العربية هي لغة الضاد التي شرفنا الله تبارك وتعالى أن نكون الناطقين بحروفها فكفاها منزلة وشرفا إنها اللغة التي كُتب فيها دستور البشرية القرآن وكفاها من مرتبة رفيعة أن الله عز وجل جعلها لغة أهل الجنة، وأما اللغة وحدها لا تصلح لقيادة الناس لأنها لغة وليست منهاج حياة، فهي خالية المضمون الأيدولوجي ومجوفة فكريا.
والشاهد على ذلك هو التاريخ والواقع، وأما التاريخ فإن قلبت صفحات العرب في عهد الجاهلية أي قبل الإسلام ستجدهم في حالة الذي لا يحسد على حاله، قبائل متفرقة متناحرة أهلها حفاة مغبرين لا تقيم لهم الأمم وزنا ولا تحسب لهم حسابا، وأما الواقع الذي لا يخفى على أحد هو حال الأمة اليوم بعد ما تشدقت بالعروبة وهجرت العقيدة الربانية الخالدة فباتت هزائمها وكبواتها لا تعد ولا تحصى وأما رؤوس الفساد التي وصلت لسدد الحكم العربية فكلهم وصلوا باسم العروبة والوطنية الزائفة "حسني مبارك باسم الحزب الوطني، وزين العابدين بن علي باسم التجمع الدستوري التونسي، وبشار الأسد باسم حزب البعث القومي، وعلي عبد الله صالح حزب المؤتمر الشعبي الوطني"، هذه هي العروبة، فلماذا نضحك على أنفسنا ونرى فيها حلا جذريا يخرج الأمة من مصابها ويشفي جراحها؟.
أما الإسلام فهو أوسع بكثير من العروبة، ففيه انصهرت القوميات لتكون جسد واحد إنساني همه إنقاذ البشرية بما أنزل الله جل وعلا، ففخرنا عظيم أن الرعيل الأول لإسلامنا تآخى فيه حمزة بن عبد المطلب العربي وبلال بن رباح الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الرومي، فالإسلام يشمل اللغات مجتمعة وأتى لنشر المودة والسلام بين بني البشر.
فالإسلام هو عقيدة ربانية خالصة، ورسالة سماوية معصومة عن التحريف، ومنهاج شامل يشمل كل مناحي الحياة البشرية فهو دين ودولة، حق وقوة، ثقافة وحضارة، عبادة وسياسة، اقتصاد ورياضة، يواكب الإنسان منذ كينونته جنينا في رحم أمه وحتى يوارى الثرى، ولذلك نهمس في آذان الناس هتافا صادقا يحمل العدالة الاجتماعية {وما ربك بظلام للعبيد} [فُصلت46] والرحمة الإلهية {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} [الأنبياء 107] والسعة في الدنيا والآخرة {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} [البقرة 201].
وخيرية الإسلام على العروبة، نلمسها كذلك في التاريخ والواقع، وأما التاريخ فهو ناصع فبعد البعثة النورانية وخروج النور نبي الهدى والرحمة انقلبت الموازين فبات العرب بعد الإسلام قوة إقليمية حكمت الجزيرة واليمن والعراق يحسب لها ألف حساب وما لبثت وبسنين قليلة لتنتقل لمرحلة أستاذية العالم لتصبح القوة العظمى الأولى في الأرض والتي امتدت من الصين شرقا حتى الأندلس غربا حيث نشرت العدالة والقسط بين الناس بعدما دكت عروش الفرس والرومان على رؤوسهم.
وأما الواقع فحينما أنجر العرب خلف العروبة وتحالفوا باسمها مع الغرب والانجليز للإطاحة بالخلافة العثمانية المسلمة وإبرام الاتفاقيات مع نقاد العهود في محادثات "الشريف حسين ومكامهون" وصل العرب إلى حالهم الحالي المزري المنغمس في الوحل والطين، وأما اليوم فتعيش الأمة إشراقات منيرة بعدما أعدت قوافل العائدين إلى الله وإلى الإسلام ذاك النهج الرباني، فالمرحلة المقبلة هي مرحلة الإسلام حيث سيعاد للحياة طعمها ولونها الشهد والحلو للإسلام وأهل الكتاب المسالمين والمر والعلقم للكفار ومن والاهم من الأشرار المعادين، فيا من زلت تتساءل أيهما أخير فأسلك: "أين نور السُهى من شمس الضحى؟! وأين الثرى من كواكب الجوزاء في الثريا؟.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]