في الذكرى العشرين لهبة النفق نتذكر أن:
بينما تمرّ علينا الذكرى العشرين لهبة النفق، والتي كانت من أولى الأحداث التي ذكرت بمخاطر حفريات وأنفاق الاحتلال أسفل الأقصى، يقبع الشيخ رائد صلاح، شيخ الأقصى، في سجنه الانفرادي بصحراء النقب، ثمنا لمواقفه وجهوده لنصرة القدس والأقصى، وهو الذي كان أوّل وأكثر من كشف عن الأنفاق التي يحفرها الاحتلال الإسرائيلي أسفل ومحيط المسجد الأقصى.
1995: الشيخ يكشف عن الحفريات السرية:
ما زالت تلك الصورة للشيخ رائد صلاح، والتي حفرت في ذاكرتي وذاكرة الملايين، وهو يزحف بسرواله الأزرق وجارزته الشتوية في إحدى الأنفاق السرية التي كشف عنها، وكان يحمل جهازا ضوئيا أصفر يضيء النفق المظلم، وكدليل وشاهد على ما كشف عنه الشيخ رائد صلاح، اتصلت بالأستاذ توفيق محمد، وكان آنذاك يعمل سكرتير التحرير لصحيفة “صوت الحق والحرية”، لأستفسر منه عن تاريخ الصورة، وكذلك اتصلت بالمصور الصحفي الأستاذ خالد زغاري، الذي التقط هذه الصورة للشيخ صلاح حينها، وبما ان تاريخ التقاطها، كما يبدو قديما، كان يصعب تحديد تأريخ الصورة بشكل دقيق، ولأنه يصعب علينا الدخول الى أرشيف الحركة الإسلامية بعد حظرها من قبل المؤسسة الإسرائيلية قبل نحو عام.
بعد مراجعتي لبعض مصادري الخاصة، أرجح ان تكون هذه الصورة قد سبقت هبة النفق، أي قبل أكثر من عشرين عاما، وكانت حسبما أرجح أقوى صورة وأقوى كشف عن حفريات الاحتلال السرية أسفل المسجد الأقصى.
وقد أوردت وكالة “وفا” الفلسطينية بتاريخ 24/9/1996 تصريحات للشيخ رائد صلاح حول الأنفاق وذكر فيها أنه قام قبل عام بتوجيه نداء العالم الإسلامي لمنع عمليات حفر نفقين تحت المسجد الأقصى، مطالباً وقف العمل فيهما. (صحيفة القدس 25/9/1996)، مما يرجح أنه وثّق وكشف عن هذه الأنفاق عام 1995م.
وفي تاريخ 11/10/1996 – أي بعد نحو أسبوعين من هبة النفق-نظمت الحركة الإسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح مهرجان الأقصى في خطر الأول بحضور نحو 50 ألف شخص، وكان التحذير من حفريات الاحتلال من أهم المحاور التي تطرق إليها المهرجان.
1997: مؤتمر صحفي عن الأنفاق .. وضجة الوزير كهلاني:
في تاريخ 28/1/1997 نظّم الشيخ رائد صلاح – رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني-مؤتمرا صحفيا في فندق الامبسادور، كشف فيه عن شريط فيديو مطول وصور فوتوغرافية، لحفريات الاحتلال أسفل المسجد الأقصى، وحفريات أخرى في الجهة الجنوبية الشرقية، بعد أن كان وثق خلال جولة له لهذه الحفريات، وكشف تفاصيلها، وتفاصيل خطرها على الأقصى، وحدوث تشققات وانهيارات.
وقال الشيخ صلاح في المؤتمر الصحفي: “إن المحاولات الإسرائيلية للحفر مستمرة، كما يجري حفر نفق في الجنوب الغربي للمسجد الأقصى بارتفاع ستة أمتار، كما أن هناك أعمال حفر أخرى متعددة في أماكن مختلفة”، وقد أوضح الشيخ رائد في هذا المؤتمر الصحفي حقيقة ما يجري، منوها الى التصدعات التي تحدثها تلك الأنفاق والأخطار التي تهدد أساسات المسجد، خاصة وان نفقا يمتد الى حوالي ثمانية أمتار تحت المسجد الأقصى وينتهي بجدار دقيق أغلق بشكل مؤقت (صحيفة صوت الحق والحرية 31/1/1997).
أثار المؤتمر الصحفي في حينه ضجة كبيرة في أوساط المؤسسة الإسرائيلية، وخاصة من قبل وزير الشرطة– الأمن الداخلي-آنذاك، افيغدور كهلاني، والذي قاد حملة تحريض ضد الشيخ رائد صلاح، كما لقيت المعلومات التي كشفت في المؤتمر ردود أفعال غاضبة في العالم العربي والإسلامي بسبب حفريات الاحتلال الخطيرة.
هذا ونظم الشيخ رائد صلاح بعد أسبوع من المؤتمر الصحفي (الثلاثاء 4/2/1997) جولة ميدانية لموقع الحفريات المذكورة.
من “رهائن الأقصى” الى الكشف المتجدد عن الأنفاق:
اعتقل الشيخ رائد صلاح في أيار من العام 2003 من قبل المؤسسة الإسرائيلية، وظل رهين الاعتقال نحو 30 شهرا، غاب فيها عن المسجد الأقصى، وكانت الزيارة الأولى له بعد الاعتقال يوم 20/11/2005، وبعد الإفراج عنه في الملف المعروف بـ “رهائن الأقصى”، عاد الى الميدان يعمل من أجل القدس والأقصى، وفضح مخططات الاحتلال الإسرائيلي وبالذات الحفريات والأنفاق.
وبعد نحو شهر ونصف وبتاريخ 3/1/2006 وخلال مؤتمر صحفي عقد في مدينة القدس، كشف الشيخ رائد صلاح بالصور الفوتوغرافية والفيديو عن إقامة كنيس يهودي تحت المسجد الأقصى، واستمرار حفريات الاحتلال الإسرائيلي الخطيرة، وأوضح الشيخ رائد صلاح أن حفريات الاحتلال الإسرائيلي تتسع لدخول سيارة شحن كبيرة، كما تحدث الشيخ صلاح عن قيام الاحتلال الإسرائيلي باستحداث وإقامة سبع غرف تحت المسجد الأقصى، تجسد بحسب مزاعم المصمم “إلياف نحليئيلي” تاريخ الشعب الإسرائيلي قديما وحديثاً.
في 17/6/2006: خلال خطابه في المؤتمر السنوي الخامس لـ “مؤسسة الأقصى” كشف الشيخ رائد عن حفريات للاحتلال الإسرائيلي عمرها أسابيع تحت المسجد الأقصى، ولم يمض شهر حتى نشرت مصادر إسرائيلية عن وجود حفريات إسرائيلية جديدة تحت المسجد الأقصى وفي محيطه القريب، خاصة في منطقة الجدار الغربي للمسجد الأقصى.
2007-2013: تصعيد في الحفريات والأنفاق:
بتاريخ 1/2/2007: كشف الشيخ رائد صلاح خلال مؤتمر صحفي وجولة ميدانية مطلة على البراق بأن الاحتلال الإسرائيلي سيهدم طريق باب المغاربة الملاصقة للمسجد الأقصى، وغرفتين من المسجد الأقصى بتاريخ 4/2/2007، وبالفعل قدمت الجرافات في اليوم المذكور لكن حالة لطقس حالت دون ذلك، وعاودت بتاريخ 6/2/2007 لتبدأ بجريمتها.
7/5/2007: في مؤتمر على سقف آل الحلواني (في حي وادي الجوز في القدس)، كشف الشيخ رائد صلاح عن وثائق إسرائيلية جديدة لتنفيذ أعمال حفريات وهدم وإزالة وشيكة في محيط حائط البراق وطريق باب المغاربة، وأكد أن العمل سيتمّ ليلاً لإخفاء الجريمة الإسرائيلية.
في 15/11/2007: كشف الشيخ رائد صلاح، النقاب عن “مخطط خطير” يهدف إلى فتح باب من ساحة البراق يؤدي إلى ساحات المسجد الأقصى، وهو ما سيمكن اليهود من اقتحامه، وقال الشيخ صلاح في مؤتمر صحفي عقد بمقر “ملتقى القدس الدولي” بمدينة إسطنبول التركية إن هذا المخطط الذي استقاه من مستندات الاحتلال الإسرائيلي مرتبط بإنشاء نفق آخر يصل إلى المنطقة الواقعة بين المسجد القبلي وقبة الصخرة، لتحقيق “حلم صهيوني” بإيجاد مبنى الهيكل بالتوازي مع المسجدين.
11/3/2008: الشيخ رائد صلاح يكشف بالصور والفيديو عن حفريات جديدة وخطيرة أسفل المسجد الأقصى، أسفل منطقة باب المطهرة، وقال الشيخ صلاح في مؤتمر صحفي إن الاحتلال الإسرائيلي ينفذ حفريات واسعة ومتشعبة في اتجاهات متعددة وأعماق متفاوتة كلها تسير باتجاه المسجد الأقصى المبارك، إضافة إلى أنفاق في منطقة باب المطهرة فيها أكياس مملوءة بالتراب ما يدلل على استمرار عمليات الحفر.
في 27/6/2008: كشف الشيخ رائد صلاح في مؤتمر صحفي بفندق ” ليجاسي ” في القدس تحت عنوان “أنقذوا بيوت القدس “، عن ظاهرة تصاعد التشققات والانهيارات داخل المسجد الأقصى وفي بيوت أهل القدس في البلدة القديمة وفي بلدة سلوان، على طول الجدار الغربي والجنوبي للمسجد الأقصى المبارك، والتي تسببها الحفريات التي تنفذها المؤسسة الإسرائيلية الاحتلالية، وعرضت صور وفيلم وثائقي تشير الى ما كشف عنه الشيخ.
بتاريخ 12/8/2008: الشيخ رائد صلاح يكشف بالخرائط التفصيلية مخطط الاحتلال لبناء جسر عسكري وسلسلة من الكنس اليهودية تحت طريق باب المغاربة وعلى تخوم المسجد الأقصى، بجانب حائط البراق.
وفي تاريخ 17/9/2009: الشيخ رائد صلاح يكشف خلال مؤتمر صحفي عن شبكة أنفاق أسفل بلدة سلوان بطول 600 متر، كلها تتجه نحو المسجد الأقصى، والتي وصلت بالقرب من باب المغاربة وساحة البراق، وأطلق نداء للأمتين العربية والإسلامية بضرورة التحرك الفوري والسريع لحماية المسجد الأقصى المبارك الذي بات يتعرض لتهديدات حقيقية نتيجة لاستمرار عمليات حفر الأنفاق تحت أساساته.
في 10/2/2013: كشف الشيخ رائد صلاح بالخرائط والوثائق الحصرية، وخلال مؤتمر صحفي عقد بالقدس المحتلة عن تفاصيل مخطط تنفيذي لإقامة كنيس يهودي ومركز شرطة عملياتي متقدم وصالات عرض واستقبال، مرتبطة بالأنفاق أسفل المسجد الأقصى.
هذه نبذة مما كشف عنه الشيخ رائد صلاح من أنفاق وحفريات نفّذها الاحتلال الاسرائيلي أسفل المسجد الأقصى ومحطيه القريب، أثبتت أن الاحتلال لم يتوقف عن مخططاته في الحفر ومحاولة تقويض أساسات الأقصى، بعد “هبة النفق”، كما تؤكد المعلومات التي كشف عنها الشيخ رائد صلاح، دوره والحركة الإسلامية الطلائعي في فضح الانتهاكات الإسرائيلية بالمسجد الأقصى المبارك.
لكن من المهم أن دور الشيخ رائد صلاح لم يقتصر على التحذير من هذه المخططات بل سعى على مدار أكثر من عقدين إلى حماية المسجد الأقصى والدفاع عنه من خلال مشاريع الإعمار والإحياء، مثل: إعمار وترميم المصلى المرواني، واعمار المسجد الأقصى القديم، بالإضافة إلى تنفيذه لمبادرات ومشاريع ترفد الأقصى بعماره ومرابطيه مثل: مشروع “البيارق” ومصاطب العلم، كل ذلك تحت إشراف وإدارة هيئة الأوقاف الإسلامية في القدس.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]