الآن بقيت كتيبة "أكناف بيت المقدس" تدافع عن مخيم اليرموك الواقع جنوب العاصمة السورية دمشق، ويساندها في هذا الدور مجموعة من مقاتلي بعض الفصائل الفلسطينية وبعض فصائل الثورة السورية؛ مثل كتائب "جيش الإسلام" و "شام الرسول" و"أبابيل حوران" وبعض مقاتلي "الجيش الحر". والآن أعلنت كتيبة "أكناف بيت المقدس" بدء عملية "استعادة مخيم اليرموك" عبر مكبرات الصوت من جامع صلاح الدين الأيوبي، وطالبت أهالي المخيم عدم الانسحاب من المخيم والقتال حتى آخر قطرة دم. وفي المقابل الآن تواصل "داعش" إحكام احتلالها لمخيم اليرموك، وإحكام سيطرتها عليه، وإحكام حصارها له، وقطع المياه والطعام عن سكان المخيم المحاصرين في بيوتهم، ويساندها في هذا الدور قوات بشار الأسد. فهي التي تواصل قصف خطوط الإمداد في المخيم. والآن تنشر "داعش" قناصة على أسطح المنازل في المخيم إلى جانب تنفيذها اعتقالات واسعة، وفي نفس الوقت تقصف الآن قوات بشار الأسد المخيم، لدرجة أن ناشطًا إعلاميًّا أكد أن "القوات النظامية – أي قوات بشار الأسد – تساعد "داعش" بحصارها الفصائل الفلسطينية، من خلال قصفها العنيف لشارع فلسطين في مخيم اليرموك، وخصوصًا محيط مستشفى فلسطين المكتظ بالمدنيين، وذلك بهدف قطع خطوط الإمداد عن تلك الفصائل ومنع أية تعزيزات إليها، ..."!!، وإلى درجة أن "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أكد أن "تسعة أشخاص قُتلوا؛ بينهم مقاتلان ورجلان، أعدمهما التنظيم – أي "داعش" – وفصل رأسيهما عن جسديهما في المخيم، إضافة إلى مقتل عدد من عناصر التنظيم وخمسة عناصر على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، في اشتباكات مع الكتائب الإسلامية في اليرموك"!!
فهي جريمة واحدة كبرى بات يرتكبها تنظيم "داعش" وقوات بشار الأسد في حق أهلنا الفلسطينيين المحاصرين في مخيم اليرموك، وفي حق أهلنا السوريين المحاصرين في كل سوريا. هي جريمة واحدة باتت تطال الأهل الفلسطينيين والأهل السوريين في سوريا، وهو مجرم واحد لا يزال يرتكب هذه الجريمة؛ هو تنظيم "داعش" وقوات بشار الأسد. ولذلك ففي الوقت الذي بات "داعش" يطالب فيه عبر مكبرات جامع عبد القادر الحسيني في مخيم اليرموك عناصر "أكناف بيت المقدس" وأبناء المخيم بتسليم أنفسهم للتنظيم خلال ساعة واحدة، في هذا الوقت باتت قوات بشار الأسد "تتقدم بشكل بطيء في اتجاه المخيم، على ثلاثة محاور هي شارع فلسطين والتضامن وزليخة عبر شارع دعبول"، ما حدا بالمسؤول عن ملف المخيمات الفلسطينية في سوريا أحمد المجدلاني أن يصف الوضع في مخيم اليرموك بـِ "الخطير جدًا"، وما حدا به أن يؤكد أن "اغتيال "داعش" قبل أسبوع لمسؤول "حماس" في المخيم يحيى حوراني "أبو صهيب" كان مدبرًا بهدف اجتياح التنظيم – أي "داعش" – المخيم"!! وما حدا بناشط إعلامي أن يؤكد استمرار "القصف العنيف الذي يتعرض إليه المخيم من قبل قوات النظام، حتى إن معظمهم لم يعد لديهم ماء أو طعام، ما ينذر بكارثة إنسانية في حال إستمرار الوضع على ما هو عليه"، وكل ذلك يعني أن تنظيم "داعش" وقوات بشار الأسد هما وجهان لعملة واحدة في هذه الجريمة الواحدة، التي لا تزال تحصد أرواح مئات الآلاف من أهلنا السوريين وأهلنا الفلسطينيين في سوريا المحاصرة ومخيماتها المحاصرة!! وما يؤكد ذلك ما قالته "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا"، حيث كشفت في بيان لها أن الشقيقتين الفلسطينيتين براءة العبد الله (27 سنة) وآية العبد الله (23 سنة) من ريف دمشق قضتا جراء التعذيب في سجون بشار الأسد، ليرتفع بذلك عدد الفلسطينيات اللاتي قضين تحت التعذيب في معتقلات ومركز تحقيق عصابة بشار الأسد وشبيحته إلى عشر ضحايا!! وكشفت هذه المجموعة أنه جرى التعرف على ثلاثة فلسطينيين آخرين من خلال صور ضحايا التعذيب في سجون بشار الأسد، التي نُشرت على موقع "شهداء تحت التعذيب". ولذلك تؤكد هذه المجموعة أن حصيلة من جرى التعرف عليهم من اللاجئين الفلسطينيين الذين قضوا جراء التعذيب في سجون بشار الأسد منذ بدء الثورة السورية قبل أربع سنوات ارتفعت إلى (330 ضحية)!!
وكان مركز "الشتات الفلسطيني للإعلام" قد أعلن في بداية شهر 2015/3 أن حياة ثلاثة آلاف طفل مهددة بالموت جوعًا أو مرضًا، في ظل الحصار المفروض منذ عامين على مخيم اليرموك من قبل قوات بشار الأسد!! وجاء في إعلان هذا المركز أنه "للشهر الثالث على التوالي أيضًا تمنع تلك القوات دخول المواد الغذائية والطبية، ما ينذر بكارثة إنسانية جديدة في المخيم المنكوب، حيث ارتفع عدد قتلى الموت جوعًا وبردًا ومرضًا إلى (172 قتيلًا) غالبيتهم من كبار السن والأطفال"!!
وكانت مجموعة "العمل من أجل فلسطينيي سوريا" قد كشفت في منتصف شهر 2015/2 أن (2,648 لاجئًا فلسطينيًا) قد استشهدوا في سوريا منذ بداية الأحداث!! وأن ما لا يقل عن (27,933 لاجئًا فلسطينيًا سوريًا) وصلوا إلى أوروبا خلال الأربع سنوات الأخيرة!! وأن (80 ألف لاجئ فلسطيني سوري) فروا من سوريا إلى خارجها، وفقًا لإحصائيات وكالة "الأونروا" لغاية شباط 2015!! وكانت مجموعة "العمل من أجل فلسطينيي سوريا" قد أعلنت في أواخر عام 2014 أن (461 لاجئًا فلسطينيًا سوريًا) قضوا خلال النصف الأول من العام 2014، وأن من بين الضحايا (219 لاجئًا من أبناء مخيم اليرموك)، و(49 لاجئًا في درعا)، و (24 لاجئًا في حلب)، و(16 لاجئًا في مخيم خان الشيخ) وخمسة في مخيم خان دنون، وثمانية في مخيم جرمانا، وثلاثة في حمص، وأربعة في مخيم العائدين في حماة، وثلاثة في تجمع الحسينية، ومن بينهم (48 لاجئًا في دمشق وريفها)، و(76 لاجئًا في مناطق مختلفة في سوريا)!!
وهذا يعني أن قوات بشار الأسد لا تزال تشن حربًا دموية على أهلنا الفلسطينيين، ليس في مخيم اليرموك فقط، بل في كل أنحاء سوريا المنكوبة!!
وهذا يعني أن كل وجود أهلنا السوريين في سوريا، وكل وجود أهلنا الفلسطينيين في سوريا بات مستهدفًا من قبل قوات بشار الأسد وشبيحته ومن ساندهم؛ سواء كانت "داعش" أو غيرها!!
وكان المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "بيير كرينبول" قد كشف أن 60% من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا (البالغ عددهم أكثر من نصف مليون) قد أصبحوا نازحين أو لاجئين للمرة الثانية في لبنان أو في سوريا أو في تركيا أو في مصر!!
ثم ماذا؟!
بعد عرض هذه الوثائق لا أدري؛ هل بقي عذر لأي فلسطيني أو لأي سوري أو لأي مسلم أو لأي عربي أن يهتف باسم "داعش" أو باسم بشار الأسد إلا كل متآمر على شعبنا السوري والفلسطيني في سوريا؟!! فلا نامت أعين المتآمرين لعيون خط واشنطن – طهران – تل أبيب. ولا نامت أعين كل الذين باتوا يستبيحون ذبح الأمة المسلمة وحرق العالم العربي بادعاء أنهم أنصار آل البيت. ولا نامت أعين الغلاة البغاة الذين استباحوا لأنفسهم إراقة دماء المسلمين وهتك أعراضهم وإخراجهم عن الملة بادعاء أنهم نصبّوا أنفسهم في مقام الخلافة والخليفة، وحق لسوريا المنكوبة بعامة وحق لمخيم اليرموك المحاصر بخاصة طرد كل هؤلاء الراقصين على جراحنا، على اختلاف أسمائهم وأعلامهم، والذين باتوا ينفذون الجريمة الواحدة ودور المجرم الواحد، وفي مقدمتهم وجها العملة الواحدة (داعش – بشار) أو (بشار – داعش).
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]