مضى 67 عاما على ما اصطلح تسميته عام النكبة هذا المصطلح فيه مغالطة كبرى , الاصطلاح الصحيح والدقيق هو اعوام النكبة وليس عام النكبة لقد مضى على احتلال ارض فلسطين بقوة السلاح 67 عاما فأي منها نطلق عليه عام النكبة ؟ منذ عام 48 والنكبات تتوالى على الشعب الفلسطيني عاما بعد عام , عام 48 حققت الجيوش العربية بعض الانجازات ضد الجيش الاسرائيلي فتوجهت الدول الكبرى الداعمة والمؤيدة لإسرائيل الى مجلس الامن واستصدرت قرارا بوقف اطلاق النار وانسحاب الجيوش العربية من ارض فلسطين , وبهذا انتهى الدور العربي في استرجاع الارض المسلوبة , وتبدل الدور العربي من دور المؤيد والداعم للقضية الفلسطينية والشعب المنكوب , الى لعب دور الوسيط بين المعتدي والمعتدى عليه , بين الجلاد والضحية في اكبر خدعة في التاريخ اطلقوا عليها عملية السلام.
والانظمة العربية الهزيلة والعميلة اعلنت امام العالم ان السلام بينها وبين الدولة المغتصبة هو خيارها الاستراتيجي , هذا الاعلان بالنسبة لإسرائيل لا يقل اهمية عن الاعلان عن قيام دولة اسرائيل عام 48 , لأنه اعتراف ضمني من العرب بحق اسرائيل على ارض فلسطين , لم يشهد التاريخ البشري على مر الزمان كله نكبة كنكبة السعب الفلسطيني ,الشعب الفلسطيني مقسّم ثلاثة اقسام , قسم ظل على ارضه لم يبرحها وهو داخل ما يسمى بالخط الاخضر , وقسم يعيش في الضفة الغربية وقطاع غزه , والقسم الثالث وهو الاكبر وهو الذي طرد من ارضه وشُرّد ويعيش في الشتات في مختلف الدول وقسم كبير منهم يعيش في المخيمات في الدول المجاورة لفلسطين في الاردن وسوريا ولبنان على امل العودة الى اراضيهم وبيوتهم , اما القسم الذي ظل على ارضه لم يبرحها هم الاوفر حظا من اخوانهم , بالرغم من التضيق عليهم والممارسات العنصرية ضدهم , وبالرغم من مصادرة اراضيهم وهدم بيوتهم الغير مرخصة , وبالرغم من تقليص الميزانيات المخصصة للتطوير وللخدمات الاجتماعية وغيرها من المضايقات فهم الاوفر حظا من اخوانهم في الضفة والقطاع وفي المخيمات , فالقسم الذي يعيش في الضفة الغربية وقطاع غزه يعاني اضعاف ما يعانيه عرب الداخل.
هؤلاء الاحتلال رابض على صدورهم , يهدم بيوتهم ويصادر اراضيهم ويقطّع اوصال مدنهم وقراهم بالحواجز وبناء المستوطنات وبناء الجدار العازل يطارد شبابهم ويزج بهم في السجون والمعتقلات , يقوم الاحتلال باجتياحات ليلية ومطاردات واعتقالات واغتيالات ومضايقات معيشية ,كل ذلك يحصل في الضفة الغربية , اما قطاع غزه فهو بين فكي كماشه إسرائيلية مصريه , مصر تتعاون مع اسرائيل في فرض حصار بري وبحري وجوي على قطاع غزه , اهل القطاع المدمر بفعل العدوان الاسرائيلي ,محاصرون يجوّعون يتعرضون الى الموت البطيء امام سمع وبصر العالم باسره عربيه واعجميه , وبالرغم من الخذلان العربي والدولي فان شعب غزة الابي ما زال صامدا يأبى الاستسلام ويأبى الخنوع ويأبى الضيم شعب عصي على الانكسار والركوع , اما فلسطينيو المخيمات مضى عليهم 67 عاما وهم يعانون اقسى الظروف يعانون شظف العيش يفتقرون الى ادنى الخدمات الاجتماعية ينتظرون العودة الى اراضيهم وبيوتهم وممتلكاتهم , طال بهم الانتظار مضت الاعوام عام تلو عام , فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر العودة التي باتت اشبه بالحلم.
نكبة الشعب الفلسطيني من اعظم النكبات على مر التاريخ , هذه النكبة المتعددة الجوانب اكثر ما يؤلم فيها الموقف الدولي الذي يرفع شعار العدل والحرية ويؤيد الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني , ويدعم الاحتلال الاسرائيلي ويحميه في المحافل الدولية وعلى الارض , والاكثر منه ايلاما الموقف العربي المتخاذل والمتواطئ مع المحتل ضد الشعب المنكوب , انظمه عربيه هزيلة عميله تعاني من افلاس ديني واخلاقي وانساني , ذئاب على بعضهم ومع اعدائهم نعاج , وهل يلام الذئب في عدوانه اذا كان الراعي عدو الغنم ؟ ولله در الشاعر اذ يقول : وظلم ذوي القربى اشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند , والله غالب على امره
سعيد سطل ابو سليمان 17 .5 .2015
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]