القرآن الكريم حدثنا عن العديد من الغزوات والمعارك , حدثنا عن غزوة بدر وعن غزوة احد وعن غزوة الاحزاب وعن غزوة حنين وعن غزوة تبوك , وحدثنا عن غلبة الفرس على الروم , وذلك للتدبّر واستخلاص الدروس والعبر عند المواجهة ولقاء العدو الذي يتربص بنا , والمواجهات في ميادين القتال بعامة تكون بين الحق والباطل , فريق على حق وفريق على باطل , حرب بين حقين لا تكون ابدا , انما تكون بين حق وباطل والغلبة الحتمية في النهاية للحق , مهما امتلك الباطل من اسباب القوة والدعم والتأييد , ومهما امتد أمد الحرب ومهما قل النصير.
القرآن حدثنا عن اول معركة خاضها المسلمون ضد مشركي مكة في بدر في السابع عشر من رمضان في السنة الثانية للهجرة , سماها القرآن بدر بقوله تعالى : لقد نصركم الله ببدر وانتم اذلة.
وسماه يوم الفرقان لان الله تعالى فرق فيها بين الحق والباطل , هذه المعركة لم يُعد لها المسلمون العُدة , لانهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم للاستلاء على قافلة للمشركين كانت عائدة من الشام الى مكة بقيادة ابي سفيان وكان معه اربعون رجلا يحرسونها , فلما علم ابو سفيان بخروج المسلمين ارسل الى مكة يخبرهم بخروجهم ويطلب النجدة والحماية , وغير طريق القافلة فسلك بها طريق البحر فنجت القافلة وباتت في مأمن , فارسل ابو سفيان يخبر اهل مكة انه نجا بالقافلة ولا حاجة للنجدة ,المشركون بقيادة عمر بن هشام المكنى بابي جهل خرجوا بكامل عدتهم وكان عددهم نحو الف مقاتل , وكان عدد المسلمين 314 مقاتل اي كان المشركون ثلاثة اضعاف المسلمين , وهذا اذا قيس بالمعايير المادية فالنتيجة محسومة لصالح الكثرة على القلة عددا وعتادا.
ان المتابع لمجريات احداث غزوة بدر كما قصها علينا القرآن , يجد انها جرت من البداية وحتى النهاية بتدبير الله , المسلمون ارادوا شيئاً والله تعالى اراد شيئاً اخر يقول الله تعالى : واذ يعدكم الله احدى الطائفتين انها لكم وتودون ان غير ذات الشوكة تكون لكم , ويريد الله ان يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين , المسلمون خرجوا من المدينة للاستلاء على القافلة غير ذات الشوكة , هذا ما ارادوه لأنفسهم يومذاك لكن الله تعالى اراد لهم شيئا اخر , اراد ان يحق الحق ويبطل الباطل , لقد اراد الله تعالى ان تكون ملحمة لا غنيمه , فلو حقق الله لهم ما ارادوا واستولوا على القافلة وغنموها , لمضت في كتب التاريخ قصة قوم اغاروا على قافلة وغنموها , وكانت الغارات على القوافل شائعة في جزيرة العرب , اما بدر فمضت في التاريخ قصة عقيدة قصة ملحمة لا قصة غنيمة , قصة نصر من الله , قصة انتصار اهل الحق على اهل الباطل المدججين بالسلاح , اراد الله تعالى بهذه المعركة الغير متكافئة عددا وعتادا ان تعلم الفئة المؤمنة ان النصر ليس بالعدد وليس بالعدة وليس بالمال على اهمية هذه العناصر , وانما النصر من عند الله , يتحقق عندما تكون القلوب متصلة بالله , بالقوّة التي لا تُغلب , ولتؤمن الفئة المؤمنة انها تملك في كل زمان ومكان ان تغلب اعداءها وخصومها مهما تكن هي من القلة ويكن عدوها من الكثرة والعدة والعتاد , وما النصر الا من عند الله.
ملاحظه : لا ادري لماذا يُغفل الخطباء على المنابر ذكرى معركة بدر لا يذكرونها ولا بكلمة واحده ؟؟؟
سعيد سطل ابو سليمان
17 رمضان 1436
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]