الحمدلله الذي أنعم علينا بالأموال وأباح لنا التكسب بها عن طريق الحلال والصلاة والسلام على خير من تصدق وصام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
ذكر جلّ وعلا آداب الإنفاق ورتب لمن تمسك بها الأجر والأمن والسعادة في الدنيا والآخرة, قال تعالى" الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ" والآيات على الإنفاق كثيرة جدًا وهي من أبواب الخير العظيمة,وبذل الأموال في الإسلام يعد جهادًا في سبيل الله بل إن الجهاد بالمال مقدم على الجهاد بالنفس في جميع الآيات التي ورد فيها ذكر الجهاد في القرآن الكريم ما عدا آية واحدة وهي قوله تعالى"إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ".
والصدقة من أفضل القربات ففيها تفريج كربة,وإغناء عن سؤال,وإشباع جائع,وفرحة صغير,وسرور يدخل على قلب الكبير,وسعادة بين المسلمين تتجلى في أسمى صور التكاثف والتعاون والتراحم بينهم, وفي الصدقة من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ما تقر به النفوس وتهنأ به الصدور ويستحث بها المسلم الخطى إلى جنة عرضها السموات والأرض في طريق آمنة مطمئنة,فعنه صلى الله عليه وسلم قال: (اتقوا النار ولو بشق تمرة) كما وقد قال (الصوم جُنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النار).
وللممسكين وللمقترين نبشرهم بحديث الصادق الذي لا ينطق عن الهوى حيث قال: ( ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله عز وجل) وقال في صلى الله عليه وسلم: قال تعالى "أنفق يا ابن آدم,ينفق الله عليك".
وها هي صورة من صورالتنافس على الخير بين الصحابة رضي الله عنهم فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ((قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ووافق ذلك مالًا عندي,فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يومًا,قال فجئت بنصف مالي,قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله,وأتى أبو بكر بكل ما عنده,فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلت لا أسابقك إلى شيئ أبدًا)). الله الله,ما هذا التنافس وأين نحن منه.؟
وإذا نحن في صدد الحديث على الصدقة فما بالكم بالزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام؟ التي يتهاون بها كثير من أصحاب الأعمال وأغنياء المسلمين,اتقوا الله إخواني وأخواتي,وأدوا ما أوجب الله عليكم في أموالكم التي رزقكم الله إياها وأنعم بها عليكم فقد أخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئًا ولا تملكون مثقال ذرة,يسر الله لكم الرزق وآتاكم من كل ما سألتموه,فقوموا يا من أكرمكم الله بهذا المال بشكر الله ,وأدوا زكاته واحذروا الشحّ والبخل,فالزكاة نماء,والبخل بها محق ونزع للبركةووخسارة في الدنيا والآخرة.
لا يغرنكم كثرة المال بأيديكم,فقد يسلب منكم ويعطى لغيركم فالمال وديعة,وكلنا يعلم أن الإنسان لا يخلد للمال ولا المال يخلد لصاحبه," وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَه"وعلى هذا الأساس؛ فإن المال في يدك أيها الإنسان قد يكون جناحاً يطير بك إلى عليين في جنات النعيم، وقد يكون حملاً يرديك في سجيلٍ في نار الجحيم، فأي الحالين تختار يا ذا العقل والاستفسار؟
أيها المسلمون المؤمنون:-
أدوا زكاة أموالكم طيبة بها نفوسكم,فقد ورد أدلة كثيرة على تأدية الزكاة وعقوبة التهاون بها نسوق بعضًا منها علها تكون تذكيرًا وموعظة لنا, قال تعالى " وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ" كما وقد قال صلى الله عليه وسلم: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار)
فهل بعد هذا من وعيد وعقاب,فأين الذين يكنزون؟وأين الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله؟أين هم لعلهم يستحيبون,أو يتعظون,فأنفقوا من أموالكم يا أهل الأموال فأنتم في شهر البر والحسان والصدقات والمؤمن في ظل صدقته يوم القيامة,ومن لم يجد في شهر الجود فمتى يجود.؟!
عباد الله قال ابن القيم رحمه الله:من رفق بعباد الله رفق الله به,ومن رحمهم رحمه,ومن أحسن إليهم أحسن إليه,ومن جاد عليهم جاد عليه,ومن نفعهم نفعه,ومن سترهم ستره,ومن منعهم خيره منعه خيره,ومن عامل خلقه بصفة عامله الله تعالى بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة.
أذكركم عباد الله: الفقير محتاج والمسكين يتلهف,الطارق يطرق عليه بابه ويناوله ما تيسر في يده هذا واقعه,شدة حاجة وعوز وفقر ولكن مع حاجته الماسة تلك,إننا أحوج من الفقير نحن بحاجة ماسة إلى ثواب الصدقة,وأجر البر والإحسان في يوم تشخص فيه الأبصار فحاجته دنيوية,وحاجتنا دنيوية وأخروية.
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا اللهم ارحم الفقراء والمساكين والضعفاء والمستضعفين يا حليم يا رحيم,
أختكم في الله أم مصعب أبو زيد
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]