لا ينكر أحد دور المعلم في تنشئة الجيل وتثقيفه وتهيئته للمستقبل ، وإعداده ليكون متحملا لمسؤولياته تجاه نفسه وتجاه المجتمع ، إلا الجاحدون ؛ ولهذا كانت الإشادة من المعلم الأول صلى الله عليه وسلم بفضل من امتهن هذه المهنة الشريفة من خلال عديد من الأحاديث ويكفي في هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم " إن الله وملائكته يصلون على معلم الناس الخير" .
وخطابي هذا من باب الإقرار بالفضل أولا ، ثم من باب النصيحة إذ الدين النصيحة ، وبعد ذلك قليل من العتب ، ولهذا أرجو ان يكون كلامي فيه برداً على أكباد المعلمين وإن كان ظاهره الحرارة .
أيها المعلمون الأجلاء ، كلكم يعلم -وباستقراء بسيط - أن غالب من له أبناء على مقاعد الدراسة هم من طبقة الكادحين سواء أكان كدحا خفيفا !! كالموظفين من أمثالكم، أم ممن كتبت عليه الشقوة في الأعمال المجهدة؛ بمعنى أن هؤلاء الأولياء في نهاية المطاف سيرجعون إلى بيوتهم بعد يوم العمل آملين أن يجدوا فيها قسطا من الراحة يجددون به نشاطهم لاستئناف المسيرة في اليوم التالي ، لكن أملهم في الراحة يخيب غالبا، لأنه تنتظرهم وردية جديدة من العمل المضني هي وردية مساعدة الأبناء في القيام بالوظائف المدرسية البيتية وهو واجب لا ينكر ، لكن أن تمتد هذه الوردية إلى أكثر من ثلاث ساعات يومية لطالب في الصف الأول أو الثاني تشمل أحيانا وبدون مبالغة حل أكثر من عشر صفحات في شتى المواضيع ، فذلك هو المنكر (التربوي) بعينه ، ينضم إلى ذلك نقص الآليات والمهارات التعليمية والتربوية الخاصة بالمحتوى التعليمي لدى كثير من أولياء الأمور وهو الأمر الذي سيعود بالضرر الأكيد على الطالب خاصة وأن بعض المواد بها مصطلحات ومعايير وتعبيرات لا يستطيع أن يفهم دلالاتها إلا من درس وتخصص في ذات الموضوع .
أضف إلى ما سبق أن هذا الطالب الفتي لا يزال في قماط العلم وهو بعد يحاول أن يتلمس طريقه للولوج في هذا الطريق الذي حتما سيحسبه طريقا مظلما لما يراه ويحسه من ثقل وإرهاق الأمر الذي سينتج عنه بغضه للعلم والتعليم ومن يقوم عليه .
الوظائف البيتية أمر لا بد منه ، شئنا - آباء أو طلابا أو قائمين على العملية التعليمية - أم أبينا ، لكن المطلوب هو الرفق قليلا بالأولاد وأولياء أمورهم ، وهذا يتمثل في التنسيق بين معلمي كل صف وخاصة الصفوف الدنيا في كم ونوع وتنوع الوظائف فوظيفة النسخ مثلا تقسم بحيث يكون لكل موضوع يوم أو يومين في الأسبوع لا يشترك معه موضوع آخر وهكذا بقية المواضيع .
كذلك يمكن للمعلم غض النظر عن أخطاء الطالب في حل الوظيفة يمكن ان تكون نتاج نقص مهارات من يقوم بمساعدته في تحضير الوظائف.
أيها المعلمون الأجلاء لا تجعلوا أبناءنا ضحية للتنافس فيما بينكم على مستوى التحصيل طبقاتٍ ومدارسَ ، فيكون الضرر من حيث أردتم النفع ، وتذكروا قول ذلك الصحابي وهو يصف طريقة المعلم الأول في مراعاة الطلاب ، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام، كراهية السآمة (الملل) علينا" .وقد اوصى مجلس التربية الوطنية الامريكية بعد دراسات مستفيضة بتحديد مجمل الوظائف البيتية بحيث لا تتعدى العشرين دقيقة في المرحلة الاساسية (الصفين الأول والثاني ) والاربعين دقيقة حتى الصف السادس وبمعدل ساعتين في المرحلة الاعدادية والثانوية.
وأخيرا اذا اردت ان تطاع فأمر بالمستطاع.
إبراهيم أبو جقيم
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]