المربية حليوى تتحدث في مقالتها عن تأثير كلام القذافي على الشارع العربي والشارع اليهودي، حيث أصبح تعبير "زنقة زنقة" جائزاً ومعقولاً ومقبولاً في كل حالة وكل تعبير
حينما أطلّ عليْنا معتوهُ ليبيا بخطابه التاريخيّ ،وتركنا نبكي "زنقة" ونضحك "زنقة" لم نكن نتوقّع أنّنا سنقتبس بعض حكمتنا من أفواه المجانين... وندمجها في تعابيرنا الجديّة والساخرة، وكأننا لم نكتشف زنقة إلا حين نطق بها المجنون وكأنّ ابن منظور لم يشرحها في "لسانه" – ليس من باب التهديد والوعيد إنّما من باب الشرح والتفسير ...!
صغيرنا قبل كبيرنا يردد "زنقة زنقة" في معرض كلامه عن أيّ شيء وكلّ شيء، فطالب يردّد هنا أنّه يكره هذه المادة زنقة زنقة .. وآخر يتوقّع أنْ يكونَ امتحانه زنقة زنقة، وآخر يصفُ العرس الذي حضره بأنّه زنقة زنقة، وأم تتوعّد ابنها أن يكون عقابه زنقة زنقة ...
أصبح هذا التعبير جائزا ومعقولاً ومقبولاً في كلّ حالة وكلّ تعبير، نغضب زنقة ونثور زنقة ثمّ نحزن زنقة ...
ولا يعني ذلك بأي حال من الأحوال أنّنا معجبون بأقوال طاغية ليبيا ونيرونها –حاشا لله- ولا يعني استهتارنا بأبعاد هذا الخطاب وعواقبه على أهل ليبيا وثوّارها ولكنّ "شرّ البليّة ما يُضحك" ،فقد جمع هذا الطاغية بين الظلم والغباء والاستغباء والاستكبار في قالب بهلوانيّ مسرحيّ ، فتنسى للوهلة الأولى أنّك أمام مسرح للدماء وليس مسرح دُمى!
ليست الغرابة في أن نتبنّى شعارات من اليمن وليبيا ومصر في سياقها أو في سياقات مناقضة، ففي عصر الصوت والصورة on line لم تعُد تفصلنا عن بعضنا لهجات وحدود جغرافيّة، والثورات التي تطيح بالطغاة تترك بصمتها على ثروتنا اللغويّة ومخزوننا الكلاميّ، ولكنّ الغرابة والوقاحة أنْ "يسرقَ" منّا غير الناطقين بالعربيّة في هذه الدولة "زنقتنا"... فبين ليلة وضحاها أضيفت " الزنقة" إلى قاموسهم لتنضمّ إلى أخواتها السليبات " صبابة،من هون لهون، كذبات (أو كما ينطقونها جزبات)، دواوين والقائمة تطول...
فاستعراض بسيط للتعقيبات في أيّ موقع إخباريّ عبريّ سيكشف لنا حجم انتشار هذا اللفظ في كلامهم :
מקומם:زنقة،כל הכבוד:زنقة، תתבייש :زنقة ، אחלה(سرقت منذ زمن بعيد):زنقة ،קצב(الرئيس السابق):زنقة...
وكالعادة فبينما يُناقشون في الكنيست اقتراحا لإلغاء اللغة العربيّة كلغة رسميّة في الدولة، ويخطّطون وينفّذون المؤامرات التي تخلقُ هُوة بين العربيّ وبين لُغته فيصبح حاله معها حال الغراب مع مشيته،نجدهم يستخدمون لغتنا توابل وملحاً يضفي طعماً ولونا شرقيّاً على لُغتهم "الجافة" تماشيّا مع "موضة العربنة دون العرب".
أرجو أن يتركوا لنا "زنقتنا" على حالها وألاّ يدخلوها إلى مطبخ كلامهم ، ثمّ يأتي فريقٌ منّا "فيستعيرها" منهم متشدّقاً متباهياً باعوجاج لسانه على غرار شباب شمال تل-أبيب وبرامج القناة الثانية الهابطة!!
أرجو أنْ لا يُفسدوا علينا فرح ثوراتنا ولا حتّى حزننا على ضحاياها،"فأهل مكّة أدرى بشعابها" ونحنُ العرب أولى بزنقتنا...
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]