مَنْ مِنّا لا يغضب ؟؟
مَنْ مِنّا لا يثور ؟؟
مَنْ مِنّا لا يتذمّر ؟؟
الغضب هو حالة شعورية مؤقتّة تظهر نتيجة خيبة أمل .. وممّا لا شكّ فيه أنّ– الانفعال العصبي أيالغضب هيكلمة لها دلالات سلبية وعادة ترتبط بكلمة العنف وبالتّالي ننظر للإنسان الغاضب على أنّه إنسان "عاطل" أو "عنيف" !!
ونحن كبالغين من واجبنا أن نميّز بين الغضب والعنف .. فالعنف في أغلب الأحوال محاولة للمسّ بإنسان أخر أو تخريب ملك . أمّا الغضب فهو شعور طبيعي لكل إنسان كبير أو صغير .. وكثيرا ما يسبب غضب طفلنا لنا نحن الكبار الأحراج والتّخبّط لأنّه غالبا ما يشعرنا بالذّنب والفشل والعياذ بالله , فنحن وكأنّنا لم نعرف كيف نربّي طفلنا كما يجب !! ومن هذا الأحراج والشّعور بالفشل والذّنب,الذي لا نستطيع تحمّله ,نبدأ بالتعامل مع طفلنا بنفس طريقته فنغضب عليه ونصرخ ونوبّخ وأحيانا نضرب !! أو بالعكس هناك مَن يختار أن يستجيبَ لطلبات طفله ورغباته .. وبهذا يجد الطفل "وسيلة الغضب" طريقا لتحقيق أهدافه .
أودّ أن أنوّهَ أنّني لا أشجّع بمقالي الغضب والعنف وأن نتركَ الحبلَ لطفلنا ليفعلَ ما يحلو له , يغضب ..يصرخ.. يرمي نفسه أو غرضا على الأرض , يشتم أو حتى يضرب !! لا بل العكس هو الصّحيح تماما فأنا أحاول من خلال تجربتي مع أولادي الثلاثة وتجربتي الكبيرة مع الأطفال أن نتساعد كلنا معا ,أهل ومربّون, لنبنيَ جيلا محبّا صحيحا يفهم ما يدور بداخله . فاحتواء الغضب بالوقت المناسب وبالشّكل الصّحيح يسهّل علينا وعلى طفلنا في المستقبل مسار حياته ونوفّر عليه تحدّيات وصعوبات نحن وهو بغنى عنها .
من المهم أن نعلم أنّ واحدا من الأسباب التّالية يؤدّي بطفلنا للغضب :-
1) تقليد سلوك أحد والديه :- فهذا هو السّلوك وهذه هي الطّريقة التي تعلمها من أمّه أو من أبيه .
2) طفلنا يمرّ بضغوطات أو تحدّيات أو احباطات أو فشل أو وِحدة أو مخاوف أو ضائقة ما , لا يعرف كيف يتعامل معها وهو بسلوكه هذا يريد لفت انتباهنا إليه.
فبالحالتين هو بأمسّ الحاجة إلينا لنعلمَه كيف يتصرّف.. نعم نحن الكبار .. أحد والديه أو الأثنان معا أو معلمته أو أي انسان له تأثير على طفلنا ..
فكيف يمكننا أن نساعدَه ؟؟
إليكم بعض الوسائل التي ترتكز على دراسات وأبحاث ولا تخلو من التجربة ..
• تعزيز لدى الطّفل مجهوده , تصرّفاته الأيجابيّة ونقاط قوّته :-بأن تقول الأمّ/الأب لطفلها مثلا:-
• " أقدّر أنّك قمت بتعليق ملابسك رغم أنّك كنت مسرعا للخروج للعب مع أصدقائك"
" كل الاحترام ! كنتَ صبورا عندما كنتُ أتحدّث بالهاتف "
" واو , كم أنا سعيدة أنّك تقاسمت الشوكولاطة مع أختك"
" أشكرك لأنّك حكيتَ لي حقيقة ما حدث"
أو تقول له معلمته :-" أحسنتَ لأنّك ساعدتَ صديقك"
" بوركت على مجهودك بحل الوظيفة البيتيّة رغم صعوبتها"
• تجاهل الغضب عند حدوثه :- عدم الاستجابة له وبالطبع عدم استفزاز الطفل بِرَدّ أو تَحَدّ يزيده عصبيّة . التجاهل يجب أن يكون منظّما , مستمرّا وممنهجا . وبعدما يهدأ الطفل نتباحث معه عن سبب غضبه ونساعده على فهم سبب الضّائقة .. إذ أنّ الطّفل يتجاوب بسلوك ملائم عندما يكون فاهما ومستوعبا سبب إحباطه ومن ثم نطلب منه أن يعطي حلّا أخر بدل الذي قام به عند غضبه .
• احتضان الطفل أو لمسه عند الغضب :- أكثر ما يحتاجه الطّفل بحالة الغضب هو الحضن الصّادق الدّافئ مِن قِبل مَنْ يحبّ وبهذا يوقف دافع غضبه ويؤدّي لهدوئه وضبط مشاعره . بأن تقول الأم/الأب/المعلمة :-
" إهدأ يا حبيبي .. أنا أفهمك , ولا أحبّ أن أراك بهذه الحالة !!"
أنظر إليّ .. أنت تعرف أنّي أحبّك..أنا أريد مصلحتك .. أنا لا أريدك أن تتصرف
بهذه الطريقة .. أنت تهمّني !! " .
• الاهتمام الدّائم بمشاغل الطّفل ومشاركته فعاليّاته ,نشاطاته , ألعابه ونجاحاته .
• الممازحة عند الغضب :- الممازحة مع الطّفل الغاضب توفّر له أحيانا فرصة للخروج من هذه الحالة باحترام وتساعده على ضبط غضبه .
• التقييد الجسماني :- عند فقدان الطّفل السّيطرة على ضبط سلوكه يجب تقييده جسمانيّا أو إبعاده عن المكان بحزم وحبّلنجنّبَه إيذاء نفسه أو غيره وبهذا نحافظ على احترامه لنفسه . فالتّقييد الجسماني لا يعني العقاب أو العنف بل بالعكس فإنّه يعني :- " أنت لا تستطيع فعل ذلك !!".
• وضع حدود واضحة :- والطّفل يستطيع التّصرّف داخل هذه الحدود المتاحة له .
• تعليم الطّفل التّعبير عن نفسه كلاميّا وعدم استخدام العنف الجسدي أو الكلامي لأنّ الكلام يساعد الطّفل على ضبط غضبه كأن يقول :- " لا يعجبني أنّك أخذت قلمي , لا أريد أن أتقاسم معك الآن !!" .
وهناك وسائل أخرى كتغيير البيئة أو توفير منفس جسماني وروحاني للطفل وكوننا الأذن الصّاغية له.
هذه الوسائل جميعها من شأنها أن تساعد الطّفل على ضبط سلوكه , علينا أن نختارَ الوسيلة الملائمة لكل طفل , كما علينا أن نختار الوسيلة الملائمة لكل حالة من حالات الغضب .. ولكل مرحلة من مراحله .. والأهم من ذلك كله أن نكون المثل الأعلى له بسلوكنا – وليس بكلامنا - , فالطّفل يقلّد سلوك أمه وأبيه وأحيانا معلمته . وكي نصل إلى قلبه وعقله ونؤثّر عليه إيجابا علينا التّعامل معه باحترام ومحبّة !!
هيّا بنا نعمل معا على تنمية مجتمع واع ومحب.. فهل مِنْ مُشارِك ؟؟
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]