أما آن لحنظلةَ أنْ يلتفتَ
ستّونَ عاماً من الخوفِ والتشريدِ
منها أربعون عاماً من الانتظارْ
لم نعرفْ لك وجهاً يُرى حتّى ولم
نسمعْ منك يوماً بُنيَّ حديثاً يدارْ
تساءلني اٌبنتي بعدَ أنْ قلّبتْ
صورتَك: أبي منْ أينَ الاٌعْتذارْ
إلتفتْ حنظلةُ لا تخفْ وانظرْ
من هم في مثلِ جيلك اليومَ كبارْ
منْ أبنائهمْ صبْيانٌ وأطفال باتوا
يدورون بين الأزقةِ بلا ايِّ قرارْ
التفتْ وانظرْ شعباً غمرتْ وجهَه
اللهفةٌ ليومٍ يُزفّ لهمُ الٌانتصارْ
التفتْ حنظلةُ لطفلٍ غمرَ وجهَهُ
تساؤلٌ عن كثرةِ الدخان والغبارْ
"لما الدموعُ والعويلُ لماذا يركض
الناس ومن أين؟ ولمن هذا الجدارْ؟"
" لماذا يُؤخذ الربيع منّا والكَلأُ؟
لماذا يسدّون الهواءَ عنّا والأمطارْ؟"
التفتْ حنظلةُ لا تخفْ لقدْ وهنَتْ
قلوبُهم والغولُ خَشِيَ الأحجارْ
ما عادوا يهزمون أبناءَ المنايا
وما عادوا يُرعبون صغيرَالأطيارْ
البومُ فرَّتْ من أوكارِها وعادَ
الصقرُ فوقَ سنديانِها يختارْ
التفتْ حنظلةُ لا تخفْ عزائمَهم
فما عُدْنَ يحْتَمِلْن بعضَ الإصرارْ
عاث الفسادُ قلوبَهمْ فأصبح القويُّ
فيهم يُرى النجومَ في وَضَحِ النّهارْ
يخشوْن الرُّضعَ منّا تراهم اذا ما
اشتدْت ريحُها إذ هُمْ في الاوكارْ
" أخشى النظرَ مِنْ ورائي فأرى
الطُرُقاتِ قَدْ علاها القهْرُ والدّمارْ
والعنكبوتُ استبدلكم واعتلتْ
الغربانُ سطحَ البيتِ والدارْ
وأطفالُ شعبِي في الطُّرقاتِ
غشيتهم الذلّة وكثرةُ الغبارْ
والعزيمةُ تلاشتْ وأصبح الحرُّ
فينا يُساقُ كالضأن إلى الجزّارْ
فأنّى ألتفتْ أليس ليَ الحقُ أبي
في المُضيِّ في دربي والإدبارْ؟"
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]