المتتبع للخطاب القرآني, بغالبيته مخاطبٌ به الذكور, التوجيهات, الأوامر والنواهي, معظمها موجهةٌ إلى جماعة الذكور, على سبيل المثال قوله تعالى: يا أيها الذين امنوا كُتب عليكم الصيام, قال علماء الأصول النساء مشمولات بكل أمر موجه إلى جماعة الذكور, على سبيل التغليب, فعندما يُخاطبُ الرجل في القرآن فان المرأة معنيةٌ بالخطاب, لأن ما يخاطب به الرجال ينسحب على النساء بالتغليب, وهذا لا ينفي المساواة بين الرجل والمرأة من حيث التكليف, ومن حيث التشريف, فهي مكلفة بالعبادات مثل الرجل تماماً, بالصلاة والصيام والزكاة والحج, وهناك أمور خُصت بها المرأة دون الرجل, تتعلق بتكوينها ودورها في المجتمع, الذي تساهم في بنائه إلى جانب الرجل, فهي كما وُصفت نصف المجتمع.
من هذه الأمور والتكاليف الخاصة بالمرأة, لباسٌ تعرف به, ويميزها عن غيرها من النساء يسمى الجلباب, صوناً لكرامتها, وعفافها, وطهرها, يقول الله عز وجل: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنّ من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما. أدنى أن يعرفن, أي اقرب بان يعرفن بهذا اللباس المميز بأنهن نساء مسلمات حرائر عفيفات طاهرات, فالجلباب يميزهن عن غيرهن من النساء, وثياب المرأة المسلمة مميّزة عن غيرها من الثياب, لأنها متعلقة في دينها.
لذلك الجلباب له مواصفات خاصة, انه ليس كأي ثوب, مواصفات بيّنها واتفق عليها علماء الأصول, فالدين عندنا نحن المسلمين هو الذي يحكم حياتنا جميعها, بما في ذلك لبسنا وأكلنا وشربنا, المسلم ليس له رأي شخصي في الأحكام الشرعية, إنما يتقبل الحكم كما هو بلا زيادة ولا نقصان ما دام آمن بالله رباً وبالإسلام دينا, وبمحمد نبياً ورسولاً, فالإيمان هو مناط التكليف, التكاليف جميعها مرتبطة بالإيمان, أيها الذين امنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم, قل لعبادي الذين امنوا يقيموا الصلاة..... ما دام المسلم أمن فهو مطالب بالطاعة لله ولرسوله في كل أمر ونهي, ومن لم يؤمن فهو غير مكلف بشيء.
فالمرأة المسلمة مكلفةٌ بلبس الجلباب من لحظة بلوغها الحُلم, والتي لا ترتدي الجلباب إنكارا له, إنكارا لفرضيّته فقد كفرت, وإذا لم تنكر فرضيّته وتركته تقليداً للأجانب, فقد فسقت وعصت, والفسوق والعصيان يؤدي إلى الفجور.
للجلباب ستة شروط اتفق عليها الفقهاء أولا: أن يكون ساترا لجميع بدن المرأة, أما أن يستر عضواً ويبرز عضواً إرضاء للمجتمع أو للزوج, هذا ليس من الجلباب في شيء.
الشرط الثاني: أن يكون الجلباب كثيفاً غير رقيق, لا يجوز أن يشفّ عما تحته.
الشرط الثالث: أن لا يكون الجلباب زينه في نفسه, أي مزركش أو لونه فاقع, أو وهاج, أو فيه بريق, فالثوب هو أول ما يلفت النظر إلى صاحبه, ودليل ذلك قوله تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها. الشيء الذي بإمكان المرأة أن تخفيه من الزينة يجب أن تخفيه, وما ليس بإمكانها فهذا معفوٌ عنه, مثل الطول والقصر والنحافة والسمنة هذا ليس بإمكانها أن تخفيه, إلا ما ظهر منها.
الشرط الرابع: أن يكون الجلباب فضفاضاً غير ضيق, فالثوب يبدي العورة ويظهر المفاتن في حالتين, إذا كان رقيقا شفافاً يشف عما تحته, وإذا كان ضيقاً يظهر الشكل والحجم, فأي ثوب يظهر المفاتن أو الحجم والشكل, ليس جلبابا ولا ثوباً شرعياً, ولا ينبغي للمرأة أن ترتديه وتخرج فيه خارج البيت, فالثياب الضيقة ثياب محرّمة, لأنها تصف خطوط الجسم وتظهر ملامحه.
الشرط الخامس: أن لا يكون معطراً, النبي صلى الله عليه وسلم يقول:أيما امرأة استعطرت فمرّت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية. ذلك لان العطور تلفت نظر الرجال, وكأن لسان حال المتعطرة يقول هيت لك، ويدخل في هذا الحكم المساحيق التي توضع على الوجه.
الشرط السادس: أن لا يكون الجلباب فيه تشبّه بالرجال, فارتداء النساء للسروال هو تشبّه بالرجال وهذا لا يجوز بل هو محرّم, معظم الفتيات المسلمات يرتدين ثوبا من قطعتين قميصا ضيقاً يبرز الصدر والردفين, وسروالاً ضيقا يبرز الساقين بحيث تبدو كأنها عارية, هذا ليس لباساً شرعيا بل محرمٌ ارتداؤه, لأنه يبرز مفاتن الفتاة وفي ذلك تعد على حدود الله.
خلاصة القول, الجلباب الذي فرضه الله على المرأة المسلمة, ليس تضيقاً, ولا حرماناً, إنما فرضه الله تعالى تكريماً وتشريفاً لها, لأنها جوهرة غالية لا بد من صيانتها والحفاظ عليها. فأنت أيتها الفتاة المسلمة سلعة غالية, احفظي قيمتك بقيَم الإسلام وتعاليمه.
وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين,
سعيد سطل أبو سليمان
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]