يقول الله عز وجل: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها, وجعل بينكم مودة ورحمه, إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون. الروم21.
الايه هي العلامة الدالة على الشيء, والآيات ثلاثة أنواع, آيات كونيه مثل الشمس والقمر والجبال والبحار, وآيات تكوينيه مثل تكوين الإنسان في بطن أمه من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ثم خروجه من بطن أمه بأجمل وأكمل صوره, والنوع الثالث الآيات ألقرانيه.
فالآيات جميعها بأنواعها الثلاثة, دالة على الله عز وجل, على أسمائه وصفاته وأفعاله, دالة على قدرته, وعلى حكمته, وعلى علمه, وعلى عدله, وعلى رحمته, فالله جل جلاله لا تدركه الأبصار, ولكن يُعرف بالعقل, فإذا أعمل الإنسان عقله, تأملا وتدبرا وتفكرا في آيات الله, عرف الله الواحد, رب هذا الكون وخالقه, لأن كل ما في الكون يدل على وجوده سبحانه وتعالى, ( وفي كل شيء له أيه تدل على انه واحد.)
الآيات لا عد لها ولا حصر, منها القريب ومنها البعيد, منها المرئي المشاهد, ومنها ما لا يُرى بالعين المجردة, اقرب الآيات للإنسان نفسه التي بين جنبيه, لذلك يقول الله تعالى: سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتى يتبيّن لهم انه الحق.
والزواج في الإسلام أيه من الآيات الدالة على الله عز وجل, على حكمته وعلى علمه وعلى إرادته وعلى قدرته وعلى عنايته ورحمته, فلنتدبر معا قوله تعالى: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون, ختم الله الآية إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون, فالله تعالى يريدنا أن نعمل عقولنا وان نتفكر في هذه الآية الكبرى, كان من الممكن أن يخلق الله الناس كلهم دفعة واحده دون نظام الزوجية, دون ذكر وأنثى دون إنجاب أولاد, البشر كلهم يخلقون دفعة واحده, لكن شاءت حكمة الله تعالى أن يجعل نظام الكون بما فيه من مخلوقات قائما على الزوجية الذكر والأنثى, يقول الله عز وجل: ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون, الذاريات49 , ويقول أيضا: ومن كل الثمرات جعلنا فيها زوجين اثنين, الرعد3 , وفي نفس السياق يقول عن الإنسان: هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها, الأعراف 189 , وفي آية الزواج يقول سبحانه: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها, من أنفسكم, أي من جنسكم من نوعكم, وذلك لينسجم النوع مع نوعه مع جنسه, ليأنس به, ويطمئن إليه, فزوجك شريكة حياتك خلقها الله لك من نفسك.
والنفس البشرية مزيجٌ من العواطف والمشاعر والأحاسيس, تتألم وتحزن وتفرح, فكما لك عقل وقلب وإحساس, لزوجك عقل وقلب ينبض بالأحاسيس والمشاعر,وهذا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: النساء شقائق الرجال, ومعنى قوله تعالى: ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف, البقره228 , فالله عز وجل خلق لنا من أنفسنا أزواجا لنسكن إليها, دققوا في لفظ لتسكنوا إليها, هناك فرق بين السكن فيه, والسكن معه, والسكن إليه, فالسكن فيه أي في نفس البيت أو البلد أو القرية, والسكن معه قد تسكن مع أي إنسان قريب أو غريب في نفس البيت أو العماره, أما السكن إليه, تسكن إليه أي ترتاح إليه, تطمئن إليه, تأنس به, ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها, الراحة والطمأنينة والأنس بين الزوجين من أسباب السعادة.
ومن عناصر الحفاظ على استمرار الحياة الزوجية, وجعل بينكم مودة ورحمه, المودة هي المحبة,الشاب أو الفتاة قبل أن يجمعهما الزواج, ولاء كل منهما وحبهُ يكون لأهله, لأمه وأبيه وإخوته, بعد الزواج يصبح ولاؤه وحبه لزوجه, الزوجة تقدم زوجها على أهلها, والزوج يقدم زوجته على أهله, وفي كثير من الحالات يخاصم الزوج أهله ويقاطعهم تعصبا وإرضاء لزوجه, أودع الله تعالى المودة في قلب الزوجين للحفاظ على الحياة الزوجية, لماذا الرحمة؟ ألا تكفي المودة, وجعل بينكم مودة ورحمه, في مقال قادم إن شاء الله تعالى نكمل الحديث عن الرحمة, وعن المستجدات في شأن الخطبة والزواج.
والله ولي التوفيق
سعيد سطل أبو سليمان
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]