إن الفرد الواحد والأمم مجتمعة بأمس الحاجة إلى أوقات مباركة فيها راحة النفوس وصفاء الأرواح، لتجديد معالم الإيمان وإصلاح ما فسد من الأحوال وعلاج ما جد من داء، فخص الله عز وجل عباده بشهر رمضان وجعله الفترة الروحية التي تجد فيها خير أمة فرصة ذهبية لإصلاح أوضاعها على المستوى العام والخاص، ومراجعة تاريخها الحافل بالإنجازات والأمجاد، إن رمضان محطة لتوليد القوى الروحية وتعبئة الصفات الخُلُقية، فرمضان هو مدرسة تهذيب الأخلاق، وشحذ الأرواح، وإصلاح النفوس، وكبح الغرائز، وضبط الشهوات والنزوات.
فرض الله على البشر الصيام في شهر رمضان بقوله تعالى مخاطبا لعباده المؤمنين: ("يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون")، فجعل الله تبارك في علاه صيام رمضان جزءا من تربية أخيار الأمم وأحرارها، فالصيام هو تحقيق لمعاني التقوى، والامتثال لأمر الله وقهر هوى النفس، وتقوية للعزيمة، وإعداد المؤمنين لمواقف التضحية والفداء، كما أن الصيام هو تجسيد واقعي للوحدة والإخاء التي دعا إليها الإسلام، فيه يشعر المؤمن بشعور المحتاجين، ويحس بجوع الجائعين، فالصيام هو خير مدرسة للبذل والعطاء والصلة، فهو منبع الأخلاق القرآنية، ورافد الرحمة الربانية، ومن حسن صيامه صفت روحه، ورق قلبه، وصلحت نفسه، وجاشت مشاعره، وأرهفت أحاسيسه، ولانت عريكته.
فهنيئا لك يا خير أمة على حلول شهر رمضان المبارك، وليهنأ المسلمون جميعا في مشارق الأرض ومغاربها بهذا الموسم الكريم، فرمضان خير فرصة الطائعين بالاستزادة من العمل الصالح، وأفضل فرصة للمذنبين للتوبة والإنابة لله رب العالمين، برمضان تلتقيا فرحتا المؤمن والمذنب، وأما المؤمن يفرح لفتح أبواب الجنان وأما المذنب يفرح لتغليق أبواب النيران، يا له من شهر مبارك لا يحرم من فرصه إلا محروم!، ويا بشرى الأمة مجتمعة بحلول شهر الصيام والقيام، ويا من أذنبت بحق الله رب العالمين عد لله وأقبل ولا تكن من القانتين، فإن الله يغفر الذنوب جميعا، فرمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]