قبل أيام سمعنا خطاب الرئيس الأمريكي براك أوباما يتحدث مرة أخرى عن خطة السلام الشرق أوسطية بعد أن أمسى خطابه الأول في القاهرة طي النسيان. ورحل معه مبارك وزين العابدين.صالح ومعمر يجهّزون أمتعتهم كي يلحقوا بالركب إلى مزبلة التاريخ.هذه المجموعة من السفاحين ومجرمي الحرب الذين قتلوا وذبحوا شعوبهم بدم بارد مكانهم في المعتقلات تلك التي سجن فيها الشرفاء وأصحاب الحق الذين دفعوا ثمنا باهظا في سبيل تحقيق الحرية لشعوبهم. يعود إلينا حسين أوباما مع خطة سلام شرق أوسطية جديدة تتعلق بحل القضية الفلسطينية على أساس حدود 1967 ومع تصليحات حدودية لصالح الولد المدلل دولة إسرائيل. خطة هدفها حماية دولة إسرائيل والعمل على استمرار وضمان وجودها كحليف إستراتيجي وكقاعدة عسكرية أمريكية تحافظ على الاستقرار في الشرق الملتهب والمنتفض من المحيط إلى النهر. وتحافظ على الديمقراطية " الوحيدة" في الشرق كما يروّج لها في الغرب. الكثير منا انتابه التفاؤل والفرح عندما فاز الرئيس الأمريكي أوباما بالرئاسة , اعتقادا منا أن التغيير قادم وأن الرئيس الجديد يأتي مع فكر مغاير لسابقه . لونه من لوننا واسمه حسين الذي وعد بالخروج من العراق وأفغانستان ووعد بإغلاق جوانتنمو ووعد بشرق أوسط يسوده السلام والاستقرار ولكن ليت الرياح تسير بما تشتهي السفن.
ليس من جديد في خطاب أوباما الذي يعمل جاهدا على عدم إغضاب الجالية اليهودية الصهيونية من حوله. وماذا كنا نتوقع من رئيس كل مستشاريه وأعوانه ومساعديه هم من مساندي دولة إسرائيل على حلوها ومرّها. الرئيس الأمريكي ليس صاحب قرار مستقل فهو يتبع لحزب ونظام وعقيدة وقراره متعلق بما يرسم من خطط وقرارات تتخذ في البيت الأبيض, يعمل على تنفيذها بحذافيرها وإلا فمصيره معروف مسبقا . إن من يرى في خطاب الرئيس الأمريكي هو خطوة نحو السلام فهو مخطئ. ومن يرى أن هناك تحرّك مهم على الصعيد الفلسطيني فهو مخطئ. وأن قضية الحدود والقدس واللاجئين والمستوطنات تتجه نحو الحل فهو مخطئ. لست ساذجا والرد لم يتأخر من رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي صفع أوباما الصديق بدلا من الواحدة أو اثنتين كما هو معهود في الإنجيل بل ثلاث صفعات. الأولى , لا عودة لحدود 1967 ولا تفاوض على القدس ولا يمكن إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 تؤدي إلى تقليص حجم الدولة بحيث تصبح معرضة للخطر. بما معناه أن الأصدقاء مختلفون ورهان أوباما خاسر وشرقنا العربي لم بعد يحتمل الانتظار. شعوبنا العربية تريد تغيير النظام . شعوبنا العربية بما فيها الشعب الفلسطيني يريد الحرية وللحرية ثمن دفعته شعوبنا وما زالت تدفع بدماء الشهداء الأبرار الذين يسقطون كل يوم في الوطن العربي من مارون الراس ومجدل شمس وكل أقطار الوطن.
بينما كنت جالسا أمام التلفاز متابعا القنوات الفضائية العبرية والعربية لمتابعة آخر التطورات الإخبارية غلب عليّ النوم وغرقت في حلم اصطحب فيه حسين أوباما إلى شرقنا الجديد بداية إلى ميدان التحرير حيث هتف الآلاف بسقوط النظام الذي تحالف معه ودعمه ماديا ومعنويا ومن هناك انطلقنا إلى زيارة خاصة لنسمع من التوانسة عن الظلم والقهر والاستبداد الذي عاشه الشعب التونسي في عهد زين الدين الذي سانده النظام الأمريكي وطلب مني الذهاب إلى طرابلس أو عدن فقلت لا حاجة لزيارة ليبيا واليمن ففجر الحرية آت لا محالة بعد ثلاثة عقود وأكثر من الغطرسة والاعتقالات نقوم بزيارة هذه المدن بعد إسقاط النظام هناك ربما بعد شهر أو أقل من ذلك . قلت له أن من عاداتنا أن الضيف يكون أسيرا لصاحب البيت وعليه إتباعي كما يقول المثل العربي ( الضيف أسير المحلي). مررنا على مخيمات اللاجئين في لبنان والتقينا هناك بعجوز أصلها من البروة تجلس على قارعة الطريق مع حفيدها درويش الذي يحمل بيده مفتاح الدار الذي تصدئ . ومن هناك إلى اليرموك لنقابل حسن حجازي العائد إلى يافا ولنسأله كيف تجرئ بالعودة إلى بلده يافا ضاربا عرض الحائط كل الحواجز والألغام متوجا إلى الجنة. ولا نكن نعلم إن كنا سنجده بين أهله بعد عودته من أرض الوطن أو في مكان آخر. ومن اليرموك مباشرة إلى قلنديا مرتجلين لنعيش لحظات مع المحسوم ( الحاجز) التي أصبحت كلمة في قاموسنا العربي. وقررنا عدم الذهاب إلى المقاطعة في رام الله لأنه غاضب على عباس الذي رضخ لمطالب شعبه وتصالح مع إخوته في غزة. قلت له إذا فلنقوم بجولة حول الجدار العنصري ونلتقط بعض الصور التذكارية قبل سقوطه ففرح وطلب مني أن يأخذ معه قطعة منه كتذكار يحتفظ به, أردت اصطحابه إلى بلعين فاعتذر قائلا أنه منذ الطفولة يعاني من حساسية للغاز المسيل للدموع. انطلقنا إلى يافا مسقط رأسي ووطني الأكبر إلى أبو حسن مباشرة نتناول المثلثة من الحمص والفول والمسبحة نجلس على طاولة تجمع بين جندي إسرائيلي من محطة الإذاعة العسكرية يجلس إلى جانبه عامل من الضفة وبالمقابل وسيدة مغربية تقول بصوت عال ودخلناها مينا يافا. وفي طريق العودة إلى السفارة الأمريكية القينا نظرة على حي المنشية الذي كان وقرأنا الفاتحة على روح الحوت وصلينا صلاة الغائب على الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن الوطن. وبعد الصلاة وقف ينظر إلى الحي أمام البحر وقال لي ما رأيك أن نقيم مشروعا سكنيا على هذه التلة قلت له ممتاز حل يرضي أهلنا في المخيمات . مخيمات لا أقصد مشروع استثماري مع بعض الأصدقاء من أمريكا حق عودتهم مضمون.ضحك وتابعنا المسار وما أن وصلنا إلى السفارة الأمريكية حتى قمت مفزوعا وصداع يفجّر رأس وابني يقول لي الديك صديق اسمه حسين ؟ قلت لا لا لا وعدت للنوم .
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]