أخفق حزب "النور"، المؤيد للانقلاب العسكري، في الفوز بأي مقعد، في المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية المصرية، التي تعلن نتائجها رسميا الأربعاء أو الخميس، فيما يخوض ما بين 22 إلى 25 مرشحا للحزب جولة الإعادة، وسط توقعات باتجاهه إلى خسارة ساحقة، حتى إن مرشحيه الراسبين على المقاعد الفردية جاءوا في ترتيب متأخر، نتيجة الأرقام المتدنية التي حصلوا عليها.
وحتى مساء الثلاثاء، لم يعلن الحزب فوز أي مرشح له في أي دائرة، ضمن محافظات المرحلة الأولى (14 محافظة)، كما لم يُعلن فوز قائمة الحزب في أي محافظة، بل مني مرشحوه بهزيمة غير مسبوقة، حتى في معاقل الحزب ذاته، سواء الإسكندرية أو مرسي مطروح، فضلا عن أنه خرج "صفر اليدين"، بلا إعادة، في خمس محافظات هي (سوهاج، وأسوان، والأقصر، والمنيا، والجيزة).
ولم يعقد الحزب أي مؤتمر صحفي يوضح فيه نتائجه في الانتخابات حتى الآن، كما أنه لم يقدم أي احتجاجات أو طعون على الانتخابات، ولم يشك حتى من أي تزوير أو تلاعب في النتائج.
وقال مراقبون إن خسارة "النور" تحمل دلالات كثيرة، أبرزها أن الحزب سقط سقوطا مروعا في الشارع المصري، بعد أن خسر "السقط واللقط"، جراء تأييده الانقلاب العسكري، إذ فقد سمعته، وشعبيته، حتى لم يعد يصلح ذراعا لأحد، لا لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، ولا للسعودية التي كانت بعض دوائرها الدينية تتعاطف معه.
وكان قادة الحزب يعلقون آمالا كبيرة على أن يحقق في هذه الانتخابات النتيجة ذاتها التي حققها في انتخابات 2011/ 2012، عندما تمكن الحزب من إحراز نسبة 22.4 في المئة، وحصل على 112 مقعدا، عبارة عن 90 مقعدا عن القوائم، و20 مقعدا فرديا، ليحل ثانيا في الانتخابات بعد حزب "الحرية والعدالة"، ووصيفا له، بعد أن أحرز الأخير نسبة 43 في المئة من أصوات المصريين، بعدد مقاعد 222 مقعدا، 115 منها قوائم، و107 مقاعد فردية.
وقال رئيس شعبة المحررين البرلمانيين في نقابة الصحفيين، في برنامج "مصر تنتخب" عبر فضائية "سي. بي سي. إكسترا"، مساء الثلاثاء، إن نتائج الانتخابات تؤكد خسارة حزب "النور" جميع المقاعد باستثناء 22 مقعدا فقط سيخوض جولة الإعادة.
لكن مساعد رئيس حزب النور، أحمد خليل، قال في تصريحات صحفية إن الحزب سيخوض جولة الإعادة على 24 مقعدا في محافظات المرحلة الأولى، مشيرا إلى أن هذا العدد هو العدد شبه النهائي من الغرفة المركزية للحزب.
لكن عددا من أعضاء الهيئة العليا للحزب، أبدوا سخطهم من تلك النتائج، وتوجهوا برسالة إلى الهيئة العليا للحزب، طالبوا فيها بالانسحاب من خوض المرحلة الثانية للانتخابات.
وقالوا في رسالتهم: "نظرا للمناخ غير الصحي الذي لا يسمح بالمنافسة الشريفة نرجو التكرم بتسجيل موقف تاريخي سياسي بإعلان الانسحاب من العملية الانتخابية لقائمة القاهرة والدلتا (مرحلة ثانية)، نظرا لتقاعس اللجنة العليا للانتخابات عن الوفاء بالتزاماتها نحو تفعيل القانون ضد الإعلام الذي أفسد البيئة الانتخابية عبر تشويه ممنهج ومنظم لحزب شرعي ودعوة معلنة وتحريض مباشر للناخبين عبر قنوات تلفزيونية لعدم اختيار قائمة حزب النور"، بحسب الرسالة.
يُذكر أن حزب "النور" خسر معركة القائمة في قطاع غرب الدلتا الممثلة بـ15 مقعدا أمام قائمة "في حب مصر"، الموالية للسيسي، التي اكتسحت أيضا قطاع الصعيد الممثل بـ45 مقعدا.
وخسر "النور" غالبية المقاعد الفردية، حتى في معاقل "الدعوة السلفية" في الإسكندرية والبحيرة ومرسى مطروح وعدد من محافظات الوجه القبلي.
ولم تفلح جهود الحزب في الإسكندرية، التي علق عليها أكبر آماله، سوى في تمكين أربعة مرشحين له من خوض جولة الإعادة، وهم: "أحمد الشريف وأحمد خليل في العامرية، وزارع منيسي في برج العرب، وعبد الحليم محروس في المنتزه أول".
وتضم قائمة "غرب الدلتا"، التي خسرها الحزب، أهم رموزه وقياداته، وهم (نائب رئيسه أشرف ثابت، ومساعد رئيسه طلعت مرزوق)، وقادته: (محمد إبراهيم منصور، ونادر بكار وزوجته).
ووصفت صحيفة "المصري اليوم" "تراجع النور" في السباق البرلماني، الثلاثاء، بأنه "نتيجة صادمة"، مشيرة إلى أن "المشهد كان خاليا له تماما من خصمه الأقوى في التيار الإسلامي"، الإخوان المسلمون، وبعد اعتقاد بأنه سينفرد بالقاعدة الجماهيرية العريضة لهم، "فوجئ الحزب بعزوف قطاع عريض من مناصريه عن انتخابه، وليس التيار الإسلامي فحسب".
وأشارت الصحيفة إلى أن خسارة الحزب للقاعدة السلفية العريضة، التي تضامنت مع الإخوان، تأتي في مقدمة العوامل التي أدت إلى خسارته، (الجماعة الإسلامية، والجبهة السلفية، والأحزاب السلفية: الوطن والأصالة والفضيلة، إضافة إلى دخوله في صراع محتدم مع مشايخ التيار السلفي، الذين تضامنوا مع الإخوان، وأخذوا وراءهم قاعدة جماهيرية كبيرة، متضامنة مع اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر، الذي لم يبال به قادة "النور"، وفق الصحيفة.
الحزب يقر بالنتيجة ضمنيا
اعترف رئيس الحزب، يونس مخيون، بالنتيجة ضمنيا. وقال خلال اتصال هاتفي بفضائية "الحياة": "الإعلام كان يعمل على تخويف المواطنين من الحزب"، مضيفا أن الحزب شارك في كل استحقاقات خارطة الطريق، مضيفا: "كنا نتمنى أن تتم الانتخابات في جو من الحياد التامة على خلاف ما عشناه".
ووجه المتحدث باسم الحزب، صلاح عبد المعبود، رسالة إلى أعضائه، بعد ظهور المؤشرات الأولية للنتائج، وقال على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "يا شباب النور.. لا تنزعجوا، فالله عنده الخير، لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.. حزب النور وضوح، وطموح".
أما عضو المجلس الرئاسي للحزب، أحمد خليل خير الله، فأرجع خسارة حزبه في "قائمة غرب الدلتا"، إلى ما وصفه بشراء أصوات الناخبين، قائلا: "شراء الأصوات كان على مرأى ومسمع من الجميع"، مضيفا: "لا يوجد حزب في مصر له شعبية، ولم يحصل أي حزب على نجاح مرشحيه من الجولة الأولى".
هجوم رئيس قائمة السيسي
في المقابل، قال المقرر العام لقائمة "في حب مصر"، اللواء سامح سيف اليزل، إن غرفة العمليات الرئيسية لقائمته أكدت فوز قطاع غرب الدلتا بنسبة 58 في المئة من إجمالي الأصوات الصحيحة، بالإضافة إلى فوز القائمة في قطاع الصعيد، بنسبة 54.5 في المئة، مؤكدا أن القائمة الآن حصدت 75 مقعدا، لأنه لا توجد منافسة بقطاع شرق الدلتا لعدم نزول قوائم أخرى للانتخابات في القطاع.
ووجه "سيف اليزل" -في تصريحات صحفية مساء الثلاثاء- رسالة شديدة اللهجة، إلى حزب النور، متناسيا أنه شريك في الانقلاب، قال له فيها إن "الشعب يرفض برلمانات قندهار، والوعي السياسي الذي وصل إليه الرأي العام المصري وضعكم في حجمكم الحقيقي، وأنهى الأسطورة الزائفة الزاعمة سيطرتكم على عدد من دوائر غرب الدلتا"، وفق قوله.
وقال الأمين العام لائتلاف "دعم صندوق تحيا مصر" في بيان أصدره الثلاثاء، إن الشعب المصري لقن حزب النور درسا لن ينساه، وأنهم أعادوه إلى حجمه الذي يستحقه، على الرغم من ارتكابه للعديد من المخالفات الانتخابية من تقديم رشاوى للناخبين، والنقل الجماعي لهم وتوجيههم خارج اللجان وخرق الصمت الانتخابي، واستغلال الأطفال في الدعاية لمرشحيهم.
وتأسس حزب "النور" في عام 2011، عقب ثورة 25 يناير، كأثر من آثارها، وأعلن قبيل مظاهرات 30 حزيران/ يونيو 2013 أن شرعية الرئيس محمد مرسي "خط أحمر"، ودعا لاستكمال مدته الرئاسية.
لكنه تراجع لاحقا عن موقفه، ووجه دعوة للرئيس مرسي يوم 2 تموز/ يوليو 2013 إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وأيد "خارطة الطريق" التي أعلنها الانقلابي السيسي، وقام بمقتضاها بالانقلاب على الرئيس محمد مرسي -أول رئيس مدني منتخب- بالقوة المسلحة من منصبه
وشارك حزب "النور" بنائب رئيسه، بسام الزرقا، ممثلا له في لجنة "الخمسين" المعينة من قبل العسكر في وضع دستور جديد، بدعوى تعديل دستور 2012 ، الذي تم تعطيله بناء على "خارطة الطريق"، على الرغم من أن الحزب كان قد أسهم فيه بنصيب وافر.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]