الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات, الحمد لله الذي شرّع النكاح, لتكوين الأسرة, ولإنجاب الأولاد, ولحفظ النسل, وحرّم السفاح, لتطهير المجتمع من الفاحشة والرذيلة, ولحفظ الأنساب, ولصيانة الأعراض.
والصلاة والسلام على المصطفى الهادي البشير النذير, الذي سن لنا الزواج وقال: من رغب عن سنتي فليس مني.
لقد اهتم الإسلام بالزواج اهتماما بالغاً, وأولاه عناية فائقة, فأقامه على قواعد وأسس دينية وأخلاقية وإنسانيه, ليضمن له البقاء والاستمرار في جو من الألفة والمودة والتراحم, فقال للشاب الذي يبحث عن شريكة لحياته, تنكح المرأة لأربع , لجمالها ومالها وحسبها ودينها, فاظفر بذات الدين, تربت يداك. فاظفر بذات الدين, معنى الظفر الفوز بالمطلوب, إن كنت تريد تكوين أسرة مسلمه, إن كنت تبحث عن السكينة والطمأنينة والاستقرار, إن كنت تبحث عن الدفء والمحبة والراحة, فاظفر بذات الدين فبغيتُك عندها.
وقال لولي الفتاة: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلُقهُ فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. إذا أردت أن تُصان ابنتك وان تكون مكرّمة معزّزه فزوجها لذي دين وخلق, وإعفاء اللحية ليس دليلا على الدين, ولبس العمامة وارتياد المسجد ليس دليلا على حسن الخلُق, سئل رجلٌ الحسن لمن أزوج ابنتي؟ قال لمؤمن, إن أحبها أكرمها, وان كرهها لم يظلمها, هذا هو صاحب الدين والخلُق, إذا أحب ابنتك أكرمها, وإذا كرهها لم يظلمها, هو الذي يرعى بيته في ظل تعاليم الإسلام,
وذات الدين ليست التي تلبس ما يطلق عليه اليوم اللباس الشرعي وهو مخالف للشرع, ذات الدين هي التي جاء وصفها في كتاب ربنا بقوله تعالى: فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله, فذات الدين هي الزوجة الصالحة الطائعة لله, الطائعة لزوجها, القائمة بما عليها من واجبات, نحو بيتها وزوجها وأولادها, هي الزوجة العفيفة, الطاهرة التي تحفظ نفسها, في غيبة زوجها, وتحفظ ماله من التبذير, وتحفظ أسرار بيتها, لا تفشيها لأحد حتى لامها, وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: إذا أمرتها أطاعتك, وإذا نظرت إليها سرّتك, وإذا غبت عنها حفظتك بنفسها ومالك,
من بدائع البيان القرآني وصف العشرة الزوجية باللباس, في قوله تعالى: هنّ لباسٌ لكم وانتم لباسٌ لهن. البقرة 187
ما أروع هذا الوصف, زوجك لباسٌ لك, وأنت لباسٌ لها, وظيفة اللباس ستر ألعوره, كما قال تعالى: يا بني ادم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوأتكم, وريشا ولباس التقوى ذلك خير. الأعراف 26 اللباس نستخدمه لستر العورة, فأنت ستر لعيوب زوجتك, وهي سترٌ لعيوبك, والإنسان لا يخلُ من العيوب, واللباس يستخدم لوقاية البدن من البرد والحر, فأنت الدرع الواقي لزوجك, وهي اللباس الدافئ لك, كما يستخدم اللباس للزينة, فالمراد بكلمة وريشا في الآية أنفة الذكر, الزينة, فزوجك زينةٌ لك تزين حياتك, وأنت زينة لها تزين حياتها, فليحرص كلٌ من الزوجين على الهيئة ألجميله واللباس الحسن للآخر, وليس للآخرين, يقول عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما: إني لأتزين لزوجتي, كما أحب أن تتزين هي لي, وجدت ذلك في قوله تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف, البقرة 228 ,
الزواج آية من آيات الله الكبرى, كما اخبر القران الكريم في قوله تعالى: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون, الروم 21, في مقال قادم إن شاء الله تعالى سنكمل الحديث عن الزواج.
والحمد لله رب العالمين
سعيد سطل أبو سليمان 14/7/2011
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]