نعم ، نريد أن ندخل الجنة ، ونريد أن تكون هي المحطة الأولى والأخيرة ، ولا نريد أن تكون محطتنا الأولى النار ومن ثم الجنة ، لا نريد أن تمسنا النار ، فلا طاقة لنا على احتمالها وقد قال صلى الله عليه وسلم:( نَارُكُمْ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ )[أخرجه البخاري] ، ولا نريد أن نراها وهي تتأجج تريد أن تلتهم كل شيء أمامها والملائكة يمسكونها ، قال صلى الله عليه وسلم:( يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا)[أخرجه مسلم] ؛ ولا نريد أن نسمع حسيسها ، نريد أن نكون من المحظوظين الذين سبقت لهم الحسنى قال الله تعالى في محكم التنزيل :﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ۞ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ ﴾[الأنبياء:101-102] .
إن سبب كتابتي لهذا الموضوع هو استهتارنا في اجتناب المحرمات ، وتقصيرنا في أداء الفرائض والواجبات ، ومعظمنا يتشبث بالأحاديث والآيات التي تنص على رحمة الله وعفوه وكرمه وهي صحيحة لا غبارة فيها ، منها قوله تعالى:﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾[الزمر:53] وقوله صلى الله عليه وسلم:( لَوْ أَنَّكُمْ لاَ تُخْطِئُونَ لاَتَى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُخْطِئُونَ يَغْفِرُ لَهُمْ )[أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه الذهبي] .
إلا أن هذه الأحاديث والآيات لا يجب أن تكون محل تحفيز لنا على الاستهتار بارتكاب المعاصي بل يجب أن تكون حافزا لنا لأن نتوب من المعاصي التي نقع بها ؛ فلا يجوز لنا مثلا أن ننوي الكذب أو السرقة ... ونقول في قرارة أنفسنا الله غفور رحيم ، ولكن إن صدر منا أن كذبنا أو ارتكبنا معصية ما فيجدر بنا أن نتوب إلى لله ونتذكر هذه الآيات والأحاديث التي تحثنا على التوبة .
ومن الجدير ذكره إخوتي وأخواتي هو مع العلم أن الله غفور رحيم إلا أنه جل جلاله شديد العقاب ، قال الله تعالى:﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ۞ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾[الحجر:49-50] ، وقال صلى الله عليه وسلم :( لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنِطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ )[أخرجه مسلم] ، فجمع سبحانه وتعالى في صفاته بين الرهبة منه والترغيب إليه كي نكون أعون على طاعته وأمنع عن معصيته ، فعلينا أن نبذل قصارى جهدنا عن كل شيء يقربنا من النار كالقتل والزنا وشرب الخمر والنميمة... ونعمل ما بوسعنا على إقامة فرائضنا على الوجه الصحيح من صلاة وصيام وزكاة... كي نفلح في الدنيا والآخرة ، وندخل الجنة مطمئنين مرضي عنا من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وإلى هذا قدر الكفاية لمن أدركته العناية ، والحمد لله حقَّ حمده .
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]