بعد مد وجزر خاضته الساحة السياسية والحزبية في إسرائيل في الآونة الأخيرة أصبحت الانتخابات حقيقة واقعة لا مفر منها يترتب عليها ما سبقها، وما بعدها، لأنها بمثابة امتحان للأحزاب سيجتازه من كان له رصيد من الانجازات قبلها، وسيرسب فيه من خلت أيامه في الفترة التي سبقتها من الانجازات، وكانت عجافاً لا سُمن فيها.
وما أن تم الاعلان عن هذه الانتخابات حتى آخذت الاحزاب، والقوائم العربية في البلاد بالتشاور، والاجتماع لترتيب أوراقها لخوض هذه الانتخابات كغيرها من الأحزاب والقوائم في البلاد.
إن أبرز ما تمخضت عنه اجتماعات الاحزاب، والقوائم العربية بهذا الخصوص هو فكرة الوحدة بين هذه الاحزاب، والقوائم، وخوض الانتخابات القادمة كحزب واحد يمثل جميع المواطنين العرب في البلاد على مختلف توجهاتهم، وأطيافهم السياسية، وهذا بحد ذاته أمر هام، وجميل، وهو الأصح، والأفضل في الظروف الراهنة التي يتعرض فيها المواطنين العرب في البلاد لمزيد من التمييز العنصري، وهضم للحقوق، والظلم والاستبداد السلطوي غير المسبوق.
لا شك إن هذه الظروف، والأوضاع التي يمر فيها المواطنين العرب في البلاد تستوجب خطاباً مختلفاً، ومغايراً للخطاب الروتيني، والتقليدي المألوف الذي عودتنا عليه الأحزاب، والقوائم العربية في الانتخابات السابقة، خطاباً يرتقي إلى حجم التحدي، وحجم المرحلة التي تنتظر المواطنين العرب بعد هذه الانتخابات لأن وقود هذه الانتخابات بالنسبة للأحزاب اليهودية ليس اليمينة منها فحسب بل اليسارية أيضاً سيكون الإمعان في العنصرية، وفي إيذاء المواطنين العرب اقتصاديا، واجتماعيا، وحتى جسدياً لان المجتمع الاسرائيلي مشبع بالعداء للعرب، وهذا معروف لدى الأحزاب الصهيونية، وستستغله جيداً، وستلعب على هذا الوتر تماماً لتستهوي الناخبين لتحصد أصواتهم كونهم متعطشين لأي خطاب يسئ للمواطنين العرب في شتى أنحاء البلاد عامة، وفي المدن المختلطة خاصة.
لا يكاد يخفى على أحد أن المواطنين العرب في المدن المختلطة كاللد، والرملة، ويافا، وحيفا، وعكا يعيشون إلى جانب المواطنين اليهود، ويختلطون بهم يومياً في أغلب مجالات حياتهم مما قد يعرضهم للعنصرية، والتمييز أكثر من غيرهم من المواطنين العرب عامة، وكفى بجلب اليهود المتدينين إليها، بالأحدث التي وقعت في مدينة عكا قبل أعوام دليلاً، وبرهاناً، وما كان قانون منع الأذان، أو خفض صوت الأذان ليطرح لو لم يرفع هذا الأذان في المدن المختلطة، ناهيك عن أن مشاكل المواطنين العرب في هذه المدن تختلف تماماً عن مشاكل المواطنين العرب في باقي البلاد.
من هنا يجب أن تؤخذ المدن المختلطة بعين الاعتبار بشكل أكبر بكثير مما كان عليه في السابق بحيث يكون لها في الانتخابات القادمة تمثيلاً خاصاً من أبنائها الذين عايشوا معاناة سكانها على مدار الأعوام السابقة سواء كان هذا التمثيل من خلال أحد الأحزاب العربية القائمة، أو من خلال حزب عربي جديد شريطة أن يختلف هذا الحزب في خطابه، وتوجهاته، وفي شخصياته أيضاً عن الروتين القاتل الذي تعودنا عليه على مدار عشرات السنين، فالربيع العربي جاء وانتهى، وولى قبل أن يدخل بلادنا بالرغم من تغني قياداتنا العربية به.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]