كنت رئيس تحرير صحيفة صوت الحق والحرية لسنوات طويلة خلت ، وشغلت مناصب إعلامية حساسة عديدة في حياتي المهنية ، منذ بدأتها في العام 1988 وحتى الآن ، خلال هذه الحياة المهنية كنت أمر مر الكرام على من "يمطون" أجسادهم يحاولون أن يروا
ما خلف الجدار ، فلا يرون أبعد من مناخيرهم ، فيعودون أدراجهم يلعنون كل الخير عسى يذكرهم الذاكرون ولو بشتيمة ، لترتاح ضمائرهم بأن هناك من يرى ولو سوء عملهم .
لست أعتب على هؤلاء فهم أنكر من أن يُعتب عليهم ، أو أن يُروا في خضم العمل الجماهيري والخيري والطوعي ، ولسنا نملك الوقت والطاقة لنصرفها في عتب على مثل أولئك ، ولكنا إن عتبنا فإنه على أولئك الذين يجمعنا وإياهم عمل مشترك ، وجهد مشترك ، وأدب مشترك ومتبادل ، وإن اختلفت بنا السبل والآراء .
كان أول وأوضح من قال رأيه في داعش هما الشيخ رائد صلاح والشيخ كمال خطيب ، وإخوتهم ممن جمعهم طريق واحد ، وفهم واحد ، وسعي واحد ، وكان استنكارهم لعمل وطريق وجرائم داعش أوضح ما يكون وقبل أي كان ، وليس ذلك إرضاء لفلان أو علان أو إرضاء الحزب الفلاني أو الإتجاه العلاني أبدا ، إنما كان ذلك إيمانا وقناعة بأن "داعش" تشكل خطرا على المجتمع البشري ، وعلى الأمة الإسلامية ، ليس أقل من أعداء الأمة مهما كانت أسماؤهم .
عضو اللجنة المركزية للجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة والحزب الشيوعي رجا زعاترة ما يزال منذ 17.11.2015 يوم حظرت حكومة نتنياهو الحركة الإسلامية يكتب كلاما بعيد كل البعد عن الحس الوطني ، وعن الفهم الوطني وعن الهم الوطني ، ويتحسس الفرص ليشتم ويحرض ، فإن لم يجدها اختلقها من العدم ليقذف ما اعتمل فؤاده ، وهو يفعل ذلك بأسلوب هو أقرب الى الأساليب المخابراتية سيئة الصيت التي يعاني منها أبناء شعبنا على كل خارطة الوطن ، وهو الذي كتب التالي يوم السبت الماضي :" كلنا نلوم ونستنكر ونشجب إقدام عائلة سخنينية على الإنضمام إلى "داعش". أو انضمام شباب من الناصرة والطيبة إلى "جبهة النصرة".
لكن الأجدر والأصدق والأحقّ هو توجيه اصبع الاتهام إلى "مشايخ" و"قيادات" تبخّ سمّها الطائفي الظلامي الزعاف جهارًا نهارًا، وتتماهى مع عصابات الإرهاب وأكلة الأكباد، وما زالت تجلس في لجنة المتابعة بل وتتربّع على "لجنة الحريات".
إنّ من يتعاطف مع الدواعش لا يمكن أن يكون وطنيًا، حتى إذا تلفّح بعشر كوفيات، وحتى لو "لاحقته" و"حظرته" إسرائيل عشرين مرّة!" الى هنا كلام رجا زعاترة .
في الواقع فإن أبعد الناس عن الوطن والوطنية هم اولئك الذين يحرضون على أي من أبناء شعبهم ، بل يدعون زملاءهم في الحكومة الإسرائيلية الى مزيد من التضييق والقمع والفاشية بحق أبناء شعبهم .
نعي جيدا أن السيد رجا زعاترة قد حسم إسرائيليته حسما مطلقا ، ولذلك فهو يتعامل مع أبناء شعبه بعقلية إسرائيلية قمعية فاشية إبتداءً ، فتراه يدعو إلى مزيد من القمع والفاشية وكأنه يستجلب البوليس و"قوانين" القمع الجديدة بحق كل من يخالف رأيه ، فتراه يحرض الحكومة الإسرائيلية على مزيد من القمع والفاشية بالضبط كأسلوب داعش التي تعتبر كل من ليس معها كافرا ، وهكذا هو رجا ، فإنه يعتبر كل من ليس معه ليس وطنيا ، ونعي جيدا – نحن أبناء الداخل الفلسطيني - أننا قد حسمنا فلسطينيتنا وعروبتنا حسما مطلقا منذ خلقنا الله على تراب هذا الوطن ، لكننا ونحن لسنا عليه نعتب ، إنما على من يمثل ، فهو ليس فردا عاديا في حزب أو جبهة ، إنما هو عضو اللجنة المركزية للجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة وللحزب الشيوعي الإسرائيلي ، والمنصب لا شك ملزم لصاحبه ، فقد شغلت سابقا منصب العضوية في المكتب السياسي للحركة الإسلامية قبل أن تحظرها حكومة نتنياهو وشغلت منصب رئيس تحرير لصحيفة صوت الحق والحرية وغيرها من المناصب الملزمة ، وكنا نحسب للكلمة ألف حساب قبل أن نكتبها ، أو نقولها لأنها لا تمثل أشخاصنا فحسب ، إنما تمثِّل المناصب التي نشغلها ولها علينا حق التأدب بما يستوجب ذلك.
عملنا مع قيادات في الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة كالصديق منصور دهامشه سكرتير الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة ، والنائب د. يوسف جبارين ، والسيد محمد بركة قبل أن يتقلد منصبه الحالي رئيسا للجنة المتابعة ، وخلاله وغيرهم ، وقد سعدنا بالتعامل معهم ، وسعدوا بالتعامل معنا ، وجمعنا وإياهم أدب النقد ، وحسن العمل المشترك المثمر .
لست بصدد أن انفي ما رمى به زعاترة الإخوة أعضاء لجنة المتابعة الذين ذكرهم بقوله عنهم :" مشايخ وقيادات ......تتربع على لجنة الحريات .. إنّ من يتعاطف مع الدواعش لا يمكن أن يكون وطنيًا، حتى إذا تلفّح بعشر كوفيات، وحتى لو "لاحقته" و"حظرته" إسرائيل عشرين مرّة!" وهو يقصد بقوله ذاك فضيلة الشيخ كمال خطيب رئيس لجنة الحريات ، وإنني إذ لا أفعل ذلك ، فلأن الفرية التي رمى بها هذه القامات بالضبط كما يفعل أسياده في تل أبيب أكذب من ان يُرد عليها ، وهي بالضبط تشبه طريق نتنياهو وحكومته اليمينية يوم لم تجد ما تدين به الحركة الإسلامية من مخالفات وجنايات فلجأت الى قانون الطوارئ .
أيها الأصدقاء في الحزب والجبهة هذا الكلام لا يجوز ولا يصح والوحدة الوطنية في ظل الظروف التي نحيا هي الألزم والأولى ولا يظنَّنَّ أحد منا أنه سيكون بعيدا عن سيف الملاحقة وتعسف اليمين وتغول السلطة علينا كعرب يحيون على أرضهم ويتشبثون بها.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]