انتهت تظاهرات جمعة الأرض في محافظات مصر التي دعت لها قوى سياسية احتجاجا على تنازل عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب عن جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين للسعودية.
وأعلن المتظاهرون الاتفاق على العودة للتظاهر بقوة مرة أخرى يوم 25 نيسان/ أبريل الجاري، الذي يوافق احتفال مصر بعيد تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي، وهو يوم إجازة رسمية في البلاد.
وكانت قوى سياسية ونشطاء دعوا للتظاهر الجمعة تحت شعار "جمعة الأرض" لإعلان الرفض الشعبي؛ لتوقيع النظام على اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع المملكة السعودية، وأسفرت عن تنازل مصر عن الجزيرتين الواقعتين في مدخل خليج العقبة للسعودية، وهو ما قوبل بمعارضة شديدة في مصر.
ومن بين القوى السياسية التي دعت للتظاهرات جماعة الإخوان المسلمين وحركة شباب 6 أبريل والاشتراكيون الثوريون وتحالف التيار الديمقراطي الذي يضم 6 أحزاب ليبرالية، والعديد من الشخصيات العامة المعارضة للنظام الحاكم.
اشتباكات بوسط القاهرة
وانتهى اليوم باشتباكات عنيفة مساء الجمعة بين قوات الشرطة والمتظاهرين في منطقة وسط القاهرة، التي شهدت أكبر التظاهرات أمام مقر نقابة الصحفيين وشارك فيها عشرات الآلاف من المصريين.
وأطلقت قوات مكافحة الشغب قنابل الغاز المسيل للدموع على المحتجين الذين رفضوا فض تظاهرتهم بالقرب من نقابة الصحفيين، حسب الاتفاق الذي توصل له ممثلون عن المتظاهرين وقيادات الداخلية، الذي يقضي بفتح ممرات آمنة للمتظاهرين الذين حاصرتهم قوات الشرطة، للانصراف من المنطقة دون اعتقالهم أو الاعتداء عليهم.
وكانت الأعداد أمام النقابة قد تزايدت بعد أن انضمت للوقفة مسيرات قادمة من منطقة السيدة زينب الشعبية وميدان طلعت حرب القريب في وسط القاهرة.
وشهدت المحافظات المصرية وبخاصة القاهرة والجيزة استنفارا أمنيا كبيرا وأغلقت الشرطة الميادين الرئيسية ومحطة مترو السادات أسفل ميدان التحرير، وبعد صلاة الجمعة انطلقت العديد من التظاهرات من المساجد الكبرى شارك فيها آلاف المحتجين، وردد المتظاهرون في المسيرات هتافات تطالب برحيل قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي وسقوط النظام، من بينها: "ارحل" و"يسقط حكم العسكر" و"عواد باع أرضه".
روح يناير تعود
وللمرة الأولى منذ خمس سنوات تقريبا، شهدت الاحتجاجات مشاركة متظاهرين من كل أطياف الشعب المصري تقريبا.
وأجمع مراقبون ونشطاء أن تظاهرات اليوم اتسمت بذات الروح التي سادت تظاهرات يوم 25 يناير من عام 2011، التي أشعلت شرارة الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وجمعت المسيرات والوقفات الاحتجاجية، فرقاء ثورة يناير الذين لم يقفوا كتفا بكتف ينادون بشعارات واحدة منذ انتهاء اعتصامهم الشهير في ميدان التحرير.
وشهدت المسيرة التي انطلقت من مسجد مصطفى بحي المهندسين في الجيزة اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الشرطة، التي أطلقت عليهم الغاز المسل للدموع وطلقات الخرطوش لتفريق التظاهرة.
وفي ميدان الجيزة وقعت اشتباكات أخرى بين الشرطة والمتظاهرين الذين خرجوا في مسيرة من مسجد الاستقامة، وشهدت المنطقة حالة من الكر والفر بين الجانبين.
البيت الأبيض يراقب
وتعليقا على التظاهرات الحاشدة التي شهدتها مصر، أعلن البيت الأبيض أنه "يراقب الأوضاع في القاهرة عن كثب، معربا عن قلقه من تزايد الاحتجاجات على قرار السيسي بالتنازل عن الجزيرتين للسعودية، وهو الأمر الذي صدم المشاعر الوطنية للمصريين.
ويقول مراقبون إن هذه هي المرة الأولى منذ يوليو 2013 التي ينادي فيها متظاهرون غير أنصار جماعة الإخوان المسلمين، برحيل السيسي وإسقاط حكم العسكر.
كما تميزت احتجاجات الجمعة بتزايد أعداد المتظاهرين وتحديهم لقانون التظاهر والانتشار الأمني الكثيف، وتهديدات الداخلية بالتصدي بقوة لأي تظاهرات، وهو ما وصفه مراقبون بانهيار جدار الخوف.
وقالت وزارة الداخلية في بيان لها، تلقت "عربي21" نسخة منه، إنها ألقت القبض على عدد كبير من المتظاهرين بلغ قرابة المائة شخص، الغالبية العظمى منهم تم اعتقالهم من منطقة وسط القاهرة بعد انتهاء تظاهرة نقابة الصحفيين.
وأكد شهود عيان استعانة الشرطة في العديد من المناطق بالبلطجية، وأفراد الأمن السريين المرتدين للزي المدني لاعتقال المتظاهرين والاعتداء عليهم.
وشددت الداخلية في بيانها أنها ستقوم باتخاذ جميع الإجراءات الأمنية والقانونية لمواجهة المسيرات التي دعت لها جماعة الإخوان، والتي تستهدف الإخلال بالأمن وتكدير السلم العام والخروج عن الشرعية.
ولاحقا، أعلنت الداخلية إخلاء سبيل بعض المتظاهرين، مضيفة أن الوزارة تهيب بشباب مصر الحفاظ على مقدرات الوطن، وعدم اللجوء للأعمال التخريبية أو الصدام مع قوات الأمن.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]