نشر الدكتور يوسف مشهراوي مقالا يوم أمس تساءل فيه عن سبب إضراب المدرسة الشاملة، وقد استخدم الدكتور مشهراوي ادعاءات مريحة له، وقد قام بشكل مقصود ومتعمد بتجاهل ادعاءات لجنة أولياء الأمور في المدرسة. بل وقد سمح لنفسه باستخلاص نتائج دون أن يتطرق إلى الوقائع، وقام بشكل فظ باستخدام معطيات نشرت عن المدرسة دون التحقق او دراسة حقيقية لكي يبرر الخطوة التي بادر فيها بالتعاون مع جهات في البلدية تهدف إلى فصل المبنى الجديد عن المدرسة الشاملة.
قبل أن أتطرق إلى ادعاءات د. يوسف، يجب أن أوضح عدة نقاط مهمة ومبدئية تتعلق بالمدرسة، وهي حقائق لا جدال عليها. أولى هذه الحقائق هي أن المبنى الجديد في شارع "طولوز" قد بني من أجل طلاب المدرسة الشاملة ، هذه نقطة في غاية الأهمية لعدة أسباب، أولها هو أن هذا المبنى عمليا قد تم تشييده من أجل حل مشكلة الاكتظاظ الذي يعيشه الطلاب سنوات طويلة في المدرسة. ثانيا، لقد بني المبنى نفسه كمبنى ملحق بالمبنى القائم، ولذلك هو غير مناسب من ناحية تخطيطية ليصبح مدرسة مستقلة. ثالثا أن إدارة المدرسة الشاملة الحالية هي التي نجحت في إجبار بلدية تل أبيب على منحها قطعة الأرض التي بني عليها المبنى ، وقد خاضت معارك قضائية في مواجهة السكان الجدد في حي العجمي، ممن عارضوا تشييد المبنى بسبب الضجيج، كما خاضت المدرسة معاركا لتقوم وزارة التربية والتعليم بتمويل بناء المبنى.
بشكل غير واضح، وبتأييد من الدكتور يوسف مشهراوي، وبعد المباشرة في البناء، تم إسقاط القرار الذي أصدرته بلدية تل أبيب علينا، لتغيير هدف المبنى بحيث يتحول إلى مدرسة جديدة مستقلة. إن هنالك إلى جانب الظلم المبدئي المتمثل في هذا التصرف التعسفي الذي اتخذت من خلاله البلدية قرارها، ورغم البدء في التسجيل، لا زال هناك عدم وضوح تام فيما يتعلق بفتح المدرسة، بحسب أي معطيات ستفتح المدرسة، من هو جمهورها المستهدف، من هو طاقم المعلمين، وهل أصلاً سيكون المبنى الجديد مؤهلاً لاحتواء تلاميذ في بداية السنة الدراسية القادمة؟
لقد باشر الأهالي الممثلين في لجنة أولياء الأمور في المدرسة الشاملة ، وبحق، في اتخاذ سلسلة من الخطوات التصعيدية في مواجهة جهات البلدية والمؤيدين لها، بما يشمل تظاهرة في المركز الجماهيري العربي اليهودي في شارع طولوز إبان حفل رفع نخب ما اسمته بعيد الاعياد، وهو ما أجبر رئيس البلدية على الدخول من الباب الخلفي للمبنى. وبدءا من تاريخ 19.4 أعلن هؤلاء الإضراب ورفعوا مطالب واضحة وموضوعية، يطالبون من خلالها بالحصول على توضيحات فيما يتعلق بمشكلة الاكتظاظ، والطرق التي تم اتخاذ القرارات بها وبحسب أية مخططات، والأهم: لماذا وبعد اعوام من الاكتظاظ، وبعد توفير حل ملائم، تقوم البلدية من دون أي سبب يذكر او بحث، ولا حتى مخطط، بإصدار قرار يغير هدف المبنى القائم لهدف آخر.
تطرق مقال د. يوسف مشهراوي إلى الكثير من الأمور، إلا أن المقال لم يحتوي على جانب واحد موضوعي. وبدلا من التطرق إلى ادعاءات لجنة أولياء الأمور، فقد قرر الدكتور أن يتهم اللجنة (التي يتعلم أبناء أعضائها في المدرسة) بانعدام الموضوعية. لقد ادعى، على سبيل المثال، بأن نسبة الفشل في امتحانات البجروت قد بلغت 73%، إلى جانب العنف اليومي، والتسرب من المدرسة، وسلسلة طويلة من المشاكل الأخرى، وهي مشاكل يحتمل جدا وجودها، ولكن كل ما قام بوصفه في مقاله هو نتاج لمشاكل اجتماعية متعلقة بالسياسات المرتبطة بمنظومة التربية والتعليم في يافا بسبب تصرفات بلدية تل ابيب يافا من الاساس. هي مشاكل لا يقتصر وجودها على المدرسة الشاملة. وفوق ذلك كله، فإن ما استعرضه د. مشهراوي يشير إلى علاقة مباشرة للأمر بمشكلة الاكتظاظ.
كيف يمكننا أن نتوقع من التلاميذ أن يقوموا بتحصيل إنجازات دراسية ممتازة في الوقت الذي لا توجد فيه في مدرستهم لا مكتبة ولا مختبر لأن غرفتي المختبر والمكتبة قد تحولتا إلى صفوف بسبب الاكتظاظ؟ كيف يمكن أن نتوقع من عدد كبير يبلغ هذا الحجم من التلاميذ أن لا يتصرف بعنف حين لا تكون هنالك قاعة رياضية واحدة، والساحة الوحيدة الموجودة من المفترض فيها أن تحتوي على النصف فقط من عدد الطلاب الحالي؟
2 / 2
مع شديد احترامنا لما ورد في مقال د. مشهراوي، إلا أن إلقاء اللائمة على الأهالي والادعاء بأنهم يسيئون استخدام أطفالهم، هو عمل يصل إلى حد التوحش. وإلى ذلك، فإن كل ما قامت به البلدية يندرج أيضا في تصنيف السرقة، فمدير المدرسة الذي يدير معركة منذ عشرين عاما ضد المنظومات القضائية من أجل الحصول على المبنى، والقدوم في لمح البصر لأخذ المبنى من دون سبب واحد مبرر ومن دون مخطط واضح، وهذا يعد قطعا سرقة في وضح النهار تحت شعارات "الإصلاح والتجديد".
علينا، في هذه اللحظات، وبدلا من إذكاء النيران أن نبدأ بالتصرف بشكل مسؤول وأن نصغي إلى ما تقوله لجنة أولياء الأمور، وعلينا أن نحاول العثور على حلول لائقة معززة ببرامج واضحة تنظر إلى الوضع القائم بشكل أفقي وروحاني وإلى مدى بعيد.
نهاية، ألخص بالقول بأنه من المؤسف بعد كل هذه التطورات السياسية التي اجتزناها خلال السنوات الماضية، مع انتخاب الهيئة الإسلامية، وبناء مؤسسات ووجود أحزاب سياسية، فإن سياسة المختار لا تزال قائمة، حيث تفرض البلدية قراراتها عبر شخصيات معينة. إن على المجتمع العربي في يافا أن يفهم بأن القرار والحل ينبغي أن يأتيا عبر المؤسسات المنتخبة وأن يوصل رسالة واضحة إلى بلدية تل أبيب بأننا لن نوافق أن يفرض أي أمر علينا من الأعلى. فإن اختارت البلدية هذه الطريقة، فإن عليها أن تدرك بأن مقاومة شعبية واسعة النطاق ستواجهها، هذه هي الرسالة الأهم التي على التلاميذ أن يتعلموها من هذا الصراع القائم: عليهم أن يكونوا أصحاب القرار في كل ما يتعلق بهم، لا مجلس بلدية تل أبيب ومن يدور في فلكه.
ملاحظة: المقال شخصي ولا يعبر عن رأي الهيئة الاسلامية
عبد القادر ابو شحادة
عضو الهيئة الاسلامية المنتخبة - يافا
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]