بسم الله الرحمن الرحيم "وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين" صدق الله العظيم
لم نعد نخاف.
هذه الوجوه اليافية التي انزوت طوالا من وراء صفحات التاريخ صارت، من أجلك وبفضلك يا غزة، في مقدمتها من جديد. مشاهد القتلى والعيون المفزعة طهرت قلوبنا من الرزائل ونزعت الخوف من ذاكرتنا. اصبحنا نطالب العالم بان يسمع، وان يسمع جيدا.
اليافيون هم فلسطينيون. جملة مفيدة تليها نقطة آخرالسطر.
هذه هي ارضنا، هذه الجميلة هي سماؤنا، هذا الضخم هو بحرنا، وهذه الوجوه البيضاء هي لشعبنا. أما تلك الوجوه الحمراء التي تزقزق على السطوح مبتهجة للدخان الأسود الذي يعتلي أبنيتنا، فهي لكم. انتم لستم نحن ونحن لسنا انتم. لنا وجوهنا ولكم وجوهكم.
اسمعوا، نعم، من تختبئون وراء عدساتكم الشمسية، انا يافاوي، هل ترون هذه؟ انها كفيتي، أرجعتها إلي حفيدتي بعد ان حققت عنها ووجدتها في الصناديق المغلقة للبيت القديم. ارغمتني ان افتح سجلي التاريخي معكم وان احكي لها. إلى اين انتم ذاهبون، ابقوا هنا، لم انهي كلامي معكم. اخرجوا هواتفكم الخلوية وسجلوني بالصوت والصورة، فانا لم اعد اخاف. سجلتم؟ لا اراكم تسجلون، هل ترون بحر يافا، انه ذاته بحر غزة، علمني أبي الصيد والسباحة، لم أعد أصيد فقد منعتموني، لكني ما زلت اسبح.
انا اليوم رجل عجوز وأبكي، أبكي لا ليراني العالم، فللشيخوخة بعض الامتيازات، منها ان لا تعمل حسابك للعالم، ومنها ان تبكي بلا دموع. أبكي لأعقل الموت الجنوني، لأعي الفاجعة، ابكي واصلي وأمسح دموع حفيدتي. والآن، كفانا بكاءاً يا صغيرتي، هيا للبحر لنسبح سويا إليها ونغمض عيون شهدائنا.
سجلتم؟ لا اراكم تسجلون، لا بأس، فالشهداء أمامكم ممزقون، وهم من فوق مبتسمون.
بقلم
زهية قندس انجر
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]