تشهد العاصمة المصرية القاهرة حراكا سياسيا ينتابه الغموض، تمثل في عقد اجتماع أمني سياسي على أعلى المستويات الخميس الماضي، ضم وفدا من مخابرات مصر والأردن والسلطة الفلسطينية بحضور ممثل سياسي عن تلك الدول؛ للتباحث بشأن الأوضاع السياسية والميدانية التي يشهدها قطاع غزة مؤخرا.
ورغم أن البيان الختامي للاجتماع لم يتطرق لنتائج وقرارات حقيقية يمكن ترجمتها على أرض الواقع، إلا أنه وفق صحيفة “اليوم السابع” المصرية المقربة من النظام، فإن الاجتماع استعرض مستقبل الأوضاع الأمنية في الأراضي الفلسطينية وتقييم التحركات والجهود الدولية ذات الصلة.
وبالتزامن مع ذلك، كشفت قناة التلفزة (i24news) الإسرائيلية عن استضافة القاهرة لاجتماع سياسي خلال الشهر الجاري، سيضم وفق القناة كلا من مصر والسلطة الفلسطينية وإسرائيل والأمم المتحدة، في اجتماع هو الأول من نوعه على هذا المستوى.
شروط حماس
وبموازاة هذا الحراك السياسي، يزداد الحديث في الأوساط داخل حركة حماس عن تحركات واتصالات تلقتها الحركة من أطراف إقليمية ودولية، لوقف مسيرات العودة التي تدخل شهرها الثالث على التوالي، وهو ما ترفضه حماس إلا بشروط.
إلى ذلك أشار القيادي في حماس، أحمد يوسف، أن “حركة حماس تنظر لهذه التحركات من دول الإقليم بأنها تأتي ضمن الجهود العربية والدولية، التي تقودها إسرائيل لحث وإقناع حماس على وقف مسيرات العودة، كون هذه المسيرات شكلت حرجا سياسيا وشعبيا لهذه الدول، وكشفت عورتها الإنسانية بعدم قدرتها على إدانة إسرائيل لوقف هذه المجازر التي ترتكبها من حصار وقتل للمدنيين في غزة”.
وأضاف يوسف في حديث لوسائل الإعلام، أن “حركة حماس أرسلت برسائل سياسية للدول المعنية، تشير فيها لرفض حماس اختزال حراك مسيرات العودة بمساعدات إنسانية أو إغاثية قد تشهدها غزة مستقبلا، وفي حال تم طرح هذه القضية، فإن حماس سترحب بهذه المساعدات لأنها ستسهم في كسر الحصار المفروض على غزة، ولكن بشرط ألا تكون هذه المساعدات المالية والإغاثية على حساب الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني”.
وشدد يوسف على أن “مسيرات العودة باتت خيارا نضاليا لن تتوقف مهما بلغت الإغراءات التي تطرحها دول الإقليم؛ لأنها أثبتت أنها الخيار الأقل كلفة لقطع الطريق أمام صفقة القرن”.
دور مصري مرتقب
إلى ذلك شدد مدير مركز أطلس للدراسات الإسرائيلية، عبد الرحمن شهاب، أن “الاستنفار الإسرائيلي على مدار الأشهر الثلاثة الأخيرة منذ بدء مسيرات العودة، يؤكد أن النجاح الذي حققته حماس من هذه المسيرات يستلزم تحركا سياسيا عاجلا من دول الإقليم لإجهاض هذه المسيرات، وقد يكون لمصر دور مهم في تحقيق هذا الهدف نظرا لعلاقتها القوية مع حركة حماس، من خلال استخدام نفوذها السياسي في تقديم عروض أو تسهيلات اقتصادية تثني حماس عن دعم هذه المسيرات”.
وأضاف شهاب في حديث معه أن “هذه التحركات ما زالت في مهدها، وقد تكون من أهدافها تهدئة الشارع في غزة لإحراج حركة حماس أمام المجتمع الدولي في رفضها لأي تحركات سياسية، من شأنها أن تحسن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في غزة”.
صفقة سياسية مرتقبة
واتفق رئيس التحرير السابق لصحيفة فلسطين، إياد القرا، مع سابقه مضيفا أن “حضور قضية غزة بهذه الاجتماعات دون استدعاء حركة حماس لإطلاعها على نتائج وتفاصيل ما تم التباحث فيه، يؤكد أن هنالك شيئا مريبا يجري الإعداد له من قبل هذه الدول خلف الكواليس، قد تكون صفقة سياسية يجري بلورتها من قبل هذه الأطراف لتحسين الأوضاع المعيشية في غزة، بما يخدم المصلحة الإسرائيلية بإبقاء حماس رهينة حصار سياسي واقتصادي، دون الاعتراف بها كجزء لا يتجزأ من الأحزاب السياسية في المنطقة”.
وأضاف القرا في حديث معه أن “التقدير لدى حماس يشير إلى رغبة لديها بالانفتاح على كل الأطراف الإقليمية والدولية، مع تأكيد رفضها لأي محاولة لهدم ما حققته مسيرات العودة من نتائج وإنجازات على مدار الأشهر الثلاثة الأخيرة، لذلك فإنه في حال تقديم عرض حقيقي لحماس فإنها ستدرس هذا العرض بالتشاور مع الفصائل والقوى السياسية في غزة للخروج بقرار موحد، سواء بالاستمرار بمسيرات العودة أو البحث عن أدوات جديدة لإدارة الصراع مع إسرائيل”.
بامكانكم ارسال مواد إلى العنوان : [email protected]