عمان وقد التقى النبي صلى الله عليه وسلم: والله ما دلني على هذا النبي الأمي إلا انه لا يأمر بخير إلا كان أول اخذ به, ولا ينهى عن شيء إلا كان أول تارك له, كان عليه الصلاة والسلام يمارس بالفعل ما كان يدعو إليه بالقول, لأنه كان مبلغاً, وأسوة سلوكيه, وبذلك أقام الحجة على الناس, حينما طبق ما قاله بلسانه, فالقول إذا لم يترجم إلى عمل لا فائدة منه, بل افقد صاحبه مصداقيته عند الناس, والله تعالى أنكر في قرانه على الذين لا يطبقون ما يقولون, يقول تعالى: يا أيها الذين امنوا لمَ تقولون ما لا تفعلون, كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون, فالقول وحده لا يجدي لا يأتي بنتيجة, ولا بد من التنبيه إلى أمر غاية في الخطورة ألا وهو أن القدوة مسؤولية كبرى, إن أحسنت فلك اجر كل من اقتدى بك, وان أسئت فعليك إثم من اقتدى بك, الإمام احمد ابن حنبل رحمه الله كان ُيعرض على السياط التي ألهبت ظهره بسبب رفضه القول بخلق القرآن, فقيل له ألا تقول القرآن مخلوق فتنجو أيها الإمام, قال: أينجو الإمام وتهلك أمه, لأنه رحمه الله قدوه لو قال القرآن مخلوق, لقال الناس بقوله فأهلكهم واهلك نفسه.
خلاصة القول على الدعاة أن يعلموا أنهم لن يؤثروا في الآخرين, ولن يحقق الله الخير على أيديهم إلا إذا تأسوا برسول الله صلى الله عليه وسلم, في أقوالهم وأفعالهم وسلوكهم, فمن كان يرجو الله واليوم الآخر, أي مرضاة الله والنجاة يوم القيامة, فليتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم, وليُكثر من ذكر الله تعالى. وصدق الله العظيم القائل: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا.وأخر دعوانا الحمد لله رب العالمين
سعيد سطل أبو سليمان 23/2/2011
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]