بات أمرا لا يُطاق أن تتحول حفلات تخرّج مدارسنا الثانوية لحفلات عروض أزياء فيهنّ العارضات هنّ تحت السنّ القانونية!
حين أقول “حفل عرض أزياء”، لا أقولها بهدف التحقير أو الإهانة، بل لأنه في كثير من المدارس، الأمر بات حقا حقا حقا ليس سوى عرض أزياء. ولا أتكلم فقط عن اللبس الملفت للنظر جدا والقصير جدا جدا الذي لا يليق سوى بحفلة ساهرة، إنما أتكلم أيضاً عن الوقفة (pose !) التي تقفها بعض الفتيات أمام الكاميرا. يا جماعة الاشي مبالغ فيه والله العظيم!
قاومت وقاومت وقاومت وأخيرا دخلت أحد الأخبار في أحد المواقع المحليّة والذي ظل في واجهة الموقع لوقت طويل جداً (!) لأرى إن كان تغيّر شيء للأفضل، وصدمت حين رأيت الوضع يزداد سوءأً ! فتيات يقفن مائلات بأجسادهن ورؤوسهن وأيديهن على خصورهن، والزينة من مساحيق وطلاءات وأساور وعقود وحتّى خلاخيل، لم تترك مساحة إلا وغطّتها!
والأنكى من ذلك أن بعض الـ “صحافيين” الذين يذهبون للمدرسة لاهثين، يتركون كل شيء مهم في حفل التخرّج، ويعكفون على تصوير هذه الفتاة وتلك؛ ولا يكتفون مثلا بصورة واحدة لكل فتاة أو بصور للوجوه أو الاجزاء العليا انما يصرّون على التقاط عدّة صور فردية لكل فتاة على حدة، وبأوضاع مختلفة! ، من أعلى الرأس حتى أخمص القدمين كما يقال ثم يكتبون خبراً هو عبارة عن سطرين فقط، تليه كمية هائلة من صور الفتيات التي لولا عنوان الخبر لظننت أنه خبر عن عرض أزياء برعاية هيئة التدريس والمجلس المحلّي!
الأمر مقزز، مقرف، منفّر، ومثير للغثيان، أن يقبل الأهل أن تتحول حفلات تخرّج بناتهم وصورهنّ إلى أخبارٍ “ساخنة” ترفع ال rating الخاص ببعض المواقع وتجلب لها آلاف الزوار ليروا الإعلانات ويتحوّل كل ذلك إلى دولارات تتكدس في جيب صاحب الموقع ! علماً أن ما يحصل هو نتيجة: قديماً لم تكن هناك مواقع اخبارية، لم يكن يحضر أي مصوّر، ولم تكن ترَ مثل هذه المظاهر. منذ بدأ ال “صحافيون” يرافقون حفلات التخرّج، ويلتقطون صور تُنشر بمئات الآلاف في مواقع الانترنت، صارت بعض الفتيات تولي اهتماماً مفرطاً لمظهرهن لعلمها أن الصور ستنشر على الانترنت، ويجب أن تظهر ملكة أو أميرة أو عروس!
الأمر مقزز، أنه ونتيجة لهذا الوضع، يصبح هَمّ الفتاة يوم التخرّج هو كيف ستبدو، جميلة، قبيحة، مقبولة، او أن تحزن إحداهن لأنها أقل جمالاً وجاذبية من قريناتها؛ أو أن تتضايق أخرى لأنها لا تملك شراء ملابس جديدة تنافس ملابس ملكات الجمال الأخريات!
أنا أعي أن بعض الفتيات تعتبر المناسبة فرصة للانكشاف على عريس محتمل، هذه فطرة بشرية، وبالتالي قد يكون الظهور بمظهر مناسب وأنيق أمرا طبيعياً، لكنه ليس من الطبيعي أبدا ولا المقبول أن يكون المظهر هو مظهر فتاة في ديسكوتيك!
لا أتكلم طبعاً عن كل الفتيات، أبداً، ولا عن كل المدارس، ولا عن مدارس محددة؛ وأحيي كل طالب وطالبة ومعلم ومدير يعمل على منع هذه المهزلة. وبالتأكيد نفخر بكل فتاة تتخرج خاصة مع تحصيل عالٍ؛ لكن للأسف الأمر منتشر وبكثرة في أماكن كثيرة، وبعض الفتيات تتعاطى مع حفلة التخرّج بالمقلوب! ولن أتكلم عن الجانب الديني أو الأخلاقي، فموقف الدين معروف من كشف الأجساد بهذه الصورة المُنكَرة. إنما أتكلم عن الجانب التربوي، الاجتماعي، والإسقاطات المترتبة على القبول بمثل هذا الواقع، والذي إن استمرّ، لن أستغرب مستقبلاً أن يتم منح كل “خرّيجة” رقماً، وفي نهاية حفل التخرج يتم التصويت على ملكة جمال الفوج 27 في مدرسة السقوط الثانوية!
هذا الأمر منافٍ لكل الأعراف والأخلاقيات والأدبيّات. يجب أن ينتهي. إن وصلك كلامي ولا زال حفل التخرّج لم يُقَم في مدرسة بلدكم ، أرجو أن تعمل بكل السّبل المتاحة أن لا يكون عرض أزياء، توجّه للجنة الآباء وطالب بأن يتم فرض الملابس اللائقة، وأن يُمنع إدخال المصوّرين ، وأن يُسمح فقط للأهل بتصوير بناتهم، إضافة لمصوّر من طرف المدرسة يقوم بالتقاط صور عامة للطلاب والمعلمين والأهل.
أنا أدعو كل أصحاب المواقع والصحف والمحررين، والمعلّمين والمعلمات ومدراء المدارس، أن يمتنعوا عن المساهمة في هذا الأمر المرفوض، وأن يتعاونوا معنا على البرّ والتقوى ويكونوا من العاملين على وضع حدا لهذا الاستخفاف وهذه المهزلة.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]