يقول الله تعالى : "وتعانوا على البر والتقوى , ولا تعاونوا على الاثم والعدوان"
هذا الخطاب للمسلمين وتعاونوا , فعل امر بصيغة الجمع يوجب على كل مسلم مُكلف التعاون مع كل البشر على اختلاف اجناسهم ومعتقداتهم وعلى كل المستويات , مستوى الافراد والجماعات والدول , وكما هو معلوم كل امر في القرآن يقتضي الوجوب وكل نهي يقتضي الترك , اذا المسلمون مأمورون بالتعاون ! على ماذا على البر والتقوى , والبر كلمة جامعة للخير كله لكل ما فيه منفعة الانسان وسعادته على كل الاصعدة الدينية والتربوية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية , والتعاون على البر يقوي الروابط الانسانية والعلاقات الاخوية بين بني البشر, والتعاون على التقوى يقوي الروابط الاخوية بين المسلمين , فالبر يتعلق في الشؤون الحياتية بين بني البشر, والتقوى تتعلق في الامور التعبدّية بين الانسان وخالقه , فالبر اشمل واعم من التقوى , البر طريق يوصل الى التقوى , اقرؤوا ان شئتم قول الله تعالى : ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكنّ البر من امن بالله واليوم الاخر...الى قوله تعالى اولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون , سورة البقرة 177 , فالبر يشمل المسلم وغير المسلم , يقول الله تعالى : لا ينهاكم الله عن الذين لا يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم , اما التقوى فهي اخص من البر وهي خاصة بالمؤمنين , والتقوى طريق يوصل الى الجنة , فالبر يوثّق الروابط مع الخلق , والتقوى توثّق الروابط مع الخالق , والإنسان في احواله كلها لا يستغني عن الخلق ولا يستغني عن الخالق.
لذلك امرنا الله تعالى بالتعاون بصيغة الجمع وتعاونوا , والتعاون ينهض بالمجتمع الانساني , وهو وجه من اوجه الحضارة والتقدم والرقي , ويجب ان نعترف ان الغرب يتقدم على العرب في هذا الجانب مسافات ضوئية , التعاون لدى الغربيين ثقافة يربون ابناءهم على التعاون في سن مبكرة , وهذا سبب نهضتهم وتقدمهم في مختلف المجالات.
نحن اسبق من الغرب في التعاون على الاثم والعدوان , على القتل والدمار والخراب , على قتل بعضنا بعضا بمختلف انواع الأسلحة المشروعه والغير مشروعه , قتل بلا حدود ولا ضوابط ولا محرمات , لا نتحدث الرحمة ولا عن الحُرمة ولا عن خلُق القتال , فالطائرات ال اف 16 التي تقتل وتدمر اليمن , والسيارات المفخخة المليئة بالمتفجرات تفجّر في الاسواق والأماكن العامة الغاصة بالمدنيين الابرياء , والأحزمة الناسفه يفجرها انتحاري في المساجد وسط المصلين , هذا الواقع الاليم الذي يمر به العرب المسلمون على امتداد العالم العربي , يبين لنا ان الاسلام الذي يأمرنا بالتعاون على البر والتقوى وينهانا عن التعاون على الاثم والعدوان , في واد والمسلمين في واد اخر.
والله غالب على امره.
سعيد سطل ابو سليمان
14 . 8 . 2015
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]