إن ما نشاهده اليوم من كثرة الفساد ، والانحراف ، والانحلال ، وسوء الأعمال والأخلاق بسبب طغيان الماديات وكثرة المنكرات والظلمات لهو من أعظم الأسباب لانتشار أصحاب السوء وجلساء السوء وأصدقاء السوء الذين نجدهم في كل مكان ؛ في الشارع ، وفي المدرسة ، وفي النادي ، وفي المجمع التجاري ، وفي السوق ، وعلى الهاتف ، وعلى النت وغيرها يدعون أبناءنا إلى طريق السوء والفحشاء والمنكر والضياع ...
أبناءنا في خطر بسب أصحاب السوء وأصدقاء السوء الذين كثروا في هذا الزمان فكم من ابن أضاع مستقبله وحياته وكرامته بسبب أصدقاء السوء وجلساء السوء ؟! وكم من شاب وقع في ظلمات الإجرام وقصص الدماء والقتل بسبب خلانه ؟! وكم من طالب متفوق وناجح تراجع في علمه وتفوقه بسبب جلساء السوء ؟! وكم من فتاة أضاعت حيائها وعفتها وعرضها بسبب صويحبات السوء ؟! وكم هم الذين وقعوا في المخدرات وشرب الخمور وأوحال الرزيلة والفساد ... بسب أصدقائهم وخلانهم الأشرار.
لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ)[أخرجه أبو داود وصححه الألباني] والدين في هذا الحديث معناه العادة كما بين أهل العلم ، أي أن الخليل على عادة خليله لأن العادات مكتسبة يكتسبها الخليل من خليله ، وكما قالت العرب الصاحب ساحب فإن كان من الصالحين سحب صاحبه إلى طريق الصلاح وإن كان من الطالحين سحب صاحبه إلى طريق الضياع.
وهنا يكمن دور الآباء والأمهات في التربية والتوجيه والمراقبة والسؤال والمتابعة للأبناء مع من يذهبون ومن يجالسون من أصحابهم وأصدقائهم فالله يقول ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ فأيها الآباء والأمهات أنتم مطالبون بحماية أبنائكم من النار ، وطريق النار ، والداعين إلى طريق النار كرفقاء السوء وصويحبات السوء ، وذكروهم دائما بقوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ۞ يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ۞ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ وبحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :(مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً )[متفق عليه] .
أيها الآباء وأيتها الأمهات حاوروا أبناءكم وتحدثوا إليهم ولو لوقت قليل لتزرعوا في قلوبهم هذه المفاهيم التي جاءت عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يحفظهم الله بحفظه ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ .
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]