أعلن مساء اليوم السبت، في قرية عارة في الداخل الفلسطيني، عن تشكيل لجنة إصلاح محلية، تضم أعضاء من مختلف المكونات الاجتماعية والعائلية في البلدة من الرجال والنساء.
وجرى الإعلان الرسمي عن انطلاق لجنة الاصلاح في عارة، باحتفال عقد في المركز الجماهيري بالبلدة، بحضور اعضاء اللجنة والعديد من الأهالي، إلى جانب مشاركة شخصيات اعتبارية ورجالات إصلاح من الداخل الفلسطيني، كان من بينهم: الحاج علي شتيوي (أبو رياض) من الناصرة، والمحامي مضر يونس، رئيس المجلس المحلي في قريتي عارة وعرعرة، والنائب السابق، طلب الصانع، رئيس لجنة مكافحة العنف في الداخل الفلسطيني والمنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، والشيخ خيري اسكندر، رئيس مكتب الاصلاح الاجتماعي في الداخل الفلسطيني، وشيخ الأقصى، الشيخ رائد صلاح، الذي أعلن خلال اللقاء أنه تم تكليفه من قبل لجنة المتابعة العليا للتنسيق بين لجان الاصلاح المحلية في الداخل الفلسطيني، مشيرا إلى أنه سيتم الإعلان قريبا، عن تشكيل 40 لجنة اصلاح محلية في العديد من البلدات في الداخل الفلسطيني في إطار استراتيجية شاملة لمواجهة العنف.
استهل اللقاء بتلاوة من القرآن الكريم تلاها الشاب أحمد الشريف، فيما تولى فقرة العرافة الشيخ عماد يونس، ثم استلمها نيابة عنه، الإعلامي محمد أبو زرقا، بعد اعتذار الشيخ عماد عن الاستمرار، بسبب ارتباطه بمهمة خارج البلدة.
وأكد يونس وأبو زرقا، على اهمية العمل الاصلاحي والحث عليه في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ونوّها إلى أن جهود الاصلاح يجب أن تبدأ من بناء الإنسان إلى بناء البيت والأسرة ثم المجتمع.
وكانت الكلمة الأولى، للشيخ نضال أبو شيخة، الرئيس المكلف للجنة الإصلاح في عارة، مرحبا بالحضور، ولافتا إلى أن فكرة تأسيس اللجنة مرتبطة بظاهرة العنف المنتشرة في الداخل الفلسطيني عموما وبعض المظاهر التي وقعت في البلدة. وقال الشيخ نضال: "يرقب الجميع بعين القلق أشكال العنف التي تقع في بلادنا ومنها: الشجارات واطلاق النار والفرقعات، حتى وصلنا إلى ارتكاب جرائم القتل والايذاء الجسدي، وانتشار العنف في البيوت وبين الاولاد وفي المدارس والشوارع والمؤسسات المختلفة، وبالتالي فأن معالجة ذلك، تتطلب تكاتف الاطراف المعنية وفي مقدمتها: الاسرة والمدرسة والجامعة والمنزل والإعلام، من خلال محاضرات وبث ثقافة الوعي وتغليب الحوار على العنف، وهذا ما ستعمل عليه اللجنة بإذن الله، وسنسعى إلى التعاون مع كل الاطراف للإصلاح ما استطعنا إلى ذلك سبيلا".
ونوّه أبو شيخة إلى أن لجنة الاصلاح، تضم العديد من الوجوه من مختلف المشارب الاجتماعية والعائلية في عارة، مع فتح المجال أمام كل من يريد أن ينضم إليها، مؤكدا أن هدف اللجنة يتمحور في اصلاح المفاهيم السلبية وتوجيه المجتمع نحو الاخلاق والقيم والدين.
وأعلن أبو شيخة أن اللجنة ستبدأ أعمالها ابتداء من يوم غد الأحد، عبر تقديم محاضرات توعوية لطلاب المدرسة الإعدادية في البلدة، كما أعلن عن "أسبوع تربوي" سينطلق قبل شهر رمضان المبارك.
ثم تحدث المحامي مضر يونس، رئيس المجلس المحلي، مباركا المبادرة وانطلاقتها، وتمنى لو كان يمكن أن يستغني مجتمعنا عن لجان الاصلاح، مطالبا بأن يعترف الجميع بمسؤولياتهم في مواجهة العنف، بالإضافة إلى المسؤولية الحكومية الإسرائيلية.
ووعد يونس بتقديم المجلس المحلي، كل الدعم اللازم للجنة ومساندتها في عملها، من أجل اجتثاث غول العنف الذي يهدد المجتمع العربي، مثمنا وجود العنصر النسائي في اللجنة، وضمها كل العناصر المجتمعية.
وشكر يونس في ختام كلمته، حضور عدد من رجال الاصلاح في الداخل ومنهم الشيخ رائد وابو رياض شتيوي والشيخ خيري اسكندر وطلب الصانع قائلا: "أثمن حضوركم إلى عارة للاحتفاء بإعلان اللجنة، وأسأل الله ان يوفق اللجنة لما فيه الخير، فالمسؤولية كبيرة وأنا متأكد أنهم سيكونون عند حسن ظن الجميع بهم".
النائب السابق طلب الصانع ومسؤول ملف مكافحة العنف في لجنة المتابعة، أكد أن مبادرة لجنة الاصلاح في عارة ومختلف المبادرات ذات الصلة في الداخل الفلسطيني، تعكس اهتماما طيبا داخل مجتمعنا بظاهرة العنف التي تعصف به.
وشدّد الصانع على مسؤولية المؤسسة الإسرائيلية عن تغول العنف في الداخل الفلسطيني، وخاصة بعد هبة القدس والأقصى ومحاولاتها تفكيك النسيج الاجتماعي لأبناء الداخل، بعد أن لمست وعيهم الوطني وهبتهم للدفاع عن القدس والمسجد الأقصى، لكنه أشار إلى ضرورة أن تتحمل مكونات الداخل الفلسطيني المسؤولية الذاتية وتتصدى بحزم لهذه الآفة.
ثم كانت كلمة رجل الاصلاح في الداخل الفلسطيني، الحاج علي شتيوي أبو رياض، ودعا فيها إلى تشكل لجان إصلاح في كل بلدة عربية وداخل كل حي، وأن تربط بينها لجنة مركزية موحدة، وطالب السلطات المحلية بأن تأخذ دورا أكبر في العمل الإصلاحي لأنها تملك الموارد والميزانيات والنفوذ، مؤكدا أنه بدون التعاون بين لجان الاصلاح والسلطات المحلية فإن الجهود لن يكتب لها النجاح والتوفيق كما يريد الجميع.
ودعا إلى ترسيخ مفاهيم الحب والتواصل بين الناس وصلة الأرحام، لأن غيابها في واقع اليوم، كما قال، يؤدي إلى معظم الظواهر السلبية والعنيفة التي تجتاح المجتمع العربي.
وبارك أبو رياض شتيوي انطلاق لجنة الاصلاح في عارة واشتمالها على العنصر النسائي، لما "لهن من دور كبير في تعزيز الأمن والأمان والتربية"، كما قال.
رئيس مكتب الاصلاح الاجتماعي، الشيخ خيري اسكندر، بارك بدوره تشكيل لجنة اصلاح محلية في عارة، مؤكدا أنها تمثل نموذجا يحتذى به من حيث الرؤية التي وضعتها وضمها للنساء، منوها إلى ضرورة أن تعمم التجربة في كافة البلدات العربية.
وحمّل اسكندر النظام الرسمي الإسرائيلي عن العنف الحاصل في المجتمع العربي، بسبب تقصيره الواضح في محاربة الظاهرة عند العرب كما يحاربها عند اليهود وقال: "هذه الدولة والمؤسسة والنظام معنية أن نتنازع ويقتل بعضنا بعضا ونستعمل السلاح فيما بيننا، فهم يعرفون عدد الرصاصات وقطع السلاح الموجودة في المجتمع العربي، ويعلمون ان هذا الرصاص يصوب إلى صدور العرب، ولو خرجت رصاصة طائشة وأصابت يهودي لوضعوا يدهم على الفاعل في نفس اليوم، أما عندنا فهناك عشرات جرائم القتل التي وقعت منذ سنوات ولا زال القاتل مجهولا، نريد أن نعيش بأمن وأمان كما يعيش غيرنا في هذه البلاد، وعلينا أن نتحرك بجدية وأن لا نصمت، لأن الصمت يعني وقوع كارثة لا يعلم مداها إلا الله".
وكانت الكلمة الختامية في اللقاء للشيخ رائد صلاح وقال فيها: "أرحب بالحضور جميعا، وأخص بالترحيب بعض الأهل من الجلوس بيننا من الأهل المسيحيين والأهل من بني معروف، وأود أن أقول بهذه المناسبة أنه انتهى وقت القول وحان وقت العمل، وبناء عليه بعد لقاءين مع الاخ طلب الصانع مسؤول لجنة مكافحة العنف في لجنة المتابعة، أقف الان أمامكم بصفة ليست صفة شيخ الاقصى التي لا يمكن أن أدفع ثمنها إلا إذا نلت الشهادة على اعتاب المسجد الاقصى، ولكن الان اتحدث بصفة أخرى اتفقنا عليها، وهي كوني منسقا للجان الاصلاح المحلية في كل الداخل الفلسطيني كعضو تحت رئاسة الأخ طلب الصانع".
وتابع الشيخ رائد: " بدأنا عملنا بالإعلان عن تشكيل أول لجنة اصلاح في عارة، واطمع من هنا إلى شهر رمضان أو قبله أن نعلن عن 40 لجنة إصلاح محلية في كل الداخل الفلسطيني، استراتيجيتها واضحة جدا، في أن تقوم بداية على إشاعة السلم الأهلي، والرسول عليه الصلاة والسلام حث على هذه الاستراتيجية بحديث جاء فيه: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم : أفشوا السلام بينكم)، والافشاء يعني أن لا يبقى جزء من مكونات مجتمعنا إلا وندخل فيه السلام: سلام القلب وسلام الجوارح وسلام البيوت وسلام المعاملة وسلام المدارس، وهذا ما سنجتهد أن نعمله بناء على التوعية والارشاد، سنجتهد التعاون مع رجال إصلاح على الصعيد القطري والصعيد المحلي، مثل الأخوين الكريمين أبو رياض شتيوي وخيري اسكندر، ونحن نطمع ان ننتهي من إقامة 40 لجنة محلية وفق هذه الاستراتيجية وبعد ذلك سيبدأ العمل، وسننتصر بإذن الله على كل العراقيل والمعوقات سواء كانت مفتعلة أو بسبب تقصير من داخلنا، فإلى الأمام وجزاكم الله خيرا".
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]